بَشرتُك (الجزء الأول)
(السلسلة للذكور أيضًا)
قد تحدثكِ صديقتكِ عن منتجٍ للعناية بالبشرة أعجبها بشدةٍ فتتحمسين لشرائِه، أو ترين إعلانًا عن المستحضر الجلدي الأكثر مبيعًا لشركةٍ مصنعة فتقومين بطلبه مباشرةً، ثم تُفاجئين بعد الاستخدام أن المنتج غير ملائم: سواءً بعدم تحقيق نتائج مُرضية أو حدوث تأثيراتٍ سلبية.
فكما أنّ مقاسًا واحدًا لا يناسب الجميع، كذلك مستحضر واحد لا يناسب جميع الجلود ? كيف؟ ولمَ؟
تابعوا معنا هذه السلسلة لتتعرفوا أكثر على الجلد: تكوينه ووظائفه، وأنواعه، وكيفية اختيار المنتجات المناسبة للعناية به …
بسم الله نبدأ:
معلومات قد تدهشك عن جلدك:
1- ما قد لا تعلمه أنّ الجلد هو العضو الأضخم في الجسم، وهو خط الدفاع الأول ضد الميكروبات والعوامل البيئية ومسؤول عن الإحساس بالمؤثرات الخارجية المختلفة ونقلها للدماغ عن طريق الأعصاب لترجمتها وتحديد وإصدار ردة فعلٍ مناسبةٍ تجاهها؛ يحدث كل ذلك في أجزاء من الثانية!
2- ليس ذلك فقط، إنّ الجلدَ مؤشرٌ عامٌ على الصحة فلونه مثلًا قد ينبّه بوضوحٍ إلى بعض الأمراض، فالبشرة الشاحبة قد تعكس فقر الدم، والبشرة الصفراء قد تشير إلى خللٍ في الكبد، والجلد يقوم بدورٍ هام في ضبط درجة حرارة الجسم بما يفرزه من عرق وعن طريق النسيج تحت الجلدي كما سنستعرض.
3- إنّ جلد الانسان عضو متجدد: يجدد خلاياه شهريًا و تتغير طبيعته مع مراحل العمر؛ أحيانًا للأفضل وأحيانًا للأسوأ، فالجلود بين (عادي- جاف- مختلط- دهني- حساس)، تميل للاعتيادية مع حداثة السن وللجفاف مع تقدمه، وتتأثر فيما بينهما بهرمونات البلوغ ودائمًا بالمناخ، ليس ضروريًا أن يكون جلد الجسم أو الوجه كله نوعًا واحدًا، فقد يتباين من منطقة لأخرى، أما ما يتحكم مباشرةً في تحديد نوع الجلد فهو:
1- كمية المياه التي يحتوي عليها والتي تؤثر على المرونة.
2- كمية الدهون والزيوت والتي تؤثر على الليونة.
3- مدى حساسيته.
فما هي مكونات الجلد المسؤولة عن تلك الوظائف؟
يتكون الجلد من ثلاث طبقات ولكل منها مكونات عدة مسؤولة عن وظائف مختلفة، فهو ليس مجرد طبقة بسيطة كحقيبة من النايلون.
1- البشرة Epidermis (ما تنتظرونه ? ):
هي الطبقة الخارجية من الجلد.هذه الطبقة مسؤولةٌ عن الحماية من العوامل الخارجية بفضل بروتين يُصنَّع في خلاياها القاعدية Basal cells وهو الكيراتين Keratin، نعم لابد أنك سمعت ذلك الاسم من قبل ? ، فذلك هو البروتين الموجود في الشعر والأظافر أيضًا المسؤول عن قوتهما، وهو يحمي الجلد من المواد الضارَّة الكيميائية وكذلك البكتيريا، والبشرة هي واجهة الجلد المسؤولة عن الشكل الخارجي وفيها الخلايا الميلانينية المتحكمة في اللون، تحمل هذه الطبقة أيضًا كمية كبيرة من المياه بداخلها وكلمَّا تقدم عُمر الانسان كُلما قلت قدرتها على الاحتفاظ بالمياه فيصبح الجلد بذلك عرضةً للجفاف.
2- الأدمة (الطبقة المتوسطة) Dermis:
– هي الطبقة الأسمك في الجلد لمكوناتها المتعددة، فهي تضم الخلايا الليفية المنتجة لنوعين أساسيين من البروتينات التي يقل إنتاجها مع تقدم العُمر مثل الإيلاستين Elastin المسؤول عن مرونة وتمدد الجلد والكولاجين Collagen (نعم، ما تسمع عنه في الإعلانات أيضًا ? )، هنا يفرز طبيعيًّا وهو مسؤول عن قوة النسيج الجلدي وشكله المُحدد وشبابه بما يمنع ظهور الخطوط الدقيقة والتجاعيد بمساعدة الإيلاستين.
– تضم هذه الطبقة كذلك بُصيلات الشعر (فمن هذه الطبقة يخرج الشعر)، والأوعية الدموية المسؤولة عن إيصال التغذية والأكسجين (تخيل أن لكل شعرة وريد وشريان يوصل المغذيات لها)، والخلايا اللمفاوية التي تحارب الجراثيم، والأعصاب المسؤولة عن الإحساس والألم، بالإضافة للغدد العرقية التي تنشط أثناء التوتر أو ارتفاع درجة حرارة الجسم فتفرز العرق الذي يتبخر فيعطي شعورًا بالبرودة، تلك الغدد متواجدة في كافة أنحاء الجسم لكنها تكثر في أماكن معينة عن غيرها مثل راحة اليد والكعب والجبهة وتحت الإبط.
– هناك أيضًا الغدد الدهنية المُلحقَة ببُصيلات الشعر؛ ذلك المكون الهام المؤثِر في نوع الجلد عن طريق إفراز مواد زيتية عبر المسام، تحافظ على الجلد من الجفاف وتقلل فقدان المياه من السطح وتقدم حماية للجلد من العدوى البكتيرية أو الفطرية (فالزيت ليس وسطًا محببًا للميكروبات)، وهي مسؤولةٌ عن رائحة الجسم.
3- النسيج تحت الجلدي (الطبقة الداخلية الدهنية) Hypodermis:
يتكون بنسبةٍ كبيرة من الدهون ويقع بين الطبقة المتوسطة والعضلات أو العظام، ويحتوي على الأوعية الدموية الكبيرة التي تنبسط وتتوسع لتحافظ على درجةِ حرارةٍ مستقرة، تحمي تلك الطبقة الأعضاء الداخلية الحيوية ويختلف سُمكها بين المناطق المختلفة في الجسم، فكلما زادت سمكًا بزيادة الخلايا الدهنية بها، كانت المنطقة أكثر عُرضةً لتراكم وتخزين الدهون.
فانظر وتأمل في خلق الله المُحكَم، أجزاء من المليمترات هي مقدار عمق أنسجة متساوية تغلف الجسم بأكلمه، مقسمة إلى طبقات تضم مكوناتٍ دقيقة يعمل كلٌ منها لغرض مُحدد، هذه هي نعمة الجلد فقط التي يدرسها طلبة الكليات الطبية في مقررات على مدار شهورٍ، ومؤلفٌ فيها آلالاف المراجع للإلمام بها ومازالت الأبحاث لا تنتهي ( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ).
تابعونا في المقالات القادمة لتتعرفوا على نوع جلدكم ?