منذ وقت مضى ، كان الرقم القياسيّ في سرعة التحليق الافقيّ من نصيب طائر السّمامة الشائعة ،الذي تبلغ ذروة سرعته [110 ] كلم / ساعة ، بالإضافة إلى قدرته على الطيران مدة عشرة أشهر دون توقف، وفقا لبحث نشر حديثا. أمَّا الآن: فالخفاش البرازيليّ عديم الذيل (the Brazilian free-tailed bat) أحد الثدييات حطم الرقم القياسيّ القديم في سرعة التحليق الافقي، متفوقا بذلك على جميع طيور العالم.
اكتشف باحثون من « معهد ماكس بلانك» لعلم دراسة الطيور في ألمانيا، أنَّ الخفاش البرازيليّ عديم الذيل، – أحد أنواع الخفافيش الصغيرة التي تزن ما يقارب [12] غراما- بإمكانه أنْ يصل لسرعة قصوى تبلغ[ 160] كلم / ساعة. وبشكل أكثر وضوحا، سُجلت تلك السرعة أثناء التحليق الأفقيّ وليس أثناء الانقضاض نحو الفريسة. بمعنى آخرك يذهب الرقم القياسيّ لسرعة الانقضاض نحو الفريسة إلى صقر الشاهين، الذي يمكن أنْ تصل سرعته القصوى ما يقارب 389 كم / ساعة بفضل حركاته الديناميكيّة الهوائيّة الفريدة من نوعها.
يقول فريق البحث:« إنَّ قدرة الخفافيش الفريدة على التحليق أفقيا أسرع من أي شيء آخر تنشأ بفضل هيكلها الخفيف للغاية، كما أنه أطول من متوسط طول الأجنحة، على الرغم أن الكثير من التفاصيل حول كيفية تحليقها لم تكتشف بعد». يوضح Kamran Safi) ) عضو في فريق البحث قائلا: « بداية، بالكاد نصدق البيانات المتوفرة لدينا حول تلك السرعة الهائلة، لكن هي صحيحة علي كل حال. فقد طارت بعض اناث تلك الخفافيش بسرعة تزيد عن [160 ] كيلو متر في الساعة – [ 99] ميلا في الساعة – وهو رقم قياسي جديد لرحلات الطيران الأفقيّ».
لم يكن من السهل تسجيل مثل تلك السرعة بالنسبة للفريق، فالحيوانات صغيرة للغاية وسريعة أيضا كما تعلمون الآن. للقيام بذلك، كان عليهم أنْ يضعوا أجهزة ارسال لاسلكي دقيقة، تزن[ 0.5] جراما إلى عدد من هذه الخفافيش، التي ستتحرر من تلقاء نفسها بعد بضعة أيام. وبمجرد أنْ أرفقت أجهزة الارسال تلك ، استخدم الفريق جهاز استقبال محمول على متن طائرة صغيرة لمراقبة سرعة هذه الخفافيش، ولكن حتى القيام بهذا الأمر كان أصعب بكثير مما كان متوقعا.
تقول [ Dina Dechmann] أحد أعضاء الفريق: «لم يكن من السهل للطيار متابعة تحليق تلك الحيوانات السريعة، حتى نتمكن من تحديد موقعها بدقة وقياس مسار تحليقها بشكل مستمر». ولكن لم يذهب اصرار الفريق سدًى، ففي نهاية المطاف تمكن من رصد سرعة تلك الثدييات الصغيرة بدقة، مكتشفا بذلك أسرع طيار على وجه الأرض.
تكمن خطوة الفريق التالية وراء معرفة كيف تمكنت تلك المخلوقات الصغيرة من القيام بهذا الأداء الرائع، رغم إحاطة الفريق ببعض تلك الأفكار بالفعل. فيبدي الفريق رأيه قائلا:« ترجع العوامل الرئيسيّة المساهمة في ذلك الى الحركة الهوائية لتلك المخلوقات بفضل شكل جسمها ووزنها الضئيل بسبب عظامها المميزة. علاوة على ذلك، أجنحتها الرفيعة الموجودة في أسرع الأنواع الطائرة أيضا تمكنها من الصعود أعلى مقارنة بالقوة الهوائية الموظفة.
في حين كنت تعتقد أنَّ الخفافيش تستخدم بعضا من تيارات الرياح لزيادة سرعتها أيضا، فالفريق لا يعتقد بتلك المسألة. فتوضح ( Dina Dechmann) إنَّه لا يمكن أن تفسر العوامل الخارجية مثل المناظر الطبيعية وتيارات الرياح هذه النتائج، كما أنَّ تلك العوامل لم يكن لديها تأثير على السرعات القصوى.
تتويج حيوان جديد كبطل لهذه السرعة هو شيء رائع في حد ذاته، والتوصل إلى فهم أفضل عن كيفية طيران تلك الخفافيش والطيور بهذه السرعات الفائقة مع استهلاك أدنى طاقة يمكننا بشكل كبير من تصميم أفضل أنواع الطائرات. على سبيل المثال، قدرة الطيور على الانتقال المباشر لوضع الطيران دون الحاجة للحصول على سرعة، والتي إنْ أدركناها لحققنا تطورا مذهلا للغاية في الطيران البشري.
نشرت أعمال فريق البحث في أكاديمية The Royal Society.