تحفيز الجهاز المناعي لمهاجمة السرطان.
جائزة نوبل للطب أو علم وظائف الأعضاء لعام 2018!
أعلن معهد كارولينسكا قبل أيامٍ قليلة عن جائزة نوبل للطب ووظائف الأعضاء والتي كانت من نصيب كلٍ من الأمريكي جيمز أليسون والياباني تاسوكو هونجو لجهودهما في بابٍ جديد من أبواب علاج السرطان وهو باب الجهاز المناعي الخاص بالجسم!
وسنشرح في هذا المقال أمورًا مبسطة عن الجهاز المناعي وعما دارت حوله وما توصلت له جهود هذين العالمين.
أولًا: الجهاز المناعي:
يقوم الجهاز المناعي بالدفاع عن الجسم ضد أخطار المسببات المرضية، مثل الطفيليات والبكتيريا والفيروسات وحتى الخلايا السرطانية، لكن إلى حدٍ ما.
ويتكون هذا الجهاز من آليات وخلايا متعددة، لكلٍ منها وظيفتها. ومحل كلامنا في هذا المقال وما دارت حوله جائزة نوبل للطب هذه السنة هو الخلايا التائية (T cells) وهي عضو من عائلة الخلايا اللمفية (lymphocytes) والتي تعد أحد الخلايا المحورية في الدفاعات الخلوية.
ولكن، هل تعمل الخلايا التائية عشوائيًا؟ بالطبع لا! فقد زرع الله فيها أنظمةً مختلفة تنظم عملها، ومن بين هذه الآليات والطرائق هنالك بروتينات تعمل كـ “مكابح” للخلايا التائية، تمنع فرط استثارة الجهاز المناعي فلا يقضي على الجسم، ولا يسبب أمراضًا مناعية ذاتية (autoimmune diseases).
ثانيًا: جهود جيمز أليسون
منذ التسعينات قام هذا العالم بدراسة بروتين يسمى CTLA-4 حيث لاحظ هو ومجموعات بحثية أخرى أن وظيفة هذا البروتين هي كبح الجهاز المناعي، مما دفع هذا العالم إلى التفكير في إمكانية اختراع مضاد معين (antibody) يستطيع إقفال هذا البروتين وبالتالي رفع الكبح عن الجهاز المناعي وزيادة نشاطه فيهاجم الخلايا السرطانية.
وبالفعل وفي نهاية عام 1994 قام هو ومجموعة من المساعدين بأول تجربة على فئران مصابة بالسرطان والتي انتهت بنتائج عجيبة في شفاء هذه الفئران.
استمر جيمز بمحاولة تطوير فكرته وتبنت فكرته مجامع بحثية أخرى انتهت بأول تجربة عملية عام 2010 على مرضى مصابين بسرطان الجلد المتقدم والتي خرجت بنتائج جيدة بصورة غير متوقعة في مرضى هذا النوع من السرطان لم تشاهد من قبل.
ثالثًا: جهود تاسوكو هونجو
تتمثل جهود هذا العالم باكتشاف بروتين على سطح الخلايا التائية، سُمي PD-1، وذلك عام 1992.
وفي سعيه لمعرفة وظيفة هذا البروتين قام تاسوكو بمجموعة من التجارب انتهت بأن هذا البروتين يعمل ككابح للجهاز المناعي أيضًا بصورة مشابهة لـ CTLA-4 ولكن بآلية أخرى، مما ألهم العديد من المجامع البحثية لمحاولة إغلاقه لتخفيف الكبح على الجهاز المناعي والسماح له بمهاجمة السرطان.
وكان أبرز هذه الأبحاث عام 2012، استطاع فيه مجموعة من الباحثين استخدام هذه الطريقة على سرطانات منتشرة، مما قلل من حدتها وأعطى علامات لإمكانية شفائها، وهي من الحالات التي كان يعتقد أنها غير قابلة للشفاء.
رابعًا: الختام
جرت أبحاث عدة على هذين البروتينين والتي بينت أن تأثير كبح الـ PD-1 أقوى من CTLA-4 ولكن في بحث نُشر مؤخرًا تبين أن أفضل النتائج تأتي من كبحهما سويًا.
ولا تزال الجهود مكثفة نحو تطوير هذا الباب الذي يعد نافذة أمل لعلاج الكثير من السرطانات الصعبة من حيث تقليل الأعراض الجانبية وزيادة الكفاءة، حيث أنه وكأي علاج آخر للسرطان قد يسبب أعراضًا جانبية والتي قد تكون مهددة للحياة أحيانًا كرد فعل مناعي ذاتي مثلًا يؤدي لمهاجمة أنسجة الجسم بسبب النشاط المفرط للجهاز المناعي.
وللمزيد من التفاصيل حول السرطان ندعوكم لقراءة سلسلة مقالاتنا التفصيلية عن السرطان .
سلسلة مقالاتنا التفصيلية عن السرطان: 1 2 3 4
إعداد: مصطفى حسن
تدقيق: عبدالرحمن القادري