إنه طريق سريع خارق للمعلومات والذي يسرع التفاعلات بين قطاع سكاني كبير ومتنوع من الأفراد، تسمح للأفراد والذين يمكن أن يكونوا منتشرين على نطاق واسع، بأن يتواصلوا ويساعدوا بعضهم البعض، لكنها تسمح لهم أيضا بإرتكاب أشكال جديدة من الجريمة.
لا، نحن لا نتحدث عن شبكة الإنترنت، نحن نتحدث عن الفطريات. بينما قد يكون عش الغراب أكثر نوع معروف بين الفطريات، ، معظم جسم الفطريات يتكون من كتلة من الخيوط الرفيعة، تعرف بإسم المشيجة. نعلم الأن أن هذه الخيوط تتصرف كنوع من الإنترنت تحت أرضية، تربط جذور النباتات المختلفة، تلك الشجرة في حديقتك على الأرجح مربوطة بشجيرة تبعد عنها عدة امتار بفضل الخطوط الفطرية.
كلما تعلمنا حول هذه الشبكات تحت ارضية، كلما توجب أن تغيرت أفكارنا حول النباتات. فهي ليست جالست هناك تنمو بهدوء، بارتباطها بالشبكة الفطرية بامكانهم مساعدة جيرانهم بمشاركتهم المغذيات والمعلومات، أو تخريب النباتات الغير مرحب بها عن طريق نشر مواد كيميائية سامة خلال الشبكة، هذه “الشبكة العنكبوتية الشجرية” اتضح ان لديها حتى نسختها الخاصة من الجريمة الالكترونية.
حوالي 90% من النباتات الارضية هي في علاقات تكافلية تبادلية المنفعة مع الفطر، ابتكر عالم الأحياء الالماني من القرن الـ 19م ألبرت بيرنارد فرانك مصطلح “الفطريات التكافلية” لوصف هذه الشراكات، والتي يقوم فيها الفطر باستعمار جذور النبتة.
المشيجة الفطرية تنتشر خلال التربة
وقد اطلق على الفطريات اسم “الانترنت الطبيعية للارض”
في الارتباطات الفطرية التكافلية، تزود النباتات الفطريات بالغذاء على شكل كربوهيدرات، في مقابل مساعدة الفطريات للنباتات في امتصاص الماء وتوفير المغذيات مثل الفوسفور والنايتروجين عن طريق الخطوط الفطرية. منذ ستينيات القرن الـ 20م، كان واضحا ان الجذريات الفطرية تساعد النباتات كأفراد على النمو.
تقوم الشبكات الفطرية أيضا بتعزيز “الجهاز المناعي” لنباتات المضيفة لها، وهذا لأنه عندما يستعمر فطر جذور النبات, يقوم بتحفيز إنتاج مواد كيميائية مرتبطة بالحماية. وهي تجعل الجهاز المناعي لاحقا يستجيب بشكل اسرع واكثر فاعلية، ظاهرة تدعى ” الفتيلة”، ببساطة التوصيل بالشبكات الافطورية يجعل النباتات اكثر مقاومة للامراض.
لكن هذا ليس كل شيء، نعلم الان أن الجذريات الفطرية تربط ايضا النباتات التي قد تكون منفصلة على نطاق واسع. أطلق عليها خبير الفطريات بول ستامتس “شبكة الإنترنت الطبيعية للأرض” في محاضرة في TED في عام 2008م، خطرت له هذه الفكرة لاول مرة في سبعينيات القرن العشرين عندما كان يستخدم المجهر الالكتروني، حيث لاحظ ستامتس أوجه التشابه بين الخطوط الفطرية و أربانت “شبكة وكالة مشاريع البحوث المتقدمة” ARPANET النسخة الاولية من شبكة الانترنت لوزارة الدفاع الامريكية.
قد يتذكر محبو الافلام بفيلم جيمس كامرون لسنة 2009م avatar، في قمر الغابات اين تمت احداث الفيلم، كل الكائنات متصلة بعضها ببعض، يمكنها التواصل وادارة الموارد بشكل جماعي، بفضل “نوع من الاتصالات الكهروكيميائية بين جذور الاشجار”، بالعودة إلى العالم الحقيقي، يبدو أن هنالك بعض الصحة في هذا.
