الموادُّ ذاتيَّةُ التَّدميرِ: شكلٌ جديدٌ من إعادةِ التَّدويرِ.!
تشكُّل النِّفاياتُ البلاستيكيَّةُ والهواتفُ المحمولةُ والموادُّ الأخرى غيرُ القابلةِ للتَّحلُّلِ، ملايينَ الأطنانِ منَ النِّفاياتِ الَّتي يُتَخَلَّصُ منها يوميًا . لكنَّ الباحثون وجدُوا طُرقًا لإنشاءِ موادَّ ذاتيَّةِ التَّدميرِ ، وذلك من خلالِ محاكاةِ الطَّبيعةِ.
موادُّ مصنوعةٌ لتدِومَ:
أصبحَ الوَقودُ الحَفريُّ والنِّفطُ الدَّعامةَ الأساسيَّةَ للمُنتَجاتِ الَّتي تشملُ البلاستيكَ والالكترونيَّاتِ والأقمشةَ وغيرَها ، وعادةً لا تتَحلَّلُ مثلَ الموادِّ الطَّبيعيَّةِ من أشجارٍ ونباتاتٍ. فعلى الرَّغمِ من أنَّ النِّفطَ يَنتجُ من خلالِ التَّحلُّلِ البيولوجيِّ للكائناتِ الحيَّةِ ، إلَّا أنَّهُ عندما بدأَ المُصنِّعون في استخدامِ البترولِ لتصنيعِ البلاستيكِ والمنتجاتِ الأخرى، فهُمْ قد أنهَوا بذلك دورةَ هذه الموادِّ في الطَّبيعيَّةِ.
البُروبِّيلين هو أحدُ أهمِّ المُنتَجاتِ المُشتقَّةِ منَ المُنتجاتِ البتروليَّةِ ، والَّذي يتحوَّلُ إلى بولي بروبِّيلين أثناءَ عمليَّةِ التَّصنيعِ (البَلْمَرَة).
تعملُ الحرارةُ والحفَّازاتُ التي يَتمُّ تطبيقُها أثناءَ عمليَّةِ الإنتاجِ على إنشاءِ سلاسلَ من البُولي بروبِّيلين مُرتكزَةً علي الكربونِ وتشكِّلُ روابطَ غيرَ قابلةٍ للتدَّميرِ (في الظروف العادية) ، وبالتَّالي تتوقَّفُ عمليَّةُ إعادةِ التَّدويرِ الطَّبيعيَّة.
الموادُّ ذاتيَّة التَّدمير :
نظرًا لأنَّ معظم الموادِّ الَّتي صنعها الإنسان مستقرِّةٌ عادةً ولا تُبادِل الجزيئات مع بيئتها ، فهي غير قابلة للتَّدمير في الظروف العاديَّة. وعلى الجانب الآخر فإنَّ المادَّة العضويَّة الطَّبيعيَّة تتحلَّل في الطَّبيعة.
دورةُ حياة الموادِّ ذاتيَّة التَّدمير:
محاكاةً لمخلوقات اللَّه تعالى ، أوجد الباحثون في الجامعة التِّقنيِّة في ميونيخ طُرقاً لصنع الموادِّ الَّتي تُدَمَّر ذاتيًّا.
عندما تفتقرُ هذه المنتجات إلى مصادر الطَّاقة ، مثلَ الأدينوزين ثلاثيِّ الفوسفات – وهو إنزيمٌ مساعدٌ يستخدمه الجسم البشريُّ لتحويلِ الجلوكوز من الدُّهون ،والكربوهيدرات والبروتينات إلى طاقة – تبدأ هذه الموادُّ الجديدة ذاتيَّة التَّدمير بالانهيار، بالطَّريقة نفسها الَّتي تتحلَّل بها الموادُّ العضويَّة الطَّبيعيَّة دونَ مصدرِ طاقة. يمكننا أن نعتبرَ هذه الموادَّ الاصطناعيَّة كأنَّها بدأت في الموت.
استخدامات الموادِّ ذاتيَّةِ التَّدمير:
طوَّر العلماء في جامعة ستانفورد خشبًا مزيَّفًا مصنوعًا من بلاستيكٍ قابلٍ للتَّحلُّل الحيويِّ . يمكن للموادِّ البلاستيكيَّة القابلة للتَّحلُّل الحيويِّ أن تحلَّ محلَّ البلاستيك غيرِ القابلِ للتَّلف ، ويمكن استخدام هذا الخشبِ لصنعِ موادِّ البناء والالكترونيَّات القابلة للتَّحلُّل ، وحتَّى الزُّجاجات البلاستيكيَّة الصَّديقة للبيئة.
يمكن – تقريبًا – صنعُ أيَّ منتجٍ مصنوع من مكوِّناتٍ غيرِ قابلةٍ للتَّلف من هذه الموادِّ الجديدة.
التَّطبيقاتُ الطِّبيَّة:
من خلال صنع الموادِّ الَّتي تدمِّر نفسها أو تتفكَّك إلى عناصرها الأوليَّة، يفترض المهندسون والباحثون أنَّهم يستطيعون تحضيرَ موادَّ مناسبةٍ لتوصيل الدَّواء. كما طوَّر الباحثون في جامعة (كاليفورنيا لوس أنجلوس) أيضًا هيدروجيل يعمل على شفاء الجروح بشكل أسرعَ وتجديد الأنسجة.
الموادُّ المصطنعة والصِّحَّة البيئيَّة:
قد ذكرت صحيفة The Guardian في مقال لها في يناير/كانون1ع عام 2017 أنَّ “الاستهلاك السَّنويُّ للزُّجاجات البلاستيكيَّة سيصل إلى نصف تريليون بحلول عام 2021 ، وهو ما يفوق بكثير جهود إعادة التَّدوير، وبالتَّالي تعرُّض المحيطات والسَّواحل والبيئات الأخرى للخطر.
مدَّعيةً أنَّ إدمانَ البلاستيك في العالم أكثرُ خطورةً من تغيُّر المناخ ، لأنَّ للبلاستيك تأثيرٌ سلبيٌّ على كلٍّ من الأرض والصِّحَّة البيئيَّة*.
وذكر المقال أيضًا أنَّ مليون زجاجة بلاستيكيَّة يتمُّ شراؤها كلَّ دقيقة ، مِمَّا يزيد من الأزمة البيئيِّة، لا سيما أنَّ نصف الموادِّ البلاستيكيَّة الَّتي يتمُّ شراؤها فقط هي الَّتي يتمُّ إعادة تدويرها.
*الصِّحَّة البيئيَّة: هي فرعُ العلوم المعنيُّ بدراسة تأثير البيئة على الصِّحَّة.
ترجمة: محمد رمضان
مراجعة: محمود زناتي
تدقيق لغوي: عبدالمجيد قدور