اليرقان الولادي
موضوع يهمك
يولد بعض الأطفال أحيانًا بلون أصفر، كما لو أنهم مصابون بمرض كبدي، ما يستدعي قلق الأبوين، فما هذه المشكلة؟ وما حلها؟ وهل هناك خطر على الطفل في حال استمرّ الاصفرار؟
إذا أردت أن تعرف الإجابة عن الأسئلة السابقة فتابع معنا…
يُعد اليرقان الولادي أشهر سبب يستدعي الرعاية الطبية للأطفال حديثي الولادة، ويتميز بلون الجلد والقزحية الأصفر، لكن من أين أتى هذا اللون؟
ببساطة عندما تتكسر الكرية الحمراء بعد أن ينتهي عمرها (نعم، لكرياتك الحمراء عمر) يتعامل الجسم مع النواتج، ومنها البيليروبين.
هذه المادة محبة للدسم، فلا تُطرح في البول (يجب أن تكون منحلة في الماء لتطرح في البول). فيقوم الكبد بإجراء تفاعلات كيميائية عليها، حيث يضيف لها مادة أخرى لتصبح منحلة، فيتشكل البيليروبين المقترن بتلك الإضافة، ويُطرح في البول. لكن ماذا لو لم يستطع الكبد القيام بهذه المهمة؟!
حينها يحدث اليرقان.
يحدث اليرقان عندما ترتفع نسبة البيليروبين غير المقترن unconjugated bilirubin إلى أكثر من 18 ملغ/دل، وفي الأغلب تُعدّ ظاهرة طبيعية ولا يوجد لها أي ضرر أو مضاعفات.
تصيب هذه الحالة كثيرًا من حديثي الولادة، وتظهر غالبًا مع بداية اليوم الثاني أو الثالث في الحياة، فإذا ظهرت خلال أول 24 ساعة، أو بعد 4 أيام، يجب فحص المولود فحصًا شاملًا لئلا يكون هناك سبب آخر. وغالبًا ما تختفي بعد أسبوع أو أسبوعين، ولو استمرت أكثر من ذلك، قد يكون هناك أسباب أيضية أخرى لها علاقة بقلة نشاط الغدة الدرقية.
خطورة هذه الحالة تتمثل في:
أنه في بعض الأطفال قد ترتفع نسبة (unconjugated bilirubin) بشدة خاصة مع عدم العلاج وعدم توفير الرعاية المناسبة، وحينها تكون المشكلة… حيث أن هذا المركب سام للأعصاب بل قد يسبب الموت!!
وقد يسبب مرضًا عصبيًا على المدى البعيد اسمه اليرقان النووي Kernicterus، نتيجة ترسب هذا المركب في بعض مناطق المخ، فمن المعروف أنّ البيليروبين غير المقترن (unconjugated bilirubin) مركب محب للدسم مما يعني أنه يستطيع بسهولة عبور الحاجز الوعائي الدماغي والوصول للدماغ.
السبب الرئيسي لتراكم unconjugated bilirubin وبالتالي حدوث اليرقان الولادي:
1- زيادة مستوى البيليروبين في الدم، بسبب تكسير كريات الدم الحمراء الجنينية، حيث تكون بكميات كبيرة جدًا بعد الولادة.
2- بالإضافة إلى أنّ قدرة الكبد على التخلص من هذا البيليروبين الفائض ضعيفة، بسبب ضعف نشاط الإنزيمات اللي تساعد على التخلص منه، وأهمها إنزيما (UDPGT) و (glucuronyl transferase) اللذان يحولان مادة البيليروبين إلى مادة تذوب في الماء، يسهل التخلص منها في البول أو البراز.
أمّا بالنسبة لأهم عوامل الخطورة للإصابة:
1- تكون مرتبطة بشكل أكثر في الجينات في العائلات التي لها علاقة بهذه الحالة وخاصة في أقارب الدرجة الأولى في وجود فقر دم، أو وجود مرض في الكبد أو وجود طفرة في الجينات المسؤولة عن إنزيمات التخلص من البيليروبين.
2- وتكون شائعة أكثر في الأطفال الذين يتم إرضاعهم من الثدي فيما يُسمى breast milk jaundice (والسبب حول هذا غير مفهوم بشكل كامل)
3- وتكون شائعة أيضًا مع قلة التغذية.
4- كذلك تكثر في أطفال الأم المريضة بداء السكري، وتكون شائعة أيضًا في الأطفال المولودين مبكرًا قبيل ميعادهم، وأوزانهم ناقصة، أو تعرضوا لعدوى أثناء الولادة.
والجدير بالذكر أن هذه الحالة أشيع في الذكور من الإناث، وكذلك تكون شائعة في الأمريكيين والآسيويين أكثر من الأطفال الأفارقة.
العلاج:
الشفاء من اليرقان الولادي نسبته عالية جدًا دون أي مضاعفات، إلا أنه بنسبة ضعيفة جدًا قد يتطور إلى اليرقان النووي ويسبب تلفًا للأعصاب في المخ، وهذه الحالات لا تتجاوز نسبتها 3 حالات من كل 100 ألف طفل في أمريكا الشمالية وأوروبا.
ومن أشهر طرق العلاج هو العلاج بالضوء، حيث يقوم بتنشيط الإنزيمات التي تحول البيليروبين إلى مادة تذوب في الماء (البيليروبين المقترن conjugated bilirubin) يسهل التخلص منها.
وأحيانًا يتم اللجوء إلى نقل الدم خاصة إذا تعدت نسبة البيليروبين 428 μmol/l (25 mg/dL)
وهنالك أدوية تُستخدم أيضًا لتسريع التخلص من تلك المادة، منها:
1)Intravenous immunoglobulin (IVIG) at 500 mg/kg
2)Zinc sulfate supplementation
3)Phenobarbital