لقد أخد تجميع الأجزاء بعضها مع بعض عقودا من الزمن لمعرفة ما يمكن لشبكة الإنترنت الفطرية أن تفعله، بالعودة إلى 1997 وجدت سوزان سمرد من جامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر واحد من أوائل أجزاء الدليل. لقد أظهرت أن أشجار دوغلاس التنوب والبتولا الورقية يمكنها نقل الكاربون فيما بينها عبر الخطوط الفطرية، وأظهر أخرون من ذلك الحين أن النباتات يمكنها تبادل النيتروجين والفوسفور كذلك بنفس ذلك الطريق.
هذه النباتات ليست حقا افراد منفصلة
تعتقد سمرد الأن أن الأشجار الكبيرة تساعد الصغيرة، اليافعة منها باستخدام شبكة الإنترنت الفطرية، بدون هذه المساعدة، تعتقد أن العديد من الشتلات لن تتمكن من النجاة، في دراسة 1997م، الشتلات في الظل، – والتي من المحتمل ان يكون لديها نقص في الغذاء – حصلت على كاربون أكثر من أشجار متبرعة.
هذه النباتات ليست حقا أفراد بالمعنى الذي ظنه “داروين” أنهم كانوا أفراد يتنافسون من أجل بقاء الأصلح” تقول “سمرد”، في الوثائقي “هل تتواصل الأشجار ؟” لعام 2011م “في الواقع هم يحتكون ببعضهم البعض، محاولين مساعدة بعضهم البعض للبقاء.” اذا لو كانت الأمور تمشي على هوى داروين لم يكون وجود لأحد النوعين ! عاشراً: ومع ذلك، فإنه محل جدل الآن؛ كم هي مفيدة هذه المغذيات المنقولة حقا، حادي عشراً أن النباتات بإمكانها أن تذهب لما هو أفضل وأبعد من ذلك، وتتواصل من خلال الخطوط الفطرية، في 2010م، وجد “رن سين تسنغ” من جامعة “جنوب الصين الزراعية” في “غوانجو” أنه عندما تتم مهاجمة النباتات بواسطة فطريات ضارة، تقوم بإطلاق إشارات كيميائية في الخطوط الفطرية والتي تحذر جيرانها، (يا للصدفة) بدلاً من أن النباتات بإمكانها أن تذهب لما هو أفضل، وتتواصل من خلال الخطوط الفطرية، في 2010م، وجد رن سين تسنغ من جامعة جنوب الصين الزراعية في غوانجو أنه عندما تتم مهاجمة النباتات بواسطة فطريات ضارة، تقوم بإطلاق إشارات كيميائية في الخطوط الفطرية والتي تحذر جيرانها.
نباتات الطماطم يمكنها التنصت على الاستجابات الدفاعية لجيرانها
زرع فريق تسنغ أزواج من نباتات الطماطم في أوعية، وسمح لبعضها بتشكيل جذريات فطرية، وبمجرد أن تشكلت الشبكة الفطرية، رُشَت أوراق نبات واحد من كل زوج بفطر يدعى لفحة مبكرة والذي يسبب مرض بنفس الأسم. تم استخدام اكياس بلاستيك محكمة الغلق لمنع أي تواصل بإشارات كيميائية فوق الأرض بين النباتات.
بعد 65 ساعة، حاول تسنغ أن يصيب النبتة الثانية بالعدوة في كلا الزوجين، وجد أن فرصة إصابتها باللفحة المبكرة أقل بكثير، وتلقت معدلات ضرر أقل بكثير عندما أصيبوا به، إذا ما كان لديهم خطوط فطرية.
كتب تسنغ وفريقه “نحن نقترح أن نباتات الطماطم يمكنها “السمع” على الاستاجبات الدفاعية وتقوم برفع مقاومتها للأمراض ضد العوامل الممرضة المحتملة”.
إذن الجذريات الفطرية ليست فقط تسمح للنباتات بتشارك الطعام، بل تساعدهم في الدفاع عن انفسهم.
ليست فقط الطماطم التي تفعل هذا، في 2013م أظهر ديفيد جونسون وزملائه من جامعة أبردين في إسكتلندا أن الفول أيضا يستخدم الشبكة الفطرية لالتقاط اخبار الأخطار الوشيكة في هذه الحالة المن “قملة النبات” الجائعة.
