الدفعة المقبلة من الخلايا الشمسية قد تكون خضراء، إذ تساعدنا ميكانيكا الكم على جعل الخلايا الشمسية أفضل، ويمكن أن تقدم لنا وجهة نظر جديدة تفسر سبب كون النباتات خضراء.
عند استخدامنا للطاقة الشمسية تعترضنا مشكلة كبيرة، وهي أن ضوء الشمس ليس ثابتا، وذلك بسبب التغيرات الموسمية، والليل والنهار، والأيام الغائمة… ويؤدي ذلك إلى تغير كمية الضوء التي تصل إلى الخلايا الشمسية، وهذا يعني أنه يجب علينا تنظيم الطاقة التي تخرج من هذه الخلايا، لكيلا تحترق شبكة الخلايا في الأيام المشمسة، ولكيلا تضطرب الكهرباء التي تنتجها كلما مرت غيمة.
النباتات أيضا تواجه هذه المشكلة المحتملة، فعلى عكس الخلايا الشمسية، يمكن للنباتات تنظيم مستويات الضوء، عن طريق تشتيت بعض الطاقة الشمسية على شكل حرارة، وتبين أن اللون الأخضر للنباتات قد يلعب دورا مهما في ذلك أيضا.
يذكر ناثان غابور (الأستاذ المساعد في جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد) أن هذه الفكرة خطرت له صدفة، قائلا: “كنت جالسا في إحدى الندوات العلمية، وفكرت في أن علماء الفيزياء يحاولون تفسير سبب زُرقة السماء، فسألت نفسي: لماذا النباتات خضراء؟”
ووجد غابور العديد من الفرضيات تتحدث عن ذلك، ولكنها كلها غير مؤكدة، وعندما صمم هو وفريقه خلايا شمسية من الممكن أن تنظم استهلاك الطاقة وإنتاجها بكفاءة، فوجئوا بأن هناك حلا محتملا.
عندما يمتص جزيء في الخلايا الشمسية أشعةَ الشمس، تقفز بعض إلكتروناته إلى مستوى عال من الطاقة، ولكن الجزيء لا يمكنه أن يحتفظ بتلك الطاقة، فينتقل الإلكترون إلى جزيء آخر، وهذا يؤدي إلى نشوء تيار كهربائي.
وبما أن المواد المختلفة حساسة لأطوال الموجات الضوئية المختلفة، فإن من الممكن ضبط الخلية على الاستجابة لأنواع مختلفة من الضوء. ببساطة إذا أرادت خلية شمسية أو نباتية أن تأخذ أكبر قدر ممكن من الطاقة، فإن امتصاص اللون الأخضر سيكون خيارا واضحا، إذ إن أشعة الشمس تحوي اللون الأخضر أكثر من أي لون آخر. وعلى الرغم من ذلك تعكس معظم النباتات اللون الأخضر، وهذا ما يجعل لونها أخضر.
وهذا الأمر يتطابق مع الحسابات العلمية لغابور، فقد وجد غابور وفريقه أن أفضل طريقة لكي تحافظ الخلايا على كفاءة عالية هي أن تمتص لونين مختلفين من أشعة الشمس، ولم يكن اللون الاخضر أحدهما. وعلى مدار اليوم، عندما تختلف كمية الضوء (الأطوال الموجية)، تقوم الخلية بامتصاص أحد الألوان التي اختارتها أكثر من الآخر، لإبقاء إنتاج الطاقة ثابتا.
ويعتقد غابور أن وفرة اللون الأخضر في أشعة الشمس جعله لونا غير مرغوب للخلايا الشمسية والنباتية على حد سواء، فكلما امتصت الخلية لونا معينا ذا طول موجي معين سيكون هنالك تقلب في الطاقة، وذلك يجعل امتصاصه بكفاءة امرا صعبا.
ويقول غابور: “الضوء الأخضر لون صاخب، لأنه يوجد بكثرة في الطيف الشمسي”، ويضيف: “النباتات حقيقة لا تريد اللون الأخضر الصاخب، لأنه يصعب عليها ضبطه لإنشاء تدفق مستمر ثابت من الطاقة”.
ومع ذلك، يشكك الدكتور ريتشارد كوجدل (جامعة غلاسكوا، المملكة المتحدة) في هذا التفسير، حيث يقول: “إن علم الأحياء لم تُتَح له الحرية في اختيار الأصباغ التي يستخدمها”، ويضيف: “أعتقد ان تلك الفرضية تحطم العلم في حد ذاته”.
وعلى الرغم من ذلك، يبقى غابور واثقا من نموذجه، ويقول: “إن هذا يعتمد على قواعد ميكانيكا الكم البسيطة، ومن هناك تبرز هذه الفكرة التي ربما تفسر اختيار النباتات للون الاخضر”.
.