كشفَ باحثونَ في مجلةِ علوم الروبوتات (Science Robotics) عن خفاشٍ يدعى (بوت Bot) وهو روبوتٌ طائرٌ خفيف الوزنِ على شكل خفّاش ذو أجنحة سِلِيكُونِيّة رقيقةٍ ممتدةٍ علَي هيكلٍ مصنوع من أليافِ الكربونِ ، بمقدُورهِ التحليق والانقضَاض والالتفَاف.
وقال الباحثُ المشاركُ في الدراسةِ، سيث هاتشينسون Seth Hutchinson، والمتخصصُ في علمِ الرّوبوتاتِ بجامعةِ إلينوي في إربانا-شامبين (the University of Illinois at Urbana-Champaign)، في مؤتمرٍ صحفيٍ انعقدَ يومَهُ 31 يناير/كانون الثاني:
إنّ هذَا الروبوتَ المناورَ قدْ تمكنَ يوماٌ ما منَ الطيرانِ عالياً فوقَ مبانِي شاهقةٍ في أَحد مواقع البناءِ، محلقاً بشكل متكررٍ داخل وخارجَ العوارضِ الفولازيةِ للمساعدةِ فى متابعةِ سير المبانِي التي تحت قيدِ الانشاءِ.
وأَضافَ ‘‘سيث هاتشينسون ‘‘ أن الروبوتاتَ الهوائيةَ الأُخرَى مثلَ بعضِ الطائراتِ بدون طيارٍ ليست خفيفةَ الحركةِ وتعتمدُ على أربعِ شفراتٍ دوارةٍ لترتفعَ عالياً عنِ الأرضِ. ونوهَ أيضا على أن هذا الخفّاشَ يواجهُ مشكلةً عندَ التحليقِ أثناءَ هبوبِ الرياحِ، لأنّه يبذُلُ قوّتهُ في اتجاهٍ واحدٍ فقطْ.
ولكن ما يميزُ هذَا الخفّاشَ حقاً أجنحتُه المرنةُ التي تجعلهُ الطيارَ الأكثرَ تنوعاً فِي الإستخداماتِ.
وقالَ المؤلّفُ المشاركُ الآخرُ في الدراسةِ ‘‘سون جو تشونغ ‘‘ Soon-Jo Chung ، أستاذٌ في علومِ الفضاءِ بمعهدِ كاليفورنيَا للتّكنولوجيَا :
” أنّ تحليقَ الخفّاشَ بوت هو الكأسُ المقدسةُ (الغاية الأسمى) للروبوتاتِ الطائرةِ، فهوَ يتمتعُ بأَربعينَ مفصلاً في أجنحتهِ تمنحهُ سيطرةً محكمةً علي المناوراتِ أثناءَ الطيرانِ”.
وقد قام تشونغ وزملائه بإعادة انشاء تسعة من المفاصل الرئيسة ليتمكن الخفاش من رفرفة جناحيه بالتزامن مع بعضهما، وثنيهما بشكل مستقل، وتحريك رجليه الخلفيتين لأعلي ولاسفل ايضا. ويوضح سون جو تشونغ ان الخفاش يزن 93 غراما، بطول 47 سم للجناحين، وبحجم خفاش الفاكهة المصري تقريبا.
وأَشارَ الباحثونَ الى أنّ جهازَ الحاسوبِ وأجهزةَ الاستشعارِ المثبتةِ فوقَ الخفّاشِ تمكّنهُ من ضبطِ تحرُكاتهِ في الجوِ، إلاّ أنّه ما زالَ في حاجةٍ إلى شبكةٍ لكيْ يهبطَ عليهَا، فالإصطدامُ يمكنُ أن يتلفَ أجزَائَه، لذا تمكينهُ من الهبوطِ الآمنِ هي الخطوةُ التاليةُ للفريقِ، كما يأملُ الباحثونَ أن يتمكنَ الخفّاشُ بوت من الثّباتِ في الجوّ سواء كانَ في وضعيهِ معتدلةِ او مقلوبةِ.
والسؤال الآن لماذا يعكف العلماء على تقليد تصميم الخفاش؟ ولعل الإجابة تكمن في دقة تصميمه وروعتهِ وبراعتهِ وكل ما يتعلقُ بهِ، فكلُّ شيءٍ في جسمِ الخفّاشِ مهيأ لمنحهِ القدرةَ على الطيرانِ والمناورةِ والإقلاعِ والهبوطِ تصلُ بمرونة عالية، فلم نسمعْ طائراً يمكثُ في عشّهِ صباحاً لساعاتٍ يراجعَ المئاتٍ من البنودِ التي تضمنُ سلامةَ طيرانهِ، ولا نعرفُ طائراً يحتاجُ للإقلاعِ والهبوطِ إلى مطاراتٍ ومدرجاتٍ وأبراجِ مراقبةِ، فلديهِ نظامُ اتصالٍ وطيرانٍ عجيبٍ، وإنْ هي إلاّ ضربةٌ بجناحهِ وإذا بهِ يبدأُ التحليقَ، ولا يحتاجُ إلى مساحةٍ لهُبوطِه مهمَا بلغتْ سرعةُ انقضاضهُ إلى أكثَرَ من موطئِ قدميهِ، ولا يلزَمهُ صيانة ٌولا قِطَعُ تبديلٍ
هو “صنع الله الذي أتقن كل شيء”.