سلسلة #فيزياء_الجسيمات (3)
كيف توصلنا إلى الجسيمات الأولية
————————————————————–
كان أحد الأسئلة : جزاكم الله خيرا ، عندي استفسار وهو كالآتي ( ما هي الوسائل التي اعتمدها ديموقريطس التي توصل بها إلى ما ذكرتموه ) ؟
– لم يتوصل أحد ممن سبق ذكرهم والإشارة إليهم إلى فكرة أو رأي في مسألة علمية عن طريق الرصد أو التجريب – ولكنه استنتاج عقلي تماما يعتمد على ما لديهم من أفكار سابقة ومجرد اطروحات نظرا لما لديهم وما يتوفر عندهم في بيئتهم وعلومهم التي ما زالت مجرد فلسفة وآراء نظرية بحتة وهذا هو حال الفيزياء النظرية الآن .
أضاف جاليليو جليلي (1564-1642 م) Galileo Galili فكرة أن ذرات المواد المختلفة لها أوزان و أشكال مختلفة ، و ظلت هذه النظرية اليونانية على حالها و أنها العلم الصحيح ، رغم أنها لم تقم على التجريب أو الملاحظة أو الاختبار .
بعد جاليليوم قام روبرت بويل Robert Boyle بتطويرالآلية المستخدمة في التحليل الكيميائي ووصف العنصر بأنه مادة يمكن التعرف عليها بالتجربة العلمية ، دون تقسيمه إلى مادة أبسط منه ، وبهذا يعد بويل هو من ربط مبدأ العنصر والذرة بطريقة مناسبة .
ثم أثبت بنيامين فرانكلين (1706-1790 م) Benjamin Franklin وجود الكهربية الموجبة والسالبة positive and negative electricity ، كما قام باثبات أن البرق ما هو إلا تراكم هذه الشحنات الكهربية في السحب ، كما استنتج أن الكهرباء هي مائع رقيق Thin fluid يمكن أن يوجد بزيادة أو نقصان داخل المادة .
لقد تمكن الفرنسي لافوازييه (1743-1794 م) Lavoisier من إثبات أن الهواء يتكون من الأكسجين و النيتروجين ، وأن النار ليست عنصرا من العناصر ، معتمدا بذلك على الأفكار التي اقترحها بويل R . Boyle.
كما أثبت أيضا أن أي شكل من أشكال المادة له كتلة ثابتة constant mass ، وهو مبدأ مفيد للغاية حيث ساعد في الأبحاث التي أجريت على المادة التي تبعته ، وفي عام 1789 قام العالم هنري كافيندش Henry Cavendish بإثبات أن الماء يتكون من الأكسجين والهيدروجين ، وشجع هذا الأمر العلماء على البحث عن عناصر جديدة ، وتم اكتشاف العديد منها خلال العقود التالية ، قام جوزيف براوست (1754-1826 م) Joseph Proust بتحليل عدد من المركبات وأثبت أن العناصر تتحد بنسب محددة – ثابتة – لتكوين المركبات ولاتتغير هذه النسب مهما اختلفت طرق تحضير المركب وهو ما يُسمى بقانون النسب الثابتة (Law of composition or Definite proportions)…..
أخيرا
كأني أرى علامات التعجب على وجوهكم رغم عدم رؤيتي لكم وذلك ، لأننا تجاوزنا ما يقارب ألفي عام و انتقلنا من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن السابع عشر تقريبا ، هكذا وجدت في معظم المصادر و المراجع التي بحثت فيها تقريبا ، فلا ذكر لأي وسيط بين هاتين الفترتين ، وكأن الإلهام انقطع من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن السابع عشر! ..ولا تسألوني كيف !
لا تسألوا كيف انتقلنا من التنظير ومجرد آراء إلى التجريب والرصد وإدخال فكرة الأوزان والأشكال الذرية في العلم بعد أن لم يكن لذلك وجود طيلة ألفي عام ، وفجأة ظهرت دون سابق إنذار ، هكذا كتب هؤلاء التاريخ وهكذا أُريد لنا أن نعرف .
لا تسألوا عن الحضارة الإسلامية فقد أرادوا محو تاريخها من الوجود حتى لم يذكروا مجرد اسمها في مراجعهم هذه إلا في أقل القليل على استحياء مع ظلم بيِن لما كانت عليه ، فهل نجد من هذه الأمة ومتخصصي التاريخ أن يقوموا ويفتشوا في الماضي ويبحثوا في كتب التاريخ ليخرجوا لنا بما قدمه المسلمون وأخفاه القوم عن سبق إصرار ، رغم أنه كان السبب الرئيسي في تقدمهم والصفحة مليئة بمنشورت توضح هذا ، لكن هكذا هم وللأسف !
وهذا ما سنتعرض له في الحلقة القادمة إن شاء الله ، لنرى كيف كان المسلمون هم أساس وأصل كل ما نحن عليه الآن ولولا هم ما كنا لنكتشف الذرة أو المجرة ، فانتظرونا