تحدثنا في مقالنا السابق عن النزف فوق الجافية وذكرنا أعراضه وصفاته، وكما هو معلوم لكل نزف من نزوف الدماغ ميزات خاصة وأخرى عامة. إذ أكثر ما يميز النزف تحت الجافية الحاد هو أنه أشيع أنواع النزوف القحفية الناتجة عن صدمة، أي أنه إذا أصيب شخصٌ بنزيفٍ قحفي نتيجة صدمة فغالبًا سيكون نزيفًا تحت الجافية. أما ميزة النزيف تحت الجافية المزمن فهي كونه الأشيع عند المسنين.
لذا يجب معرفة: ما هو وكيف يحدث؟ ماهي أعراضه؟ وكيف يعالج؟ وكيف نقي أنفسنا منه؟!
تابعوا معنا لنجيب عن هذه الأسئلة.
بداية نذكركم بأن الأم الجافية هي اسم الغشاء الخارجي من أغشية السحايا المحيطة بالدماغ، تحته الغشاء العنكبوتي، وفي الداخل الأم الحنون الذي يلتصق بالدماغ بشدة.
1) الورم الدموي تحت الجافية “subdural hematoma”:
هو تجمع للدم تحت غشاء الأم الجافية، يحدث نتيجة تمزق أحد الأوعية الدموية بالقرب من سطح الدماغ.
2) ما أسبابه؟ وكيف يحدث؟
• بالنسبة للشباب والأصحاء غالبًا يحدث الورم الدموي تحت الجافية نتيجة إصابة شديدة على الرأس كحادث السيارة مثلاً، فيتجمع الدم تحت الأم الجافية ويضغط على الأنسجة الدماغية، وقد يؤدي إلى أذية دماغية أو الوفاة.
• أما عند المسنين فالأمر مختلف قليلًا، إذ يحدث عادةً بعد إصابة بسيطة للرأس كالسقوط من الكرسي مثلًا!
تكون كمية النزيف أقل وتستغرق زمنًا أطول لتشكل تكتل دموي ضاغط، وتتأخر الأعراض حتى تظهر بعد عدة أيام أو عدة أسابيع من الإصابة!!. ويسمى عندئذٍ النزف تحت الجافية المزمن.
◄ قد تحدث بعض الأورام الدموية تحت الجافية عفويًا بدون أي سبب!!. في حين يزداد احتمال الإصابة في بعض الحالات، مثل:
• تناول الأدوية المميعة للدم.
• تعاطي الخمور والمشروبات الكحولية لمدة طويلة.
• إصابات الرأس المتكررة كتكرر السقوط.
• المرضى الذي يعانون من نوبات اختلاجية.
• الأمراض التي تسبب خللًا في تخثر الدم.
3) كيف يتظاهر هذا النزف؟ وما هي أعراضه؟!
◄ بالنسبة للنزيف تحت الجافية الحاد الناتج عن إصابة شديدة:
• غالبًا يحدث فقدان وعي مؤقت، ويستعيد المريض وعيه خلال دقائق أو ساعات، ثم يعود ليفقد وعيه تدريجيًا.
• صداع حاد ونوبات اختلاجية.
• ضعف في جانب واحد من الجسم.
• تبدلات في الرؤية أو الكلام.
◄ أما بالنسبة للنزف تحت الجافية المزمن، فالأعراض في هذه الحالة قد تستمر لأكثر من شهر قبل التعرف عليها، وتشمل:
• صداع خفيف.
• غثيان أو إقياء.
• تبدلات في الشخصية وفقدان للذاكرة.
• فقدان للتوازن أو صعوبة في المشي.
• رؤية مزدوجة.
• نَمَل أو خدر في الذراعين أو الساقين.
← ولكن يجب الانتباه إلى أن أعراض النزيف تحت الجافية المزمن قد تتشابه مع السكتات الدماغية وأورام الدماغ أو الخرف.
4) كيف نشخص هذا النزف؟
يقوم الطبيب عادة بفحص المريض لتقييم أعراضه ومعرفة القصة المرضية، ثم يطلب في أغلب الحالات إجراء تصوير طبقي محوري (CT) لرأسه لتأكيد التشخيص.
في بعض الحالات قد يلجأ لإجراء رنين مغناطيسي.
5) ماذا عن العلاج؟
• يتطلب النزف تحت الجافية الحاد عناية طبية فورية، وفي معظم الأحيان يلجأ الأطباء لإجراء جراحة طارئة لتصريف الدم المتجمع والسيطرة على النزف.
• في حين يختلف علاج النزف تحت الجافية المزمن حسب شدة النزيف والأعراض الناتجة عنه، ففي الأورام الدموية الصغيرة ذات الأعراض الخفيفة أو المعدومة يكون العلاج بالراحة في الفراش والأدوية ومراقبة وضع المريض. أما في النزوف الكبيرة المترافقة مع أعراض عصبية واضحة يكون العلاج الجراحي هو الخيار الأفضل.
6) نختم مقالنا ببعض النصائح للوقاية من الإصابة بالورم الدموي تحت الجافية:
• احرص دومًا على عدم استخدام الأدوية بدون استشارة الطبيب، فبعض الأدوية كالأسبرين والهيبارين والكلوبيوغريل تزيد من خطر النزيف داخل الرأس.
• إذا كانت وظيفتك تتطلب العمل في مكان عالٍ فاحرص على استخدام معدات السلامة للوقاية من حوادث السقوط، ولا تعمل في المكان المرتفع إذا كنت تشعر بالدوار أو تتناول أدوية يمكن أن تؤثر على توازنك.
• الابتعاد عن شرب الخمور والمخدرات وغيرها… لم يحرم الله أمراً إلا لعلة فيه!.
• افحص نظرك باستمرار، فضعف الرؤية يمكن أن يزيد من خطر السقوط والحوادث الأخرى.
• إذ كنت مسناً فقم بإفراغ المنزل مما قد يسبب لك السقوط، واستخدم عصا أو ما يساعدك على المشي إن فقدت القدرة على المشي بثبات.
دمتم بصحة وعافية.