يكثر أن تسمع أنّ فلانًا لديه حساسيّة من غبار الطلع في موسم الربيع، وآخر لديه حساسيّة من الغبار والعث المنزلي، وغيرها من المحسسات لترى المريض يتجنب تلك المحسسات. لكن هل سمعت يومًا أنّ فلانًا يقول لك أعتذر عن شرب كأس الحليب هذا فلديّ حساسيّة تجاهه! لكن هل الجهاز الهضميّ يتحسس؟! كيف؟ ومن ماذا؟ وما هي الأعراض التي ستظهر عندئذ؟
__#حساسيّة_الحليب Milk Allergy
حساسية الحليب: هي استجابةٌ غير طبيعية لجهاز المناعة في الجسم عند تناول الحليب والمنتجات التي تحتوي على الحليب. وهي من أكثر أنواع الحساسية الغذائية شيوعًا عند الأطفال. صحيح، عادةً ما يكون حليب البقر هو السبب المعتاد، ولكن حليب الأغنام والماعز والجاموس وغيرها من الثديّات يمكن أن يسبب رد فعلٍ مشابهٍ لحليب البقر.
——————————————-
__#ماذا_لو شرب الحلييب؟!
تختلف الأعراض من شخصٍ لآخر، وتظهر بعد بضعةِ دقائق أو بضعة ساعات من شرب الحليب أو أي من المنتجات الحاوية عليه. من ضمن العلامات والأعراض الفورية لحساسية الحليب:
• الشرى: نوع من الوذمات الجلدية.
• الحكة أو الشعور بالوخز حول الشفتين أو الفم.
• تورم الشفتين أو اللسان أو الحلق.
• السعال أو صعوبة التنفس.
• القيء.
• الأزيز (من الأصوات المرضيّة في إصغاء الصدر).
ومن الأعراض المتأخرة:
• الإسهال، والذي قد يكون مدمّى.
• سيلان الأنف.
• الدّماع.
• المغص البطني.
——————————————-
__#لمَ_أتحسس؟
السبب يعودُ لخللٍ في الجهاز المناعي. حيث يتعرّف الجهاز المناعي على بروتينات معينة في الحليب على أنها مواد ضارة، فينتج أجسامًا مضادة من النوع (IgE) لمحايدة تلك البروتينات. وعند التعرض الثاني لتلك البروتينات، يتعرف عليها الجهاز المناعي من خلال الذاكرة المناعيّة، فيطلق “الهيستامين” ومواد كيميائية أخرى استجابةً لها. ليظهر نتيجةً لذلك سلسلة من العلامات والأعراض.
? #عوامل_الخطر:
• التهاب الجلد التأتبي: إنّ الأطفال المصابين بالتهاب الجلد التأتُّبي معرّضون بشكل أكبر للإصابة بحساسية الطعام.
• التاريخ المرضي في العائلة: ترتفع احتمالية إصابة الشخص بحساسيَة الطعام في حال كان أحد الوالدَيْن أو كلاهما مصابًا بأحد أنواع حساسيَة الطعام، أو أي نوعٍ آخر من الأمراض التحسُّسيَّة؛ كحُمَّى القش أو الربو أو الشرى أو الأكزيما.
• العمر: تنتشر حساسية الحليب بشكل أكبر لدى الأطفال. حيث تقل احتمالية تفاعُل أجسادهم مع الحليب كلما كبروا ونضجت أجهزتهم الهضمية.
• وجود أمراض تحسسية أخرى.
——————————————-
__#الحساسيّة_المفرطة (التّآق):
وهو ردُ فعلٍ مهددٌ للحياة، يمكن أن يُسبب تضيّقًا في الطرق الهوائية وصعوبةَ التنفس. يأتي الحليب في المرتبة (الثالثة) بعد الفول السوداني والجوز لأكثر الأطعمة شيوعًا والمتسببة في الحساسية المفرطة.
التّآق هو حالة طبية طارئة تتطلب التدخل الفوري والتدبير في المشفى. وفي هذه الحالة، تظهر العلامات والأعراض بعد تناول الحليب مباشرةً، وقد تتضمن ما يلي:
• تضيقًا في الطرق الهوائية: فيصبح الحلق متوذّمًا، مما يسبب صعوبة في التنفس.
• احمرار الوجه.
• الحكة.
• فقدان التوازن مع انخفاض ملحوظ في ضغط الدم.
——————————————-
__#التشخيص:
يكونُ التشخيص من خلال الفحص الطبي والسؤال عن الأعراض السريرية، وقد تُجرىٰ بعض الاختبارات:
• اختبار الجلد: يتم وَخزُ الجلد، ويتم تعريضه لكميات صغيرة من البروتينات الموجودة في الحليب. سيُبدِي الجلد طفحًا مكان الوخز. وذلك في حال وجود الحساسية. لكنّه ليس دقيقًا في تحديد حساسيّة الحليب.
• اختبار الدم: من خلال قياس كمية الأجسام المضادة في الدَّم من نوع (IgE). وكما السابق، دقّته ليست كافية.
