لطالما كانت دودة السُّفُن«Shipworm» إحدى المشكلات التي تواجه الإنسان ولا سيما البحارة لما لها من قدرة على أكل الأخشاب، والتي تسبب أضراراً للقوارب والأرصفة الخشبية؛ لكونها تعتمد على الخشب في نظامها الغذائي، لكن نوعاً جديداً من هذه الديدان يدعى«Lithoredo abatanic» المكتشف عام 2006 كان يتجنب الخشب في نظامه الغذائي كما أوضحت الدراسة التفصيلية التي أجريت عام 2018 والتي نشرت في مجلة (Proceedings of theRoyal Society). اسم هذا الحيوان يتركب من كلمة «Lithoredo» التي تعني مُستهلِك الصخور أو آكل الصخور وكلمة «abatanica» تعود إلى نهر الأباتان في الفلبين المكان الذي جرى فيه هذا الاكتشاف.
تتميز جميع ديدان السفن بامتلاكها هيكلين متقلصين تحوّرا إلى رؤوس ثاقبة، كما تمتلك المئات من الأسنان الحادة غير المرئية والتي تغطي هذين الهيكلين كما في الدودة الهاضمة للخشب، غير أن الدودة الآكلة للصخور تمتلك مجموعات من الأسنان أكثر سمكاً وحجمها يصل إلى ملليمتر وظيفتها حفر الصخور، وتمتلك الديدان الهاضمة للخشب كيساً هضمياً خاصاً يحوي بكتيريا هاضمة للخشب إلا أن آكلة الصخور لا تمتلك الكيس ولا البكتيريا، وبدلاً من ذلك فإن آكلة الصخور تمتلك بكتيريا في خياشيمها والتي ربما تساعدها في عملية الهضم وإنتاج الغذاء من الصخور (والخيشوم هو عضو التنفس عند الكثير من الحيوانات المائية). في النهاية فإنها تنتج رمالاً تخرج من فتحتها الأخرى الشبيهة بالمثعب (السيفون). [1]
يقول روبين شيبواي وهو باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مركز العلوم البحرية في جامعة نورث استيرن في ماساتشوستس: «نريد أن نتفحص الكائنات الحية المتعايشة أي البكتيريا التي تعيش في تلك الحيوانات وننظر فيما إذا كانت توفر أي تغذية، وهذه هي المساحة التي يركز عليها بحثنا». ويضيف شيبواي: «هنالك عدد قليل من الحيوانات التي تلتهم الصخور، على سبيل المثال: الطيور التي تستخدم أحجار المعدة لمساعدتها على الهضم (إذ إن هذه الصخور الموجودة في الجهاز الهضمي لبعض الحيوانات التي تفتقد الأسنان تساعدها على طحن الطعام بدلاً من الأسنان)، بيد أن هذه الدودة هي الحيوان الوحيد المعروف الذي يأكل الصخور عن طريق الحفر». و يصف الباحث هذه الحيوانات بأنها غريبة جداً فهي بدينة وشفافة وتشبه الرخويّات، كما كانت أكثر عينات هذا المخلوق بطول يصل إلى عشرة سنتيمترات ولكن بعض هذه الديدان قد يصل طولها إلى أكثر من ذلك.
ويذكر شيبواي: «عندما غصت في النهر شاهدت حفراً طولها يزيد على ستين سنتيميتراً؛ لذلك ربما يوجد هنالك وحوش تعيش عميقاً في الصخور (إشارة منه إلى منظر الحفر التي وجدها في الصخور)».
إذن بماذا يمكن أن تؤثر هذه الديدان على النظام الجغرافي والبيئي حولها؟ يقول شيبواي: «بأكل الصخور، فإن هذه الدودة- حرفياً- تغير مجرى النهر، كما توفر الحفر (الموجودة في الصخور) ملجأً لعدد لا حصر له من المخلوقات التي تعيش في النهر، مثل: سرطان البحر والأسماك». [2]