إذا بات ممكنًا يومًا ما إنشاءُ شبكة اتصالات كمومية “Quantum Internet” فائقة الأمان، وفي غاية الذكاء، فمن المُرَجَّح أن تؤدي الفوتونات المتشابكة كموميًّا “Quantum-Entangled Photons” دورًا بارزًا في ذلك.
ظاهرة التشابك الكَمِّي عبارة عن ربط جُسَيْمَيْن معًا، كالفوتونات مثلًا، بغض النظر عن المسافة التي تفصل بينهما، بحيث يمكنهما تبادل المعلومات لحظيًّا، وبمعنى آخر: كل ما يحدث لأحدهما يؤثر على الآخر في اللحظة نفسها.
ومع عدم فهم هذه الظاهرة تمامًا، إلا أن الباحثين يحاولون استثمارها في تطوير الاتصالات لإنشاء شبكة اتصالات كمومية.
أحد أبرز استخدامات الفوتونات المتشابكة هي تبادلها كمفتاح كمِّي “Quatum Key Distribution” لتشفير المحادثة بين طرفين، بحيث لا يستطيع أيّ طرف ثالث التجسس عليهما. وقد استُعمِلت هذه التقنية حديثًا لتبادل البيانات على مسافة 7600 كيلومتر تقريبًا بين الصين وأوروبا [1].
وقد اقتصر -حتى الآن- توليد هذه الفوتونات المتشابكة على نطاق الأشعة تحت الحمراء بطول موجي يتراوح بين 700 و1500 نانومتر، مما يجعلها عرضة للتفاعل مع الإشعاعات الشمسية أو مع غازات قادرة على امتصاصها، إلا أن باحثين نشروا مؤخرًا دراسةً توضح كيفية توليد فوتونات متشابكة ذات طول موجي يبلغ 2100 نانومتر [2]، وهذا يجعلها تتجنّب هذا النوع من التفاعلات، وتكون النتيجة النهائية: قناة اتصالٍ أثبتَ وأكثرَ موثوقيَّة.
وقد قام الباحثون في هذه الدراسة باستعمال بِلَّوْرة غير خطّيّة، مصنوعة من نيوبات الليثيوم “Lithium niobate”، حيث وُلِّدَتْ أزواج الفوتون المتشابكة بواسطة نبضات ضوئية فائقة القصر، وذلك باستعمال شعاع ليزر يمرّ عبر البلورة.
إنْ تمكنَّا من بناء شبكة اتصالات كمومية فسوف تكون أحصنَ وأكثرَ خصوصية من أي شيء نمتلكه في الوقت الراهن، إذ إنه يصعب اختراق اتصالات كهذه أو التجسس عليها بسبب خصائص ميكانيكا الكمّ التي تميز الجزيئات المستعملة للتشفير.
ما زلنا بعيدين عن الوصولِ إلى إنشاء شبكة اتصالات كمومية، وجعلِها وسيلةً نستعملها لنقل البيانات على مسافات بعيدة على نحو فعّال، ولكنّ ابتكاراتٍ مثل تلك المذكورة هنا.. تقربنا من ذلك.
يقول الفيزيائي (مايكل كويس)، من جامعة ليبنيز في هانوفر بألمانيا، وأحد المشاركين في هذه الدراسة الحديثة: “ستكون الخطوة الحاسمة التالية تحويلَ هذا النظام المسؤول عن شَبْك الفوتونات إلى أجهزة ضوئية مُدمَجة مناسبة للإنتاج الضخم والاستعمال في تطبيقات أخرى”.
المصادر:
[1] Korzh et al. Nat. Photonics 2015, 9 (3) 163-168.
[2] Prabhakar et al. Sci Adv. 2020, 6 (13) eaay5159.