لا شك أن برنامج مايكروسوفت إكسيل Excel هو من أشهر البرامج المكتبية التي يعتمد عليها الملايين اليوم حول العالم في كل التخصصات – إذ أنه يمتاز بالقدرة الفائقة على عمل الجداول وترتيبها وتنظيمها وإنشاء العلاقات الرقمية والعمليات الرياضية المختلفة بين خاناتها – ولكثرة استخدامه : فقد قام مبرمجوه بتوفير بعض الميزات التفاعلية الفورية مع المستخدمين – يعني مثلا …
ولكن قد تكون بعض هذه الميزات غير مرغوبة أحيانا (مثلا انتهاء اسم الطلبة الذين يبدأوا بإبراهيم وبدء الطلبة باسم أحمد) – فبالطبع ستتدخل ولن توافق على التغيير التلقائي من البرنامج – أيضا عند تسجيل أرقام الهواتف المحمولة أو المنزلية والتي تبدأ عادة برقم صفر : فإن البرنامج قد يلغي الصفر إذا كان مبرمجا على ذلك (لأن الصفر على اليسار ليس له قيمة بدون علامة عشرية) – أو قد يكون طول رقم الهواتف من 10 أرقام والبرنامج مستعد لتسعة أرقام فقط (وهكذا سيتم حذف رقم من الهاتف) – والشاهد والخلاصة :
أن بعض التغييرات التلقائية يجب أن يكون مستخدم برنامج الإكسيل على علم بها حتى يختار إذا كان يوافق عليها أم يعدلها (ومنها مثلا تغييرات تلقائية لتتواريخ ونحوه كما سنرى بعد قليل)
والآن نأتي للمشكلة الكبرى في الخبر الذي سنقرأه الآن – إذ أن الخطأ التلقائي وارد من الباحثين في البيولوجيا والجينات أن يقوم البرنامج بتغيير بعض أسماء الجينات والأكواد للأسف إلى ما يحسبه البرنامج تواريخ ونحوه !! ولكن المشكلة الكبرى هنا هي :
إذا فات ذلك على أصحاب البحث ومقدميه إلى المجلات العلمية أو التطورية الكبرى : فكيف يمر على دكاترة وخبراء ومختصين يقومون بمراجعة هذه الأبحاث فيما يُسمى (مراجعة الأقران أو البيرريفيو Peer-Review) ؟!! ومن ضمنهم مجلة نيتشر Nature راعية التطور الأول في العالم وصاحبة أعلى معامل تأثير ؟!
هذا عنوان للخبر الصدمة من جريدة الواشنطن بوست بتاريخ 26 أغسطس 2016 الماضي:
An alarming number of scientific papers contain Excel errors
الرابط :
https://www.washingtonpost.com/news/wonk/wp/2016/08/26/an-alarming-number-of-scientific-papers-contain-excel-errors/
أكد ثلاثة باحثين في علوم الجينات والصبغات الوراثية أن الأخطار في أسماء الجينات ضمن الدراسات العلمية أصبحت شائعة جدا بسبب خطأ في برنامج الجداول الإلكترونية وهو مايكروسوفت إكسل، وفقا لصحيفة طبية متخصصة.
ويقوم برنامج مايكروسوفت إكسل عادة وهو في الوضع التقائي، بتبديل اسماء الجينات إلى تواريخ وأرقام مع كسور. ويكشف مسح مبرمج لأبرز المجالات الطبية في علوم الوراثة أن قرابة خمس هذه الأبحاث التي يرفق معها جداول الجينات بملفات إكسل تتضمن أخطاء في أسماء الجينات بسبب تحول البرنامج لها إلى أرقام.
ينجم الخطأ الذي سبق أن تم اكتشافه عام 2014 إلى تشابه بين أسماء الجينات والأشهر ومثلا، يتحول اسم الجين سيبتين 2 (SEPT2 (Septin 2)، إلى الثاني من سبتمبر أي 2-Sep، ويتحول اسم الجينات MARCH1 [Membrane-،
Associated Ring Finger (C3HC4) إلى 1 -Mar.
