ما الذي يحمي سطح العين من الجوّ المحيط بها؟ كيف تتحمّل العين الطقوس الجافّة؟
تحوي العين جهازًا صغيرًا جدًّا لكنه دقيق ومعقد، تعرّف معنا على جهاز إفراز الدمع (الغدد الدمعية).
العين حجرة كروية مظلمة، فيها -كالكَمِرات- عدسات وانكسارات ضوئية، لكنها مع ذلك عضويّة مكونة من خلايا؛ لذلك تتطلب حمايةً خاصّة.
لحماية كرة العين لا بدّ من سائلٍ يغطيها ويحميها، يجب أن يكون هذا السائل شفّافًا لكن من دون أن يؤثر على انكسار الضوء بما يخلّ الرؤية، ويجب أن يكون مائيًّا لكنه يجب ألّا يتبخر بسرعة، ويجب أن يكون مغذيًا للقرنية خلفَه (لأنها خالية من الأوعية الدمويّة) لكنه يجب ألّا يكون مناسبًا لعيش الجراثيم والكائنات الممرضة الأخرى!
أودعَ الله فينا سائلًا حاميًا للعين يدعى الدمع، يغطي العين بطريقة مدهشة وعجيبة، شفاف لكنه لا يؤثر على انكسار الضوء؛ لأن قرينة انكسار الضوء فيه مساوية لقرينة انكساره في الأوساط الشفافة في العين.
99% منه ماء، لكنّه -بطريقة سنوضحها في المقال- لا يتبخر بسرعة، وفيه المغذّيات الضرورية للقرنية لكنه قاتلٌ للعوامل الممرضة لاحتوائه على الغلوبولينات المناعية!
جفنا العين يشبهان كثيرًا مسّاحات الزجاج الأمامي للسيارة، والدمع يشبه الماء الذي يُرشّ عليه فتمسحه المسّاحات، مع فارق بسيط: عندما يمسح الجفنان العينَ يتركان طبقةً رقيقةً من الدمع يُطلَق عليها {الفلم الدمعي}.
يتكون {الفلم الدمعي} من ثلاث طبقات هي من الخارج إلى الداخل:
1. الطبقة الزيتية: تمنع تبخر الدمع بسرعة، وتجعل سطح الفلم الدمعي أملسَ مناسبًا للرؤية.
2. الطبقة المائية: وهي الطبقة الرئيسة والأسمك بين طبقات الدمع.
3. الطبقة المخاطية: هذه الطبقة تلصق الدمع بسطح كرة العين.
العجيب أن هذه الطبقات الثلاثة تُفرَز من ما لا يقل عن سبعة أنواع من الغدد!
أشيع هذه الغدد:
1. غدد ميبوميان.
2. غدد زايس.
تُفرزان الطبقة الزيتية، وكلاهما يفتح على حافة الجفن.
3. الغدة الدمعية الأساسية.
4. غدد كراوس.
5. غدد وولفرينغ.
تفرز هذه الغددُ الثلاثةُ الطبقةَ المائية، ويمكن القول اختصارًا بأنها تقع أعلى العين وأمامها.
6. غدد هنلة.
7. غدد مانز.
تُفرزان الطبقة المخاطية، تقع الأولى (هنلة) في الملتحمة الجفنية والثانية (مانز) في الملتحمة البصلية.
توضيح: الملتحمة غشاء مخاطي شفاف يبطن جزء منه الوجه الخلفي للجفن ويدعى بالملتحمة الجفنية، ويغطي جزء آخر القسم الأمامي من الصلبة ويدعى بالملتحمة البصلية.
في غير الحالات المرضيّة، لا تتوقف هذه الغدد عن الإفراز حتى الموت! فالسؤال هنا: كيفَ يُصرّف كل هذا الدمع؟ وأين يذهب؟
الجواب: بنفس مبدأ مساحات السيارة تقريبًا، عندما يتحرك الجفنان يمسحان الفلم الدمعي ويسكبان طبقة زيتية جديدة فوق طبقة مائية جديدة أيضًا، أما السائل القديم فيمكن أن نقول: فتسحبه وتمتصه فتحتان صغيرتان تقع إحداهما أقصى أُنسيّ الجفن العلوي والأخرى تقابلها على السفلي [كلمة أنسي تعني إلى الناحية القريبة من الخط الناصف للجسم، عكسها وحشي: بعيدًا عن الخط الناصف للجسم].
هاتان الفتحتان موصولتان بطريق من الأَقْنيَة -مرورًا بالكيس الدمعي- إلى الصماخ السفلي لجوف الأنف، لينسكب الدمع إلى جوف الأنف ويُعامَل معاملة المخاط الأنفي، إما أن يبلع وإما أن يخرج إلى خارج الجسم.
هذا الجهاز عجيب الدقّة كلّه موجود في جفنين صغيرين! {فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (14) سورة المؤمنون.
المراجع:
1. https://www.healthline.com/health/what-are-tears-made-of#uncontrollable-tears
2. https://vismed.trbchemedica.co.uk/business-professionals/understanding-the-tear-film/the-distribution-system