بشرى: كثرة النسيان قد تكون دليلًا على ذكائك
ليس الذكاء بعقلٍ قلّ أن ينسى
نصف الذكاء بأن تنسى التفاصيلا!!
كثيرون (الطلاب خصوصًا) يشكون من النسيان وصعوبة التذكر، وهذا دأب الطلاب، لكن هنالك أشخاص ينسون كثيرًا مقارنةً مع الناس عمومًا.
في علم الأعصاب يميل البحث في موضوع الذاكرة دائمًا إلى التركيز على الآليات الخلوية المساهمة في تخزين المعلومات، بالمقابل هناك اهتمام قليل جدًا بالآليات المساهمة في النسيان، وكان الافتراض دائمًا أن عدم القدرة على التذكر يكون بسبب فشل هذه الآليات المساهمة في تخزين المعلومات أو تذكرها، لكن يبدو أنَّ الأمر ليس كذلك.
فقد تبين أن الدماغ ليس له آليات للتذكر فحسب، بل له آليات تساعده على النسيان، وذلك لزيادة الذكاء. كيف هذا؟ تابع معنا:
تخيّل معي عزيزي القارئ أنّنا نتذكر كل موقف وكل خطرة تمرّ بنا؟
تخيل أن تتذكر عدد المرات التي نظرت فيها إلى ساعتك، والتوقيت الذي كان حين نظرت!
أو أن تتذكر وجوه كل الناس الذين تراهم في الشارع!
إنّ الفكرة السائدة في علم الأعصاب عندما نتحدث عن الذاكرة هي أن القدرة على تذكر المعلومات هي الشيء الأهم والأساسي، لكن طبقًا لباحثين من جامعة تورنتو Toronto ومستشفى الأطفال (sickkids) فإن نسيان بعض المعلومات قد يكون له نفس أهمية التذكر!!
ماهي هذه الأهمية، وما علاقة النسيان بالذكاء؟
ببساطة يقول الأستاذ المساعد في جامعة تورنتو بليك ريتشاردز: إن الهدف الأساسي للذاكرة هو تحسين عملية اتخاذ القرارات، فمن الضروري أن ينسى العقل التفاصيل غير المهمة ليركز على التفاصيل المهمة التي تحدث في محيطه، حتى تكون القرارات التي يتخذها ملائمةً للعالم الواقعي الذي يعيش فيه.
يقول الأستاذ بول فرانكلاند: لقد وجدنا العديد من الأدلة في الأبحاث الجديدة أنّ هناك آليات تساعد على فقد الذكريات، وهي مختلفة تمامًا عن تلك المساهمة في تخزين المعلومات وتذكرها.
أظهرت الدراسات التي أجريت مؤخرًا وبالتحديد تلك التي قام بها مختبر فرانكلاند أن نمو أعصاب جديدة في منطقة الحُصَين hippocampus يحفز النسيان.
وكان هذا الاكتشاف مثيرًا، حيث أن هذه المنطقة من الدماغ تولّد خلايا جديدة في الأعمار الصغيرة.
وكشف البحث أيضًا عن دور النسيان في الطفولة في تفسير عدم تذكر البالغين للأحداث التي حدثت قبل سن الرابعة.
إذًا… لماذا تستخدم عقولنا طاقة كبيرة في تخزين الذكريات، وأيضًا طاقة كبيرة في محاولة نسيانها؟؟
– يقول ريتشاردز أن هناك سببين وجيهين للغاية يفسران لم قد تريد أن تنسى بعض المعلومات التي مررت عليها:
* السبب الأول: أن المعلومات القديمة أصبحت مهملة وليست بهذه الأهمية حتى نتذكرها، خاصةً في هذا العالم المتغير باستمرار.
* السبب الثاني (المهم): هو أن الوظيفة الأساسية للذاكرة أن تجعلك شخصًا ذكيًا، بمعنى أن تكون قادرًا على صنع القرارات بكفاءة، ولكي تستطيع ذلك لابد أن يكون هناك نسيانٌ لبعض تفاصيل المعلومات المخزنة حتى تكون الأولوية للمعلومات المهمة في اتخاذ القرارات.
– وعقّب ريتشاردز قائلًا: إذا أردت أن تصنع قرارًا فسوف يكون هذا مستحيلًا إذا كان عقلك يتم حشوه باستمرار بالمعلومات غير المفيدة.
ملاحظة: للذكاء أنواع.
ملاحظة 2: ليس حتميًا أن يكون النسيان علامة ذكاء، أي ليس كل من ينسى ذكي للغاية، لكنه مفيد جدًا في هذه الناحية.
دمتم برحمة الله بين تذكّر ما ينفعكم ونسيان ما يجب نسيانه…