تحدثنا في المقال الماضي عن الأسبابِ المتعددةِ لرائحة الفم السيئة. لكن هل تعلم أن هنالك أشخاصًا يشمون رائحة سيئة من فمهم غير موجودة؟!
نعم، حقيقةً، في هذه المشكلة، هنالك مرضى حقيقيون ومرضى نفسيّون، وكلاهما يذهب إلى طبيب الأسنان لعلاج حالته، لكن من يشعر نفسيًا بأن رائحة فمه سيئة (شعورًا نفسيًا فقط) يكتفي بالتفكير والاهتمام بالأسباب الصحية، دون العودة إلى أخصائي نفسي لعلاج الأسباب النفسية، وهذا قد يجعل الحالة أسوء!
ولهذا ولتجنب المعالجة الخاطئة لهم، صنَّفهُم العلماء إلى تصنيفاتٍ، سنتعرف عليها في هذا المقال، كما سنتعرف على طرق قياس رائحة الفم السيئة.
صنّف العلماء مرضى رائحة الفم السيئة إلى:
1). مريض ذو رائحة فم سيئة حقيقية (Genuine Halitosis):
والتي يندرج تحتها تصنيفين هما: الفيزيولوجي، والمرضي (الفموي وخارج الفموي).
2). مريض ذو رائحة فم سيئة زائفة (Pseudohalitosis):
عندما تكون الرائحة محسوسة فقط من المريض، ولا يشعر بها من حوله، وهنا لا داعي لطبيب نفسي.
3). مريض يشعر بالهلع من رائحة الفم السيئة (Halitophobia):
عندما لا تكون هنالك رائحة فم سيئة حقيقية، لكن المريض يعاني منها نفسيًا، وهنا يجب أن يُحَوَّل المريض إلى أخصائي نفسي.
وقبل الحديث عن #علاج رائحة الفم السيئة، لابُدَّ أولاً من الحديث عن بعض الطرق المستخدمة لقياسها.
طرق قياس الرائحة الكريهة في الفم:
الطريقة الأقدم كانت حسيّة: بشمِّ هواء الزفيرِ بواسطة الأنف، إما بشكل مباشر على بعد 20 سنتيمتر، أو بواسطة استخدام كيس خاص ليقوم المريض بإخراج هواء الزفير فيها، ثم بعد برهة من الزمن يشم الطبيب أو ممارس المهنة الهواء داخلها. وهذه الطريقة تعتبرُ الطريقة الأبسط للاكتشاف، وبالرغم من كونها غير مكلفة وبسيطة، إلا أنها غير مستحسنة من قبل المريض والطبيب، كما إنها غير دقيقة لعدة أسباب. لذا أوجدو طرقًا أخرى أكثر دقة:
__أولًا: التحليل اللوني للغازات:
تُعتبر هذه الطريقة موثوقة النتائج، حيث تبقى نتائجها ثابتةً عند التكرار، ويتم ذلك بأخذ عينات من اللعاب وسطح اللسان، ومن هواء الزفير، ثم تُعامل مع لهب ضوئي كاشف، أو باستخدامها لإنتاج كُتل طيفية، تبين نسب المواد المتطايرة في العينات. إلا إن هذه الطريقة مكلفة وتتطلب وقتًا طويلًا، كما يجب أن يَستخدمَ الجهازَ شخصٌ ماهر، لذا هي لا تُستخدم عادة.
__ثانيًا: أجهزة مراقبة الكبريتيد:
وهي الطريقة البديلة للسابقة، فالجهاز محمول، ويُستخدم لقياس مركبات الكبريتيد المتطايرة، إلا أن هذه الطريقة أقل دقةً من سابقتها.
__ثالثًا: المتحسسات الكيميائية:
التي تعتبر أكثر سهولة ودقة، وبعض أنواع هذه الأجهزة لها مِسْبَر متكامل لقياس مركبات الكبريت الموجودة في الجيوب اللثوية، وأسطح اللسان (وهي المركبات ذات الرائحة الكريهة الناتجة عن تحلل المواد العضوية عن طريق البكتيريا في الفم، والمسبب الرئيسي في رائحة الفم السيئة).
وبعض الأنواع الجديدة من هذا الجهاز تتحسس غاز الأمونيا ومركبات الميثانثيول (وهما أيضا غازان مسؤولان عن رائحة الفم الكريهة)، من هواء الزفير؛ بل إن بعضها تقيس كل نوع من المركبات المتطايرة المحتوية على الكبريتيد على حدى.
__رابعًا: اختبار ال BANA:
وهو عبارة عن شريط، توضع عليه العينات بعد أن تؤخذ من اللسان، ثم يُوضع الشريط في فتحة داخل الحاضنة التي بحجم محمصة الخبز الكهربائية، والتي بدورها تسخِّن الشريط الذي سيظهر باللون الأزرق عند وجود عدد من الكائنات الحية الدقيقة، ويزداد زرقةً كلما كان عددها أكبر.
وهذا الاختبار لا يُظهر فقط الرائحة الكريهة الصادرة من الفم؛ بل بإمكانه تقييم خطر أمراضِ اللثة بأخذ عينات من الصفيحة تحت اللِثَوِّية بواسطة المِجْرَفَة اللِّثويَّة. وهنالك طرق أخرى: كقياس نشاط بيتا غلاكتوزيداز، واختبار حضانة اللعاب، وطريقة النينيدرين.
وفي الختام، سيكون المقال الثالث من هذه السلسلة عن #علاج رائحة الفم السيئة إن شاء الله، انتظرونا.
ودمتم بصحة وعافية
المصادر:
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3633265/
…
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/m/pubmed/12090449/
…
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/m/pubmed/11908365/