حقائق مثيرةٌ للدهشة عن الثقب الأبيض (1)
كلنا سمعنا عن الثقوب السوداء ونعرف أنها صعبة الفهم إلى حدٍّ ما، ولكن الثقوب البيضاء أصعب.
الثقب الأبيض هو جسمٌ سماويٌّ افتراضيٌّ يُصدر الطاقة بطريقةٍ معاكسةٍ للثقب الأسود والذي يجذب كلّ شيءٍ يدخل أفق الحدث الخاص به حتى الضوء لا يفلت منه، يعني ببساطةٍ الثقب الأبيض هو عكس الثقب الأسود!!! وفسّر الماء بعد جهدٍ بالماءِ.
يُطلق على الثقب الأبيض (الاحتمال المستحيل) لأنه مجرّد مفهومٍ رياضيٍّ نظريٍّ لم يستطع أحدٌ رصده بعد، لا داعي أن تحك رأسك الآن وإليك بعض النقاط ربما تعطيك صورةً أفضل عن شكل الثقب الأبيض على أمل في نهاية هذه القائمة نكون قد تعلمنا الكثير عن هذه الظاهرة الفريدة.
1- الثقب الأبيض مقابلٌ مكانيٌّ للثقب الأسود:
قلنا أن الثقب الأسود يسحق كلّ شيءٍ يدخل أفق الحدث الخاص به، لدرجةٍ أن الضوء الذي يدخله يتمدد طوله الموجيّ إلى اللانهاية حيث إن زمن وصوله إلى حدود أفق الحدث يصبح بطيئًا جدًا، فما بالك بالنسبة لمراقبٍ خارجيٍّ.
افترضْ أن الثقب الأسود هو بوابة الدخول إلى اللانهاية، على هذا الافتراض يكون الثقب الأبيض هو البوابة الخلفيّة إلى اللانهاية، أي إن الثقب الأبيض هو المكافىء المعاكس للثقب الأسود، وهذا الافتراض يتفق مع كلٍّ من النسبية العامة لأنشتاين وقوانين الفيزياء الكلاسيكية (قوانين نيوتن)، بمعنى آخر لو سألنا عن الحلول الرياضيّة للمعادلة x^2=1
هناك حلّان x =+1 هو للثقب الأسود و x =1- هو الحل الخاص بالثقب الأبيض.
على هذا يمكن وصف الثقب الأبيض كاحتمالٍ بعيد المنال رياضيًا حيث يمكن اعتبار الثقوب البيضاء فانتازيا الخيال العلميّ إلى حدٍّ يُشبه الحديث عن مزيجٍ من الكابتن ماجد وألس في بلاد العجائب.
2- وبضدّها تتمايز الأشياء:
إذا اعتبرنا أن الثقب الأسود هو المكان الذي يمكنك الدخول إليه بلا رجعةٍ فإن الثقب الأبيض هو المكان الذي يمكنك الخروج منه بلا عودةٍ، يعني أن تريد أو لا تريد، عندك طريقٌ باتجاهٍ واحدٍ!
وبالرغم من أننا نملك الكثير من الأدلة العلميّة على وجود الثقوب السوداء إلا أننا نكاد لا نملك شيئًا عن وجود الثقوب البيضاء رغم أنها حلولٌ منطقيّةٌ لمعادلات النسبيّة العامة، فإذا وصفنا الثقوب السوداء بأنها حقيقةٌ فإن الثقوب البيضاء خياليّةٌ افتراضيّةٌ غير واقعيّةٍ.
3- ولادة الثقب الأبيض:
معظم الثقوب السوداء تتشكل عندما تنهار النجوم العملاقة في انفجار سوبر نوفا، على هذا يفترض أن الثقوب السوداء ستنتهي حياتها عن طريق التحول إلى ثقوبٍ بيضاء التي بدورها ستنفجر لتسكب المعلومات التي ابتلعها الثقب الأسود.
حسب هذا النموذج المقترح: عندما ينهار نجمٌ عملاقٌ تحت تأثير الجاذبية متحولًا إلى ثقبٍ أسود محميٍّ بأفق الحدث الخاص به فإنه يصل إلى نقطة إشباعٍ لا يمكن أن يبتلع أكثر من ذلك. في هذه اللحظة، فإنه يختبر ضغطًا خارجيًا يتحول معه الثقب الأسود إلى ثقبٍ أبيض، وعلى النحو الذي خلصت إليه حسابات الفريق، ينبغي أن يكون التحول آنيًّا، إلا أن الحقيقة تبدو غير ذلك فإن الثقوب السوداء موجودةٌ لمليارات السنين بسبب سحب الجاذبية المكثفة، الأمر الذي يجعل الوقت يبدو بطيئًا جدًا بالنسبة إلى مراقبٍ خارجيٍّ.
وفي مقالٍ في مجلة (ناتشر) إذا تحولت الثقوب السوداء إلى ثقوبٍ بيضاء وأطلقت سراح كل شيءٍ من جديد، فإن هذا يمكن أن يوفّر حلًّا لأحد الأسئلة الأكثر إثارةً وتعقيدًا في الفيزياء وهي مفارقة المعلومات الضائعة في الثقوب السوداء (Black Hole Information Paradox)، ومع ذلك في هذه الجملة، فإن كلمة (إذا) هنا أمرٌ بالغ الأهمية، لأنه يذكرنا أن الثقوب البيضاء لا تزال مفاهيم افتراضيّةً إلى حدٍّ كبيرٍ، وأن هذا الاقتراح هو مجرد نظريّةٍ.
4- الثقوب البيضاء في الثقافة الشعبيّة:
جمال الثقوب البيضاء ليس فقط من نضارة اسمها بل إنها ظاهرةٌ مثيرةٌ للخيال نابضةٌ بالحياة ملهمة للكتاب والمخرجين.
5- الثقوب البيضاء تخرق القانون الثاني للديناميكا الحرارية (الثرموداينامك):
وفقا للقانون الثاني للديناميكا الحرارية فإن اعتلاج الكون (العشوائية) يتزايد بشكلٍ دائمٍ، هذا الأساس العلميّ يقضي على فكرة إمكانية وجود ثقبٍ أبيض، لأنه إذا كانت هناك ثقوبٌ بيضاء فإنها تنتهك القانون الثاني للديناميكا الحرارية والذي ينص على أن حالة الانتروبية في الكون كله، كنظامٍ معزولٍ، ستزداد بشكلٍ دائمٍ بمرور الوقت، والثقوب السوداء تعمل بشكلٍ متفقٍ مع هذا القانون، لأن الثقوب السوداء تبتلع الأجرام السماويّة على مر الزمن، فتفتت مادة الكون مضيفةً مزيدًا من الفوضى.
لكن الثقوب البيضاء، من الناحية النظرية ستفعل العكس تمامًا، فإنها تجلب الأشياء أو المواد المتناثرة إلى حالةٍ من الترتيب، مما يتعارض مع القانون الثاني، وبطبيعة الحال، فإنّ أيّ ظاهرةٍ تنتهك مثل هذا القانون المتفق عليه ستكون بالتأكيد غير مستقرةٍ إلى حدٍّ كبيرٍ، ومن ثم لن يكون من المرجح وجودها لأكثر من بضع ثوانٍ، إذن،
كيف يمكن أن يتشكل الثقبٌ الأبيض؟ هذا ما سنعرفه في القسم الثاني من المقالة.