حمار لافونتين ..!! قصة رائعة .. اقرأوها معنا .. ثم اقرأوا نبذة عن فن قصص الحيوانات ..
القصة من كتاب الشاعر الفرنسي جان دو لافونتين Jean De La Fontaine الشهير بـ (قصص لافونتين) Les fables – وهي بعنوان : الحيوانات المريضة بالطاعون Les animaux malades de la peste
وتدور حول اجتماع الحيوانات بأمر الأسد ملك الغابة لتتباحث في أمر مرض الطاعون القاتل الذي نزل بهم كعقوبة من الله لانتشار الذنوب والجرائم على الأرض – حيث كان الغرض هو التضحية بالمذنب حتى يرضى الله ويرفع عنهم ذلك البلاء
فكان الأسد أول (المعترفين) حيث قالها بصراحة ودون تردد : قد أكلت الخراف والشياه وكثيراً ما كنت أتبعها بأكل الراعي أيضا ..!! أصدقوني القول : هل أنا مذنب؟ فانبرى له الثعلب قائلاً : مطلقاً يا سيدي !! الراعي وماشيته يستحقون أكثر من ذلك – وإنه لشرف عظيم لهم أن تأكلوهم فخامتكم !!
صفق الجميع استحساناً لكلام الثعلب الذي برأ ملكهم الأسد !! ثم راح كل منهم يعترف بجريمته دون أن يتوصلوا إلى كشف المجرم بسبب الأعذار التي كانوا يلتمسوها لبعضهم البعض – وأخيراً : جاء دور الحمار آكل العشب – فاعترف بصراحة أنه (اضطر يوماً ما بدافع الجوع ووسوسة الشيطان أن يأخذ ملء فيه من الأعشاب المحيطة بدير العبادة) !! وهنا ارتفعت الأصوات المنددة الشاجبة والمستنكرة لهذا الفعل الشنيع !! ومطالبة بالتضحية بالحمار عاجلا غير آجل محملين إياه مسؤولية وباء الطاعون وغضب الله !!
Selon que vous serez puissant ou miserable Les jugements de cour vous renderont blanc ou noir
” الحكم عليك يتوقف على مدى قوتك “
إسقاطات لافونتين من غرضه في القصة :
1-
هكذا هو حكم الغاب مهما رفع شعارات التقوى والديمقراطية والحقوق والمساواة والعدل !! هكذا القوي يجد فيه دوماً مَن يبرر له جريمته : في الوقت الذي يتم فيه إحصاء هفوات الضعفاء التي لا تقارن بتلك الجرائم ويحاسبون عليها دون هوادة أو رحمة !!
2-
أيضا في القصة انتقاد لرجال الكنيسة الذين كانوا يتشددون في جزئيات الدين : ثم لا يجدون غضاضة من تبرير جرائم الحكام و ظلمهم حرصاً على مصالحهم وعلى سلطتهم التي مُنحوها …
3-
وأخيرا وليس آخرا : القصة تصور سذاجة الحمار آكل العشب المسكين عندما اعترف بذنبه أمام كبار المجرمين !! وذلك لان القانون لا يحمي (الإرهابيين) (أكلة العشب) !!
لقد اشتهر أدب القصص القصيرة على لسان الحيوانات وفي الغابة (مثل قصص الأسد والثعلب والحمار والثور والطيور إلخ) من آلاف السنين (والبعض يسميها القصص الخرافية) – وخاصة تحت وطأة بعض مظاهر الظلم – سواء ظلم الحاكم أو الملك ورعيته والوشاة – أو ظلم الناس بعضهم البعض – وذلك لأنه لم يكن يتعرض للعبرة والعظة والحكمة فقط على لسان الحيوانات وإنما : يعرض كذلك ما يريد أن يقوله الناس ولكنهم يخافون من بطش الحاكم أو الملك – فكانوا يلجأون بذلك إلى أسلوب التشبيه والإسقاط
ولم يبزغ هذا الفن القصصي ويظهر بصورة فريدة مشهورة في كتاب مخصص له لأول مرة : كما بزغ تاريخيا في قصص (كليلة ودمنة) – وخاصة بنسختها التي قدمها الأديب المسلم ابن المقفع للعالم (توفي 142هـ / 759م) – حيث قدمها على أنها ترجمة للكتاب الأصلي من حكيم الهند (وقيل أنه هو المؤلف ولكنه خشي أن يصرح بذلك فقال أنها ترجمة)
وكان من المشاهير الغربيين الذين برعوا في نقل ذلك الفن إلى أوروبا واستخدامه لانتقاد الطبقة الحاكمة والظلم والإقطاع إلخ : هو الكاتب جان دو لافونتين (توفي 1695م) – والذين نقلنا لكم إحدى قصصه الآن
.