وجد جونسون أن شتلات الفول التي لم تكن تحت الهجوم من قبل المن، لكن متصلة عن طريق خطوط فطرية بتلك التي كانت تتعرض للهجوم، فعلت دفاعاتها الكيميائية ضد المن، اما تلك التي ليست متصلة عن طريق خطوط فطرية لم تفعلها.
قال جونسون بعض أشكال إرسال الإشارات كانت تتم بين تلك النباتات حول آكلات العشب بواسطة المن، وتلك الإشارات كان يتم نقلها خلال الشبكات الافطورية التكافلية”.
لكن ومثل شبكة الإنترنت البشرية، شبكة الإنترنت الفطرية لديها جانب مظلم، تقوض شبكة الإنترنت خاصتنا الخصوصية وتسهل الجرائم الخطيرة، وبشكل متكرر، تسمح لفيروسات الحاسوب بالانتشار، بنفس الطريقة، الروابط الفطرية للنباتات تعني أنهم ليسوا وحيدين بحق أبدا، وأن الجيران الحاقدين يمكن أن يضروهم.
فمن ناحية، بعض النباتات تسرق من بعضها البعض باستخدام شبكة الإنترنت، توجد نباتات لا تملك اليخضور، إذن على عكس معظم النباتات لا يمكنهم إنتاج طاقتهم من خلال عملية التمثيل الضوئي، بعض هذه النباتات مثل السحلبية الشبحية، تحصل على الكاربون الذي تحتاجه من الأشجار القريبة، عبر الخطوط الفطرية التي يتصل بها كلاهما.
سحلبيات اخرى تسرق فقط عندما يناسبهم ذلك، هذه النباتات “مختلطة التغذية” يمكنها القيام بعملية التمثيل الضوئي، لكنها أيضا “تسرق” الكاربون من النباتات الأخرى باستخدام الشبكة الفطرية التي تربطهم.
هذا قد لا يبدو سيئا جدا، ومع ذلك، الجريمة الإلكترونية في النباتات يمكن أن تكون أكثر شرا من بعض السرقات الصغيرة.
النباتات عليها أن تتنافس مع جيرانها من أجل المصادر مثل الماء والضوء، كجزء من المعركة، البعض يطلق مواد كيميائية والتي تضر منافسيهم.
هذا “التضاد البيوكيميائي” هو أمر شائع جدا في الأشجار، بما في ذلك أشجار السنط والميس والدلب الامريكي وعدة أنواع من الكينا (أوكالبتوس)، تقوم بإطلاق مواد والتي إما تقلل فرص النباتات الاخرى في الاستقرار بالقرب منها، أو تقلل من إنتشار الجراثيم حول جذورها.
العلماء المرتابون يشكون في أن التضاد البيوكيميائي يساعد هذه النباتات غير الودودة كثيرا، يقولون أن من المؤكد أن المواد الكيميائية الضارة سيتم إمتصاصها بواسطة التربة، أو تفكيكها بواسطة الجراثيم، قبل أن تتمكن أن تنتقل بعيدا.
لكن قد تتمكن النباتات من التفاف على هذه المشكلة، عن طريق، عن طريق تسخير الشبكات الفطرية تحت الارضية التي تغطي مسافات أكبر، في 2011م بدأت عالمة الكيمياء البيئية كاثرين موريس وزملائها في إختبار هذه النظرية.
انبتت موريس سابقا بارتو، القطيفة الورقية الذهبية في حاويات مع الفطرية التكافلية، إحتوت الأوعية اسطوانات محاطة بشبكة، مع فراغات صغيرة كفاية لابقاء الجذور خارجا لكن كبيرة كفابة لتسمح بدخول الخطوط الفطرية، تم تقليب نصف هذه الاسطوانات بانتظام لإيقاف الشبكات الفطرية من النمو داخلها.
قام الفريق بإختبار التربة في الأسطوانات بحثا عن مركبين اثنين تصنعهم القطيفة الورقية الذهبية، والتي يمكنها إبطاء نمو النباتات الأخرى وقتل الديدان الخيطية، في الأسطوانات حيث تم السماح للفطر بالنمو، مستويات المركبين كانت أعلى بـ 179% و278% عن مستوياتهما في الأسطوانات التي ليس بها فطر، هذا يقترح أن الخطوط الفطرية قامت بالفعل بنقل السموم.
