تقول الدراسات أن نسبةً ليست بالقليلة من المجتمع -من مختلف الأعمار- تعاني من وجود رائحة سيئة تصدُر من أفواههم، أو قد يعاني مَن حولهم من رائحة أنفاسهم، مما تؤثر سلبيًا على نفسياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية..
ولذا كان لهذا الموضوع أهمية كبيرة للبحث في أسبابه وإيجاد حلول له.
في المقال الأول من هذه السلسلة سنتحدث عن أسباب هذه الحالة..
وبدايةً، فإن الرائحة السيئة الصادرة من الفم هي عبارة عن جزيئات متطايرة، قد تكون مرضية أو غير مرضية، 90% منها مصدرها الفم، و9% فقط من غير الفم (لا تتعجب، ستفهم هذا لاحقًا)، و1% فقط لأسباب أخرى كالطعام أو أدوية معينة.
والخطوة الأهم في علاج رائحة الفم السيئة هي ابتداءً في معرفة أسبابها وتحديد مصدرها بالمعاينة السريرية من قِبَل الطبيب المختص.
ألا توجد أمراض في الفم تسبب رائحة الفم السيئة؟
في الحقيقة نعم، فلا يقتصر الأمر على ما سبق، فهنالك من يصاب بمرض يجعل هذه الرائحة مصدر إزعاجٍ له.
منها:
أ- زيادة حجم اللثة الناتج عن التهابها أو بسبب بعض الأدوية مثل: (phenytoin و cyclosporine و calcium channel blockers) والتي قد تسبب ازدياد حجم اللثة، وهي أدوية تستخدم في علاج الصرع وتثبيط المناعة (في حالة زراعة الأعضاء) وفي معالجة ارتفاع ضغط الدم.
ب- نقص إفراز اللعاب xerostomia، وذلك لما للعاب من دورٍ مهم في غسل الفم ومعادلة الحموضة فيه. وهذا النقص يرافق تناول عدد من الأدوية (كمضادات الاكتئاب، ومضادات الذهان، ومدرَّات البول، وأدوية ارتفاع الضغط)، وكذلك يرافق بعض الأمراض التي تؤثر على الغدد اللعابية (كالسكّري، وبعض أمراض المناعة الذاتية التي يقوم فيها الجهاز المناعي بمهاجمة الغدد اللعابية والدَّمعية وتعرف بمتلازمة جوغرن) ويرافق أيضًا العلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي.
ت- عوامل أخرى سنيَّة، وجراحية، ومرضية، وتعويضية، وتقويمية، مثل:
١- لبُّ السن المكشوف.
٢- اللُّب المنخور، مع وجود خرَّاج داخل الفم.
٣- أمراض تجويف الفم (كسرطانات الفم والأورام والتقرحات).
٤- جروح بعد القلع.
٥- الأجهزة التقويمية الثابتة.
٦- أطقم الأسنان غير النظيفة.
٧- الجسور والتيجان التعويضية غير المضبوطة في تموضعها أو غير النظيفة.
٨- انحشار الطعام بين الأسنان.
ثانيًا: من مصادر غير الفم (٩٪):
١- مشاكل الجهاز التنفسي:
كالتهاب الجيوب الأنفية، والأورام الخبيثة بالجيوب الأنفية، وشق الحَنَك (وجود شق بالسطح العلوي بالفم نتيجة عيوب خَلقية أثناء تكون الجنين)، ووجود أجسام غريبة في الأنف أو الرئتين، والأورام الخبيثة في الأنف، ووجود خرَّاج تحت الحجاب الحاجز (العضلة الأساسية المسؤولة عن عملية الشهيق والزفير للقيام بعملية التنفس)، وتعفُّن الأنف، وحصى اللوزتين، والتهاب اللوزتين، والأورام الخبيثة في البلعوم، والتهابات الرئتين، والالتهابات القصبية، وأورام القصبات الخبيثة.
– حيث أن نشاط البكتريا في هذه الأمراض سيؤدي إلى تعفُّن الأنسجة وموتها، أو حدوث التقرحات، وإنتاج غازات ذات روائح كريهة.
٢- أمراض الجهاز الهضمي:
كمرض تضَيُّق البوَّاب (فتحة المعدة)، وانسداد الاثنى عشر، ومفاغرة الشريان الأورطي المعوي، والجيبة البلعومية، ورتج زنكر (الرتج البلعومي المريئي)، والفتق الحجابي، وأيضًا ارتجاع المريء، وتعذُّر الارتخاء المريئي، والإسهال الدهني، أو غيره من أمراض سوء الامتصاص التي تسبب الانتفاخ، وأيضًا العدوى البكتيرية التي تسبب قرحة المعدة، وزيادة مستوى مركبات الكبريت المتطايرة في الأنفاس، (والتي تكون أعلى عند المصابين بمرض الغشاء المخاطي المعدي).
٣- أمراض الكبد والدم:
كمرض فشل الكبد (تشمع الكبد)، والفشل الكلوي الناتج عن سرطان الدم.
٤- مشاكل جهاز الغدد الصماء:
ثالثًا: أسباب أخرى (١٪):
١- تناول بعض الأطعمة: (كالثوم، والبصل، والأطعمة المتبّلة) والتي تسبب رائحة سيئة مؤقتة في الفم.
٢- بعض العقاقير: كالكحول، والتبغ، والتنبول، وإساءة استعمال المذيبات، ودواء هيدرات الكلورال، والنترات، والنيتريت، وثنائي ميثيل السلفوكسيد، والدوسيلفيرام، والأدوية المُسمّمة للخلايا، والفينوثيازين، والأمفيتامينات، والبارالدهيد.