العقارب عنكبوتيّات ليلية تعيش على العموم منفردة، وتتوهّج بلون أخضر سماوي ساطع تحت الأشعة فوق البنفسجية أو ضوء القمر.
يأتي التفَلْوُر من مادة في طبقة شفافة -وهي طبقة رقيقة جدًا ولكنها شديدة الصلابة- في جزء من الهيكل الخارجي للعقرب يسمى الغشاء (cuticle). وتعد وظيفة هذا التفَلْوُر لغزًا محيِّرًا، فالعلماء غير متأكدين من فائدته لتلك المخلوقات، بعضهم تكهّن أنه يحميها من أشعة الشمس، أو يربك فرائسها، أو يساعدها على إيجاد أقرانها في الظلام.
وقد أظهرت دراسات سابقة أن عيون العقارب الجانبية والوسطية حساسة جدًا للضوء الأخضر (نحو 500 نانومتر)، تليه الأشعة فوق البنفسجية (350-400 نانومتر)، وعند إجراء بعض التجارب على عقارب معصوبة العينين ظهر أن للفَلْورة دورًا فعالًا في اكتشافها للضوء.
وأشارت دراسات أخرى إلى أن العناصرَ الحساسة للضوء في ذيول العقارب حساسةٌ للضوء الأخضر أيضًا، لذلك رأى بعضهم أن الغشاء قد يعمل على تحويل الأشعة فوق البنفسجية إلى لون أخضر سماوي -لأنه يجمع فوتون الجسم كله- وذلك قبل أن ينقل هذه المعلومات -التي قد تُستعمل للكشف عن المأوى- إلى الجهاز العصبي المركزي.
كما ظهرت نظرية أخرى مِن قِبَل (كارل كلوك) عالِم العناكب في جامعة ولاية كاليفورنيا، الذي يرى أن التفلور يساعد العقارب على اتخاذ قرار البقاء تحت الأرض أو الخروج إلى السطح، بناءً على كمية الأشعة فوق البنفسجية التي تشعّ عليها، فبالنظر إلى أن العقارب تتجنب ضوء الشمس عمومًا، والأشعة فوق البنفسجية خصوصًا.. نجدها على سبيل المثال أقل نشاطًا في الليالي المقمرة، وأثناء اكتمال القمر.
ومؤخرًا استخرج فريق من الباحثين مركَّبًا فلوريًا جديدًا من هياكل العقرب الخارجية، ويقول الفريق: إن المركَّب يمكنه حماية هذه العنكبوتيات من الطفيليات.
فعلى الرغم من أن إدراك العلماء لمَيْل العقارب للتفلوُر تحت الأشعة فوق البنفسجية يعود لأكثر من 60 عامًا، إلا أنهم لم يتعرفوا إلا على مركبين فلوريين هما: β-الكاربولين (β-carboline)، و 7-هيدروكسي -4 ميثيل الكومارين (7-hydroxy-4-methylcoumarin ).
لذلك تساءل (ماساهيرو مياشيتا) وزملاؤه عما إذا كانت هناك جزيئات فلورية أخرى ذات خواص كيميائية مختلفة لم تكتشفها الدراسات السابقة. ولمعرفة ذلك استخرج الباحثون مركَّبات من هياكل خارجية منصهرة لعقرب (Liocheles australasiae) باستعمال ظروف كيميائية مختلفة عن تلك المستعملة في التجارب السابقة، وقاموا بتنقية المركَّب الذي يظهر تفلورًا شديدًا، وحددوا بنيته، وكان هذا المركب هو (إستر فثالات) الذي ظهر سابقًا أن له خصائص مضادة للفطريات والطفيليات في كائنات حية أخرى.
على كل حال، مهما اختلفت النظريات حول فائدة التفلور للعقارب.. فإنها لن تختلف في أن فائدته للبشر هي جعل رؤية هذه المخلوقات أسهل في الظلام، وهو أمر جيد لك، سواء كنت تحاول دراستها أو تجنبها!
المصادر:
https://www.sciencedaily.com/releases/2020/03/200304141510.htm1 **
https://www.researchgate.net/publication/256654998_Scorpion_fluorescence_and_reaction_to_light
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/32009395**
https://www.kidsdiscover.com/quick-reads/makes-scorpions-glow-ultraviolet-light/