عندها انبت الفريق شتلات الخس في التربة من كلا مجموعتي الحاويات، بعد 25 يوما، تلك التي نمت في التربة الأكثر تشبعا بالسموم وزنها أقل بـ 40% من تلك التي نمت في التربة المعزولة عن الخطوط الفطرية، تقول موريس والتي مقرها الأن في جامعة كزافييه في سينسيناتي أوهايو “هذه التجارب تظهر أن الشبكات الفطرية بإمكانها نقل هذه المواد الكيميائية بتركيز كافي للتأثير على نمو النباتات”.
في المقابل، حاجج البعض أن المواد الكيميائية قد لا تعمل جيدا بنفس القدر خارج المختبر، لدى بحثت ميكايلا اخاتز وزملائها من جامعة برلين الحرة في ألمانيا عن تأثير مشابه في البرية.
احد افضل الامثلة التي تمت دراستها هي شجرة الجوز السوداء الامريكية، حيث تثبط نمو العديد من النباتات، من بينها الأغذية الرئيسية مثل البطاطا والخيار، عن طريق إطلاق مادة كيميائية تدعى جَغلون من اوراقها وجذورها.
وضعت اخاتز وفريقها اوعية حول أشجار الجوز، بعض منها يمكن للشبكات الفطرية اختراقها، تلك الاوعية احتوت تقريبا على اربع مرات من الجَغلون اكثر من الاوعية التي تم تدويرها لابقاء الشبكات الفطرية خرجا، جذور شتلات الطماطم المزروعة في التربة الغنية بالجَغلون وزنت في المتوسط أقل بـ 36%.
بعض النباتات الماكرة بشكل خاص قد تعدل حتى تشكيل المجتمعات الفطرية القريبة، أظهرت الدراسات أن القنطريون المبقع والشوفان البري النحيل والشويعرة الطرية يمكنها جميعا تغيير التشكيل الفطري للتربة، وفقا لموريس، هذا قد يسمح لهم باستهداف الانواع المنافسة بالمواد الكيميائية السامة، عن طريق تفضيل نمو الفطريات والتي يمكن لكليهما الاتصال بها.
الحيوانات ايضا يمكنها استغلال شبكة الإنترنت الفطرية، بعض النباتات تنتج مركبات لجذب البيكتيريا المفيدة والفطريات نحو جذورها، لكن هذه الاشارات يمكن ان يتم التقاطها من قبل الحشرات والديدان التي تبحث عن جذور شهية لتأكلها، في 2012م اقترحت موريس أن تحرك هذه الاشارات الكيميائية خلال الخطوط الفطرية يمكن ان يعلن بغير قصد عن وجود النباتات لهذه الحيوانات، ومع ذلك تقول لم يتم استعراض هذا في تجربة.
كنتيجة لهذه المجموعة المتزايدة من الادلة، العديد من علماء الاحياء بدأو باستخدام مصطلح “الشبكة العنكبوتية الشجرية” لوصف خدمات الاتصالات التي توفرها الفطريات للنباتات والكائنات الحية الاخرى.
تقول موريس “هذه الشبكات الفطرية تجعل التواصل بين النباتات، بما في ذلك تلك التي هي من نوع اخر، اسرع وأكثر فاعلية، نحن لا نفكر بشآنها لاننا نستطيع في الغالب ان نرى فقط ما هو فوق الارض، لكن معظم النباتات التي يمكنك رؤيتها متصلة تحت الأرض، ليس مباشرة من خلال جذورهم لكن من خلال صلاتهم الافطورية”.
شبكة الانترنت الفطرية تجسد أحد اعظم دروس البيئة: الكائنات الحية المنفصلة ظاهريا هي غالبا متصلة، وربما تعتمد على بعضها البعض، يقول لين بودي “عرف علماء البيئة منذ مدة أن الكائنات الحية أكثر ترابطا وتكافلا مما كنا نظن”، يبدو أن الشبكة العنكبوتية الشجرية هي جزء بالغ الاهمية من طريقة تشكل هذه الصلات.
المراجع:
https://www.the-scientist.com/?articles.view/articleNo/38727/title/Plant-Talk/
https://www.bbc.com/earth/story/20141111-plants-have-a-hidden-internet
https://www.npr.org/sections/krulwich/2014/04/29/307981803/plants-talk-plants-listen-here-s-how