يقوم أغلبنا بإرسال معلومات رقميّة حساسة عبر الانترنت في كل يوم. ابتداءً من بيانات البطاقات الائتمانية ، وبالطبع، ليس انتهاء بالمعلومات البنكيّة الخاصة بنا. فمنذ بداية تسعينيات القرن الماضي تيقن الباحثون أنَّ الحواسيب الكموميّة سوف تشكل خطراً أمنياً على عمليات النقل هذه ؛ لأنَّ الحواسيب الكمومية تستطيع القيام بعمليات حسابية بسرعة أكبر بكثير من المقدرة الحسابيّة للأجهزة التقليديّة ؛ مما يسمح لها بكسر نظام الحماية الأشهر في الانترنت، و الذي يقوم على : «التشفير باستخدام المفتاح العام».
إنَّ نظام التشفير باستخدام المفتاح العام، يسمح لجهازين بتهيئة اتصال خاص محميّ من المتطفلين، فلكل جهاز نسخته من المفتاح العام و هو عبارة عن قطعة من المعلومات الرقميّة التي يستطيع استخدامها لتشفير رسالة و إرسالها إلى الطرف الأخر والذي يمتلك القطعة الأخرى من المفتاح، و المسماة «المفتاح الخاص» ليتم استخدامه بفك تشفير الرسالة. وبعبارة أخرى: فمفتاح التشفير جزءان [ عام ] يقوم الجميع باستخدامه لتشفير رسائلهم، و [ خاص ] يمتلكه الشخص المرسلة إليه الرسالة؛ ليستخدمه بفك تشفير تلك الرسالة فقط.
فعلى الرَّغم من ضمان هذه الطريقة انشاء اتصال آمن، لكنَّ الحواسيب الكموميّة ستكون قادرة على عمل الحسابات اللازمة لمعرفة المفتاح الخاص للشخص الثاني و قراءة الرسالة ؛ مما يجعل مستقبل الاتصالات في خطر.
دراسات حديثة تبذل جهودًا حثيثة لمواجهة نقطة الضعف هذه باستخدام طرق مختلفة. ,من هذه الطرق « المفتاح الكموميّ المُوزع » الذي يسمح لطرفين بإنشاء قناة اتصال آمنة باستخدام مفتاح تشفير وحيد!
كيف يكون آمناً و وحيداً ؟1 يكون آمناً بوجود طريقة واحدة لتوليده و معرفته، و هي عن طريق استخدام زوج من أشعة الفوتونات المتشابكة مع اتصال كمومي ، هذا التشابك يضمن أنْ لا يوجد شخص ثالث قادر على معرفة هذا المفتاح.
إنَّ مجموعة من الباحثين عكفوا على دراسة مصدر محدد في السنوات الماضية ؛ فهذه الفوتونات المتشابكة تعطي النقاط الكموميّة، والنقطة الكموميّة : عبارة عن مساحة من مرتبة النانو متر من الناقل , تتصرف هذه المساحة كذرة ذكيّة كما ولو أنها فعلاً داخل ذرة و ليست داخل ناقل. حيث
الالكترونات ضمن نقطة كموميّة تشغل مستوى محدداً من الطاقة , و في حال أنَّ النقطة الكموميّة امتصت فوتوناً باللون الصحيح فإنًّ الالكترونات تقفز إلى مستوى طاقيّ أعلى و عندما يحدث فإنَّها تترك خلفها شريحة مفتوحة من الطاقة المنخفضة
و التي يدعوها الفيزيائيون بــ « الفجوة ». ففي العادة يضمحل الالكترون إلى طاقته الأساسية باعثًا فوتونًا يقوم بسدِّ الفجوة. يضمحل زوج من الالكترونات و الفجوات المثارة بالطريقة السابقة مولدة زوجًا من الفوتونات المندفعة.
قام الباحثون بتطوير طريقة لإثارة هذه الأزواج ضمن النقاط الكموميّة مستخدمين سلسلة من نبضات « أشعة الليزر». وهذه النبضات تجعل من الممكن ترميز المعلومات ضمن أزواج من الفوتونات المنبعثة منشئة اتصالاً بينها . هذا الاتصال هو الأفضل بنقل البيانات الكموميٍّة عبر الألياف الضوئيّة. فليس من السهولة بمكان تخريبه أو المساس به كما باقي الأنواع من الاتصالات.
إنَّ الحوسبة الكموميّة تبحث عن التحدي الأمنيّ القادم ليس في الحصول على الحواسيب الكمومية بقدراتها الفائقة فقط و إنَّما الحصول على خطوط اتصال كموميّة سرية للغاية محميّة من عيون الآخرين.
و دمتم بخير و أمان
.