ولا يقتصر الضرر على إفساد الملفات المرفقة مع الأبحاث والدراسات بل يمتد لتخريب كل الموارد التي يعاد استخدامها من خلال هذه الملفات في الأبحاث التالية التي تستند للدراسات والأبحاث التي تضمنت أخطاء إكسل.
وفيما تورد مصادر عديدة أن خطأً في الأرشفة في مجال آخر، أدى إلى تأخر العالم في اكتشاف البنسلين خمسين عاماً، بكل ما يعنيه ذلك من ضياع فرصة إنقاذ ملايين الضحايا الذين كانوا يموتون بأمراض كالالتهاب الرئوي، أو الغرغرينا (في الحروب) أو الأمراض التناسلية كالزهري.، فإن خطأ إكسل هنا قد يكبد قطاع الأبحاث والدراسات الطبية خسائر جمة.
مايكروسوفت دافعت عن إكسل الذي طورته منذ عام 1985، بالقول إنه يمكن تلافي أخطاء إعادة تسمية الجينات بتعديلات في إعدادات التطبيق التلقائية.
وقالت متحدثة باسم الشركة لبي بي سي: “برنامج إكسل قادر على عرض البيانات والنص بالعديد من الطرق المختلفة. والهدف من الإعدادات الافتراضية هو أن تعمل في معظم السيناريوهات اليومية”.
وأضافت: “يقدم إكسل مجموعة واسعة من الخيارات، التي يمكن للعملاء استخدامها لتغيير طريقة تمثيل البيانات الخاصة بهم حسب حاجاتهم”.
وأشارت الدراسة أيضا إلى أن مشكلة تحويل الأسماء في إكسل توجد في برامج أخرى لجداول البيانات، مثل “أباتشي أوبن أوفيس كالك”.
ومع ذلك، لا يوجد هذا الخطأ المتكرر في برنامج الجداول الإلكترونية”غوغل شيتس”.
يقول الباحثون إن المشكلة توجد في “ما يقرب من 20 في المئة من الأوراق” التي جمعت البيانات في وثائق إكسل.
وفحص الباحثون الثلاثة، الذين نشروا الدراسة في معهد “بيكر آي دي آي” الأكاديمي بمدينة ملبورن الأسترالية، 3597 ورقة علمية منشورة لإجراء دراستهم.
ووجد الباحثون أن 704 من تلك الأوراق احتوت على أخطاء في اسم الجينات في الملفات التي تم إنشاؤها بواسطة إكسل.
وقال إيوان بيرني ، مدير المعهد الأوروبي للمعلوماتية الحيوية، إن برنامج إكسل ليس السبب في تلك الأخطاء، مضيفا لبي بي سي: “ما يحبطني هو أن الباحثين يعتمدون على جداول بيانات إكسل في التجارب السريرية.”
وأشار إلى أن مشكلة إعادة تسمية الجينات على إكسل معروفة في أوساط المجتمع العلمي منذ أكثر من عقد من الزمان.
وأوصى بأن ينظر إلى البرنامج على أنه لـ “التحليل العلمي البسيط” فقط.
وقال أحد الباحثين الثلاثة إن الأخطاء توجد على وجه التحديد في ورقة البيانات التكميلية للدراسات الأكاديمية.
وقال لبي بي سي إن صفحات إضافية تحتوي على “بيانات داعمة هامة وغنية بالمعلومات”، وأضاف أن حل هذه الأخطاء كان “مضيعة للوقت”.
وقالت الدراسة إن أول مرة يذكر فيها المجتمع العلمي مشكلة إعادة تسمية برنامج إكسل للجينات بصورة تلقائية كان عام 2004. ومنذ ذلك الحين فإن المشكلة “زادت بمعدل سنوي يصل إلى 15 في المئة” خلال السنوات الخمس الماضية.
.