هذا الجهاز الجديد المنحوت بدقة بالغة على يد (بول باركلي) وفريقه من الفيزيائيين، متناهٍ في الصغر إذ لا يمكن رؤيته إلّا تحت المجهر، غير أنَّ هذا القرص الدقيق المصنوع من الألماس يُتوقع أنْ يؤدي إلى تقدم هائل في مجال الحوسبة والاتصالات، وفي غيرها من المجالات.
تمكن (باركلي) وفريقه البحثيّ، وبمبادرة من معهد (جامعة كالجاري University of Calgary ) لعلوم وتقنيات الكم، والمعهد القومي للتقنيات متناهية الصغر (النانوتكنولوجي) من صنع أول مرنان ميكانيكيّ وضوئيّ [ المرنان: عبارة عن تجويف لتضخيم الموجات وتكثيفها ] متناهٍ في الصغر من قطعة واحدة من الألماس. وتمكن الباحثون أيضاً – عن طريق اقتران الضوء والحركة الميكانيكيّة في الجهاز – من قياس الموجات والاهتزازات الميكانيكيّة عالية التردد طويلة الأمد، والناجمة عن حبس طاقة الضوء وعكسها وتضخيمها داخل التجويف البصريّ للجهاز.
يقول (باركلي)، رئيس الفريق، والأستاذ المساعد في كلية العلوم بالجامعة: «إنّ مثل تلك الأجهزة الضوء ميكانيكية، توفر منصة فعالة لاختبار السلوك الكميّ للجزيئات متناهيّة الصغر. يمكن أنْ تكون لهذه الأجهزة العديد من التطبيقات المحتملة أيضا ، بما في ذلك تقنيات الاستشعار عن بعد، وتقنيات تحويل لون الضوء، وتقنيات الحوسبة الكميّة».
تعمل تقنيات الكمّ الضوئيّة متناهية الصغر على تطوير دوائر متناهية الصغر لمعالجة الضوء [حوالي 100 مرة أصغر من سمك شعرة الإنسان]. فبدلا من رقائق السيليكون العادية التي تستخدم التوصيل الكهربي عبر الأسلاك -كما في الحاسبات التقليديّة والهواتف المحمولة- تعمل التقنيات البصريّة على نقل الضوء داخل الجزيئات.
إنَّها تشبه تكنولوجيا الألياف الضوئيّة، ولكن، على نطاق أصغر بكثير، ويحتمل أنْ تكون أكثر تعقيدا، مما سيسمح بنقل المعلومات بشكل أكثر كثافة وأكثر كفاءة.
تعدُّ تلك التقنيات هدية للباحثين أيضاً؛ لتساعدهم على استكشاف أنظمة وقواعد جديدة لفيزياء الكم، مثل طبيعة المادة والطاقة على المستوى الذريّ ودون الذريّ.
يضيف (باركلي) : «إنَّ القدرة على حبس الضوء في حجم متناه في الصغر داخل التجويف البصريّ يخلق كثافة كهرومغناطيسيّة عالية من كميات ضئيلة من الضوء، وهو بذلك يقوم بتضخيم التفاعلات الضوئيّة، والتفاعل بين الضوء والمادة أيضاً ، الأمر الذي تستحيل دراسته غالباً في الظروف العادية ».
استخدمت مجموعة (باركلي) الألماس لعمل القرص المجوف الصغير، والذي يبدو كالقرص المستخدم في لعبة هوكي الجليد، ولكن بحجم مجهريّ، مع وضع دعامة داخل القرص على شكل عمود صغير جداً على شكل الساعة الرمليّة في مركز القرص، ثم استخدمت مجموعة البحث الموجات الضوئيّة لعمل ذبذبات داخل القرص يصل ترددها إلى نطاق الجيجاهيرتز، وهي نفس الترددات المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر ونقل الهاتف الخلويّ.
يضيف (باركلي) «هذا يُظهر أنَّ للألماس الكثير من الإمكانيات كمادة لصنع التذبذبات الميكانيكيّة في هذا النطاق. تخيل: طرق شوكة رنّانة مصنوعة من الألماس؛ سوف تقوم باهتزازات عالية التردد ولوقت طويل جداً. هذا سيساعدنا على دراسة وقياس تلك التداخلات الكمية الدقيقة جداً».
الباحثان: (ماثيو ميتشيل) و (وبهزاد خناليلو)، دارسا الدكتوراه في الجامعة، قاما بتصنيع القرص من رقاقة ألماس صناعيّة ومتاحة تجاريّاً، كما قاما أيضاً بتصميم نظام قياس الضوء والاهتزازات الميكانيكيّة داخل القرص. استخدمت المجموعة، التي شملت أيضاً : طالب الدكتوراه (ديفيد ليك)، وطالب الماجستير (تاميكو ماسودا) بالإضافة إلى باحث ما بعد الدكتوراه (جى.بي. هادن) مرافق وأجهزة المعهد الوطني لتقنيات النانو (NINT) ومختبر جامعة (ألبرتا) لتقنيات النانو.
يقول الباحث (ماثيو ميتشيل):
« إنَّ اختراعنا في جوهره يفتح آفاقاً جديدة لتصنيع الأجهزة الضوئيّة والميكانيكيّة من رقاقات الألماس، إنَّه يحمل وعوداً كبيرة لتحقيق منصة داخل تلك الرقاقات متناهية الصغر للسيطرة على تفاعلات الضوء والجسيمات».
.