دباغةُ الجلود
تعرف دباغة الجلود على أنها المعالجة الكيميائية لجلود الحيوانات بعد سلخها؛ بهدف حمايتها من التعفن بالإضافة إلى تحسين خصائصها الميكانيكية والفيزيائية؛ لتصبح بعدئذ منتجاً قابلاً للاستخدام البشري المفيد.
عرف العديدُ من الحضارات القديمة الدباغةَ، حيث قامت كل حضارة بتطوير طريقتها الخاصة في الدباغة – كما سنرى- وجرى في العصور الحديثة إدخال طرق حديثة في الدباغة لجعلها أكثر كفاءةً. نستطيع تقسيم الدباغة حسب طريقة المعالجة إلى ثلاثة أصناف رئيسة: الدباغة النباتية، الدباغة بأملاح الكروم، الدباغة بالزيوت.
* الدباغة النباتية:
اعتمدت الطريقة القديمة في الدباغة علي دمج المواد النباتية التي تحتوي على العفص (التانين-Tannin)- وهو مادة مستخرجة من أشجار البلوط والسنديان- مع طبقة البروتين الموجودة بالجلد الخام حيث تحوله إلى مادة جامدة لا تذوب في الماء ولا المذيبات الأخرى، وعلي ما يبدو فإن الدباغة النباتية كانت تمارس في عصور ما قبل التاريخ.
فقد استخدم العبرانيون قديماً لحاء أشجار السنديان في الدباغة، فيما استخدم المصريون القدماء قرون السنط (وتعرف شجرة السنط أيضا بالأكاسيا أو الميموزا) وتستخدم حالياً في إنتاج الصمغ العربي، واستخدم الرومان لحاء بعض الثمار، بينما استخدمت العرب اللحاء والجذور، وقد نقلت العرب هذه الطريقة في الدباغة إلي أوروبا من خلال إسبانيا.
** الدباغة بأملاح الكروم:
ظهرت الدباغة بأملاح الكروم في نهاية القرن التاسع عشر، وتعد أول تغيير في كيمياء إنتاج الجلود بعد (2000) عامٍ على الأقل من ظهور أولى الطرق، وتتم الدباغة بأملاح الكروم بإحدى طريقتين: تعرف الأولى بالتغطيس الثنائي؛ إذ يتم في التغطيس الأول غمس الجلود في مغطس يحوي محلولاً معتدلا من حامض الكروميك، وفي التغطيس الثاني يتفاعل ثيوسلفات الصوديوم وحامض آخر مع حامض الكروميك لإنتاج أملاح الكروم وكبريتات الكروم؛ مما يؤدي لتموضع أملاح الكروم على الألياف الجلدية، وأما الطريقة الثانية- والتي تعد أكثر شيوعاً- فتعرف بالتغطيس الأحادي؛ لأنها تعتمد على استخدام مغطس واحد دوار يحوي تراكيز زائدة من أملاح كرومات السلفات. ويتميز الجلد المدبوغ بالكروم بقدرته على مقاومة الحرارة والخدش علاوة علي أنه يتسم بالمرونة، إلا أن هذه الطريقة تعد ضارة بالبيئة في حال لم تتم معالجة المياه الناتجة عن الدباغة بصورة كافية.
*** الدباغة بالزيوت:
من الطرق القديمة التي استخدمت لدباغة الجلود المسامية الناعمة، مثل: جلد الشمواة (Chamois)، وجلد الغزال، والتي يمكن غسلها وتجفيفها مراراً وتكراراً دون آثارٍ ضارَّة بالمنتج.
توجد المواد الخام الرئيسة للدباغة- جلود الحيوانات والتانين النباتي(العفصTannin-)- في كل مكان تقريباً؛ ولذلك انتشرت الدباغة في جميع أنحاء العالم، ولا تزال واحدة من أولى الصناعات التي يتم إنشاؤها في المناطق أو الدول التي تمر بمرحلة التصنيع.