تهديدٌ جديدٌ تجاه طبقة الأوزون!
يقول دايفيد أورام (David Oram) من جامعة إيست أنجليا (East Anglia): <<إن تآكل طبقة الأوزون ظاهرةٌ معروفةٌ، والشكر لبروتوكول مونتريال الذي عدها مشكلة تم حلها على نطاق واسع>>!
إلا أنّ فريقًا دوليًا من الباحثين بقيادة أورام قد لاحظ خطرًا متزايدًا تجاه طبقة الأوزون بسبب موادّ أُخرى غير مجدولةٍ في تلك المعاهدة.
منذ ثلاثين عاماً، تم الاتفاق في بروتوكول مونتريال على التخلص التدريجيّ من المواد الكيميائيّة التي تدمر طبقة الأوزون، والتي تمثل الدرع الواقي للحماية من التأثير الضار للأشعة فوق البنفسجية في طبقة الستراتوسفير.
وقد ساعدت هذه المعاهدة على التعافي البطيئ لطبقة الأوزون، والحدّ من تأثير الإشعاع الشمسيّ الضار على صحّة الإنسان، لكن زيادة انبعاث المواد المدمرة لطبقة الأوزون والغير مجدولة في البروتوكول يُمثل تهديدًا حقيقيًا يؤثر على تعافي طبقة الأوزون وذلك وفقاً لما ذكره البحث الجديد.
ويوضح أورام -وهو باحثٌ في المركز الوطنيّ لعلوم الغلاف الجويّ في المملكة المتحدة- قائلاً: <<إنّ المواد المعنيّة لم تكن تُعتبر موادّ ضارةً من قبل، حيث كان يُعتقد عموماً أن قصيرة الأمد جداً للوصول إلى طبقة الستراتوسفير بكمياتٍ كبيرةٍ، وتفعل الدراسة الجديدة لكيمياء وفيزياء الغلاف الجويّ الإنذار بشأن الانبعاثات السريعة المتزايدة لبعض هذه المواد الكيميائيّة قصيرة المدى في شرق آسيا، وتبين كيف يمكن أن تنقل لطبقة الستراتوسفير وتدمر طبقة الأوزون>>.
ويقول مات أشفولد (Matt Ashfold) الباحث المشارك في جامعة نونتغام الماليزية: <<إن انبعاثات المواد الكيميائية المستنفذة للأوزون في أماكن مثل (الصين) تضر بشكلٍ خاصٍ، وذلك بسبب التيارات القوية للهواء البارد في شرق آسيا والتي يمكن أن تحمل التلوث الصناعيّ بسرعةٍ إلى المناطق المداريّة>>.
ومن هناك، يرتفع الهواء على الأرجح إلى طبقة الستراتوسفير ، وهذا يعني أن المواد الكيميائية يمكن أن تصل إلى طبقة الأوزون قبل أن تتحلل، أي حينما لا تزال تسبب الضرر.
ويقول أورام: <<إن أحد التهديدات الجديدة هو مركب ( ثنائي كلورو ميثان )، وهو مادةٌ ذات استخداماتٍ متنوعةٍ ما بين تجريد الطلاء إلى التبخير الزراعي وإنتاج المستحضرات الصيدلانية>>.
وقد انخفضت كمية هذه المادة في الغلاف الجوي في التسعينات وأوائل القرن الحادي والعشرين، ولكن على مدى العقد الماضي أصبح مركب (ثنائي كلورو ميثان) أكثر وفرةً حيث وصلت نسبته تقريبًا إلى (60%) في الغلاف الجويّ، وكانت هذه مفاجأةٌ كبيرةٌ للمجتمع العلميّ، وكنا حريصين على اكتشاف سبب هذه الزيادة المفاجئة.
ويتابع قائلًا : <<توقعنا أن تلك الانبعاثات الجديدة مصدرها دول العالم النامي؛ والذي تتزايد فيها عمليات التصنيع بشكلٍ متسارعٍ،
وقد تم تعيين فريق لقياس مقدار التلوث الهوائيّ في شرق آسيا لمعرفة أين كانت الزيادة في نسبة مركب ( ثنائي كلورو ميثان )>>.
ويتابع: <<تشير تقديراتنا إلى أن الصين قد تكون هي المسئولة عن نحو (50% : 60%) من الانبعاثات العالمية الحالية من مركب (ثنائي كلورو ميثان) بجانب دولٍ آسيويةٍ أُخرى مثل الهند>>.
وقد جمع العلماء عيناتٍ من الهواء في ماليزيا وتايوان، وفي منطقة بحر الصين الجنوبي بين عامي ( 2012- 2014 ) وإرسالها إلى المملكة المتحدة (UK) لتحليلها.
ويرصد العلماء بصورةٍ روتينيةٍنحو ( 50 ) مادةً كيميائيَّةً مستنفِذةً لطبقة الأوزون في الغلاف الجويّ، وبعضٌ منها الآن آخذٌ في الانخفاض كنتيجةٍ مباشرةٍ لبرتوكول مونتريال.
ويقول أورام: <<تم العثور على مركب (ثنائي كلورو ميثان) بكمياتٍ كبيرةٍ، وكذلك مركب (1-2 ثنائي كلورو إيثان)؛ وهو مادةٌ أيضًا مدمرةٌ للأوزون وتستخدم في صناعة (PVC ) اختصارًا لمركبات Poly vinyl chloride، وتعد الصين أكبر مُنتجٍ لـ ( PVC )، والذي يُستخدم في العديد من مواد البناء، وقد زاد معدل إنتاجه بسرعةٍ في العقدين الماضيين.
ويقول أورام: <<وجدنا أن تركيزاتٍ مرتفعةٍ من هذه المواد الكيميائية نفسها كانت موجودةً على ارتفاعات ( 12 كم ) فوق المناطق الإستوائية، على بُعد آلاف الكيلومترات من مصدرها المحتمل، وفي منطقةٍ يُعرف أن الهواء ينتقل فيها إلى طبقة الستراتوسفير>>.
ويختم أورام: <<إذا استطاعت المواد الكيميائية التي اُكتشفت الآن بكمياتٍ كبيرةٍ بشكلٍ غير متوقعٍ أن تصل إلى طبقة الأوزون بكمياتٍ كبيرةٍ؛ فإنها يمكن أن تسبب الضرر>>.
ونحن نسلط الضوء على وجود فجوةٍ في بروتوكول مونتريال قد تحتاج إلى معالجةٍ في المستقبل، خاصةً إذا استمرت تركيزات الغلاف الجويّ في الارتفاع.
أعدّه: مصطفى سعد.
قوّمه لغويًا: زين العُمر.
#الباحثون_المسلمون