الناعور.
يبدو أن للتخثر نظامًا أيضًا!
قد يظن البعضُ أنّ عملية التخثر عملية بسيطة. فهو يرى الجرح يخرج منه بعض الدم ويجف، فيظن أن الأمر كتجفيف كسرة من الخبز! لكن يبدو أن الموضوع أعقد من هذا بكثير، وأنه يخضع لنظام متقن، وفي حال حصول خلل في أحد مكوناته، ستحدث مشاكل في التخثر، ومنها مرض الناعور الذي سنعرفه. فما الذي تعرفه عنه؟ تابع معنا، بسم الله:
لتعلم أن الناعور (Hemophilia) اضطراب يُبطّئ عملية تخثر الدم، ويعاني فيه المصابون من نزيفٍ لفترةٍ طويلة بعد الإصابة أو الجراحة أو إزالة أحد الأسنان.
ومن الناحية الجينية، يُصنَّف الناعور ضمن الأمراض الوراثية المُتنحِّية المرتبطة بالصبغيّ الجنسي X
(Sexual Chromosome X) حيث يحدثُ بسبب طفرات في مورثات محمولة على الصبغي الجنسي X (وهو أحد الصبغيين الجنسيين عند الإنسان).
وبالتالي تكون احتمالية إصابة الذكور بهذا المرض أكبر من الإناث بسبب أن الذكور يملكون صبغي X واحد، والآخر هو الصبغي Y، أما الإناث فيمتلكنَ صبغيين X وبالتالي، فالإصابة بالمرض عند الإناث يتطلب طفراتٍ في كلا الصبغيين، أما عند الذكور فيكفي أن تصيب الطفرات الصبغي الوحيد X عندهم.
لمحة عامة:
تحدثنا سابقًا عن التخثر، وعمليته المعقدة، وعن شلال التخثر الذي يحصل لينظم عملية التخثر (راجع الفيديو المبسط في التعليقات)
https://mobile.facebook.com/story.php?story_fbid=538975182931007&id=390058721155988&_rdr ).
والناعور هو إصابة عطل أحد عوامل التخثر الداخلة في ذلك الشلال.
أنواعه:
النوعان الأكثر شيوعًا هما الناعور A، والناعور B.
المصابون بالناعور Aلديهم مستويات منخفضة من عامل التخثر الثامن في شلال التخثر. أما المصابون بالناعورB يكون لديهم القليل من عامل التخثر التاسع.
كلا النوعان يحدثان بسبب طفرات في جينات مختلفة، فالطفرة في جين العامل الثامن تسبب الإصابة بالناعور A، أما الطفرة في جين العامل التاسع فتسبب الإصابة بالناعور B. (طبعًا).
والناعورA هو الشكل الأكثر شيوعًا، حيث أن واحدًا من كُلِّ خمسة آلاف إلى عشرةِ آلافٍ من الذكور حول العالم
مصابٌ بالناعور A.
أما الناعور B، فتواتره أقل حيث أن واحدًا من كُلِّ عشرينَ ألفًا إلى حوالي أربعٍ وثلاثين ألفًا من الذكور حول العالم مصابٌ بالناعورB.
الأعراض:
ماذا قد يسبب هذا؟ هل فقط زيادةً في وقت التئام الجرح؟
تتضمن الأعراض نزفًا طويلًا بعد الجروح، أو قلع الأسنان والجراحة، ومعاودة النزيف مجددًا بعد توقف النزيف الأول. لكن ليس هذا فحسب، فهنالك:
*حصول الكدمات بسهولة.
وفي الحالات الشديدة تتجلى الأعراض الأكثر تواترًا بنزيفٍ في المفاصل ومواقع أخرى مثل؛ الأمعاء والدماغ والأنسجة الرخوة، وهذا قد يؤدي إلى خروج الدم مع البراز، أو إلى السكتة الدماغية أو إلى آلامٍ في المفاصل والأطراف. ومن الممكن أن يؤدي النزيف في الأنسجة الرخوة في الأطراف إلى تلف الأعصاب.
والمصابون بالحالات الشديدة من الناعور يمكن تشخيص حالتهم في السنة الأولى من حياتهم، أما متوسطو الإصابة لا يكون لديهم عادةً نزوفٌ تلقائية إلا بعد إصابة، لذا تُشخّص حالتهم عادةً في الخامسة أو السادسة من عمرهم.
أما ذَوو الإصابات الخفيفة لا يحدث لديهم نزْفٌ تلقائي. وإذا لم يُعالجوا، فمن الممكن أن يُعانوا من نزوفٍ أطول عند إجراء العمليات الجراحية أو قلع الأسنان أو الإصابات الخطيرة، وحالاتهم لا تُشخص إلا بعدَ وقتٍ متأخر من حياتهم.
العلاج:
لا يوجد علاج نهائي للناعور ولكنه يعتمد على شدة المرض:
1). يمكن أن يشمل العلاج حَقْنًا بطيئًا لدواء يُدعى ديسموبرسين (Desmopressin) من قبل الطبيب في أحد الأوردة، ويُختصر هذا العلاج ب(DDAVP)، ويساعد على إطلاق عامل التخثر لوقف النَزْف، ويمكن إعطاء هذا الدواء استنشاقًا بالأنف عبر جهاز الرذاذ.
2). أما بالنسبة للمصابين بالناعور بشكل متوسط أو شديد، فسيحتاجون إلى حقن عامل التخثر المأخوذ من متبرعٍ أو من منتجاتٍ معدلةٍ وراثيًا تدعى عوامل التخثر المؤشبة (Recombinant) لوقف النزيف. وفي حال النزيف المحتمل يمكن حقنها وقائيًا قبل بدء النزيف، ويمكن أن يكون الحقن المتكرر ضروريًا إذا كان النزيف الداخلي خطير.
3). ومن ناحيةٍ أخرى، تُستَخدم المعالجة الفيزيائية لتحسين وظائف المفصل الذي تضرر بالنزيف، إلا إذا سببتْ هذه النزوف تلفَ المفاصل، فيضطر المصابون في هذه الحالة إلى تركيب مفاصل اصطناعية.
ويعمل الباحثون على تطوير علاج جيني بديل للناعورِA. والنتائج مشجعة والمُؤَمَّل وجود علاج وراثي للناعور في المستقبل إن شاء الله. دمتم بصحة وعافية. وأدام الله عليكم كل أنظمة جسمكم سليمة.