• اختبار الطعام: يُطلب من الشخص ألا يأكل أو يشرب أي شيء مصنوع من الحليب لفترة من الوقت -عادة بضعة أسابيع-. بعد ذلك، أثناء الاختبار، يأكل الشخص الأطعمة التي تحتوي على الحليب تحت إشراف الطبيب. إذا عادت الأعراض بعد تناول منتجات الحليب، فمن المؤكد تمامًا أن الشخص يُعاني من حساسية تجاه الحليب.
——————————————-
__#هل_ثمة من علاج؟
الطريقة الوحيدة لتجنّب حساسية الحليب هي تجنّب تناول الحليب وبروتيناته. بسيطة ?
قد يكون ذلك صعبًا، لكون الحليب مكوِنًا في الكثير من الأطعمة. إلا أن بعض المصابين بحساسية الحليب يستطيعون تناول بعض أنواعه، كالحليب الموجود في المخبوزات، أو في بعض الأطعمة المصنَّعة، كاللبن. وبرغم اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة، فما يزال الشخص مُعرَّضًا لتناول الحليب بالخطأ، وفي هذه الحالة يصفُ الطبيب بعض مضادات “الهيستامين” لعلاج ردّ الفعل التحسُّسي البسيط.
أما إذا كان رد الفعل شديدًا، أي حالة (التَّآق)، فهنا يحتاج المريض لحقنة فورية من الإبينيفرين (الأدرينالين)، والتوجه للمستشفى. وهنا ننوّه أنه في حال كان هنالك احتمالية الإصابة برد فعل تحسُّسي شديد، فسينصحك الطبيب بحمل حقنة “الإبينيفرين” طوال الوقت لاستعمالها في حالة الطوارئ.
——————————————-
__#الوقاية:
لا يوجد طريقةٌ أكيدةٌ لمنع ظهور حساسية الطعام، ولكن يمكنك منع ردود الفعل بتجنُّب الأطعمة التي تسببها. ومن طرق الوقاية:
1). اقرأ ملصقاتِ الأطعمة بعناية. ابحث عن “الكازئين”، وهو أحد مشتقَّات الحليب الذي قد يتواجد في بعض الأماكن غير المتوقَّعة، مثل التونة المعلبة أو المنتجات غير اللبنية.
2). اسأل عن المكوِّنات أثناء طلبكَ للطعام في المطاعم.
3). بالنسبة للرضيع الذي يتحسس من الحليب، فمن الممكن أن تعبُرَ بروتينات حليب البقر التي تشربُها الأم عبر حليب الرضاعة الطبيعية، وقد تتسبب في حدوث تفاعل أرجي لديه. فيجب استشارة الطبيب عندما تشتبه الأم بوجود أي من أعراض التحسُّس من الحليب.
4). الاعتماد على بدائل الألبان بالنسبة للأطفال الذي يعانون من حساسية الحليب، فلدى الرُّضّع حتى عمر السنة يمكن الاعتماد على:
– الصيغ المعتمدة على الصويا.
– صيغة من حليب البقر تتم معالجتها بأنزيمات لتتحلل معظم البروتينات الموجودة، وهو الخيار المفضل بحال وجود تحسس لحليب البقر دون حالة تأقيَة.
– صيغة تعتمد على بروتين الأرز: وهي حل بديل في حال عدم تحمل الصيغتين السابقتين. ولا يمكن استخدامها في حال وجود متلازمة التهاب الأمعاء والقولون الناجمة عن البروتين لدى الطفل.
– صيغة معتمدة على الحموض الامينية.
?ملاحظة: أما الأطفال بعمر أكبر من سنة، فيتم وصف حليب الصويا أو حليب الأرز المعزز بالكالسيوم، أو غيرها من الأنواع اعتمادًا على حالة الطفل، ومن المهم التأكد من كون هذه البدائل حاوية على العناصر الضرورية لنمو الطفل.
——————————————-
__#وأخيرًا:
– علينا التفريق بين الحساسية من الحليب، وبين عدم تحمّل اللاكتوز الناجم عن نقص في اللاكتاز، وهو إنزيم تُنتجه الخلايا في بِطانة الأمعاء الدقيقة، مسؤول عن استقلاب اللاكتوز (وهو أحد السكريات الموجودة في الحليب)، فتنتج عن هذه الحالة بعض الأعراض الهضميّة كالغازات والانتفاخ والإسهال بعد تناول الحليب.
– فسبحان الله، خللٌ بسيطٌ جدًا في نظام مودع في جسم الإنسان حرمَهُ من بعض متع الدنيا التي لا يشعر بها الناس. {{وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}}، [النحل: 18]. ونذكِّر المصابين بها أن الدنيا دار ممر لا دار مُسْتَقَرّ، فإن شكرتم فلكم الأجر. وعسى أن تخفّ أو تختفي الحساسية عندكم قريبًا.
أدام الله الصحة والعافية عليكم جميعًا??