سلاسل الكُتَل (Blockchain)
سلاسل الكُتَل (Blockchain)
• مفهوم سلاسل الكُتَل
(ساتوشي ناكاموتو) كان أول من استخدم تقنية سلاسل الكُتَل عام 2008م لتبادل التشفير في العملة الرقمية (BitCoin)، وليس هناك تعريف واحد متفق عليه عالميًّا حول هذه التقنية، فقد وصفها (Pradhan, 2018) بأنها دفتر حسابات رقمي موزع، يسجل المعاملات بشكل مشفر على شكل كتل بعد أن تُرخَّص المعاملات بين المشاركين الذين يطلق عليهم (عُقد)، كل كتلة تشمل المعاملة المصرح بها تضاف إلى آخر كتلة في سلسلة الكتل، ثم يصبح الأمر بعد ذلك منشورًا على كل نقطة من نقاط الشبكة، وتستطيع مشاهدة المعاملات ولا تستطيع حذفها أو تغييرها.
أيضًا، عرّف البعض سلاسل الكُتَل بأنها نظام يتيح لمجموعة من الحواسيب المتصلة إنشاء سجل دفتري مركزي للتحقق من البيانات والمعاملات والمصادقة عليها وحفظها في سلسلة طويلة من البيانات المشفرة على الملايين من النقاط تسمى العُقد (Nods) حول العالم، تسمح لأطراف كثيرة بإدخال المعلومات والتحقق منها، بحيث تملك كل نقطة أو جهاز حاسب أو جهة في السلسلة نفس النسخة من هذه البيانات والمعلومات، وفي كل مرة يُضاف فيها عقود واتفاقيات للسلسلة يُتحقَّق من صحتها قبل إضافتها، وفقًا لآلية الإجماع المتبعة في هذه التقنية، بحيث يتكون في النهاية سجل علني مشفر وآمن، لا يمكن التلاعب به أو التعديل عليه.
• كيف تعمل تقنية سلاسل الكُتَل؟
تعتمد سلاسل الكتل على آلية تسجيل البيانات في أرشيف متسلسل، وفيه تُشفَّر البيانات، مما يمنع إمكانية إحداث مدخلات أو التلاعب بالمدخلات الأصلية أو تغييرها، يمكن الوصول إلى البيانات المشفرة ومشاركتها من أي طرف لديه شفرة الدخول، وتُجمَّع المعاملات وتُحدَّث على فترات زمنية قصيرة (دقائق)، فينشأ شيء آخر في كل مرة تُحدَّث فيها.
وإذا ما أراد طرفٌ ما إضافة معاملة جديدة لشبكة المعاملات، يتحقق جميع المشاركين في الشبكة من صحة تلك المعاملة، دون الحاجة إلى سلطة مركزية للتصريح لهم، ثم تترك الفرصة لغالبية المشاركين في الشبكة لمنح الصلاحية للمعاملة وإضافتها للكُتَل.
• خصائص و مميزات تقنية سلاسل الكتل:
هناك عدد من المميزات جعلت سلاسل الكتل محط أنظار الأفراد والشركات في مختلف القطاعات، ومن هذه المميزات ما يلي:
- لا مركزية الشبكة: على عكس الشبكات التقليدية التي تتطلب وجود سلطة مركزية تسمح وتتحكم في إجراء العملية، فلا تحتاج تقنية سلاسل الكتل إلى طرف ثالث وسيط بين أطراف المعاملة، ففي كل مرة يرغب المستخدمون بإضافة بيانات أو تعاملات إلى هذه السلسلة، يُتحقَّق من ذلك بإجماع المشاركين في السلسلة قبل أن تُوزَّع على جميع العقد (Nodx)، بحيث تحتفظ كل نقطة بنسخة من السلسلة التي تتضمن الكتل التي جرى التحقق منها وإضافتها، وبذلك لم تعد هناك حاجة إلى وجود طرف ثالث لإتمام العملية أو التحقق منها، فنظام الإجماع المتبع يحافظ على تناسق البيانات في الشبكة الموزعة.
- انعدام القابلية للتغيير أو التعديل: طبقا لتقنية سلاسل الكُتَل فالمعاملة التي تسجل في دفتر الأستاذ الموزع لا يمكن تغييرها أو حذفها، وذلك لأن نظام التشفير الذي تقوم عليه التقنية يصعب تعديله، وفي حال إدخال بيانات غير صحيحة من جهة أي طرف على السلسلة يمكن اكتشاف الكتل التي تحتوي على معاملات غير صالحة أو تتضمن تلاعبًا فورًا، لذا فإنها لا تُقبَل في الشبكة.
- الشفافية: تتميز سلاسل الكتل بالشفافية، فيمكن لكل مستخدم على الشبكة الاطلاع على جميع البيانات والمعاملات بتفاصيلها وتحديثها، وهذا يجعل منها قاعدة بيانات يمكن الوثوق بها والاعتماد عليها.
- إخفاء الهوية: من أهم خصائص سلاسل الكتل عدم الكشف عن الهوية الحقيقية للمستخدم، فلكل مشارك عنوان ينشئه ويستخدمه للتعامل مع الشبكة، ولإنشاء العنوان يستخدم المتعاملون نوعين من المفاتيح، الأول المفتاح الشخصي الذي يسمح للمشاركين بإجراء معاملات ويحوي تفاصيل الهوية الحقيقية للشخص، والثاني المفتاح العمومي؛ عبارة عن كود مربوط بالمفتاح الشخصي يظهر أمام الجميع باسم مستعار أو لقب.
*الكفاءة والسرعة: تتسم التعاملات التي تحدث على سلاسل الكتل بالسرعة والكفاءة، ما يوفر الوقت والجهد، وما زالت عمليات التطوير التقني لآليات السلاسل مستمرة، ما يساهم في تنفيذ المعاملات بشكل أسرع.
*الوقت الحقيقي: أي معاملة تحدث على سلاسل الكتل يجب أن تأخذ بصمة الوقت، وهو الوقت الحقيقي الذي تمت فيه المعاملة، فالفواتير والمستندات والعقود وعمليات الدفع تسجل تلقائيًّا في نفس الوقت في دفتر الأستاذ الموزع في السلسلة، وتعتمد هذه الخاصية على برامج حاسوبية محددة لأتمتة العمليات، مثل ما يحدث فور إجراء المعاملات، تُحَدَّث في الوقت الحقيقي في دفتر الأستاذ الموزِّع، ويتيح ذلك لكل مشارك أن يحتفظ بسجلاته الخاصة به حتى اللحظة، وتعمل هذه الخاصية على الحد من الأخطاء والغش.
• أنواع سلاسل الكتل:
يمكن تصنيف سلاسل الكتل في نوعين رئيسيين هما:
- سلاسل الكتل العامة (Public Blockchain): تُبنى فيها سلاسل الكتل وفقًا لبرنامج مفتوح المصدر، يمكن لأي شخص استخدامه وإجراء تعديلات عليه ما دام يملك الشفرة الخاصة به، أي إنها غير مركزية، بمعنى أن تلك السلسلة تسمح بإجراء معاملات مرئية بشكل علني، وقادرة على إتمام المعاملات لجميع المشاركين.
- سلاسل الكتل الخاصة (Private Blockchain)؛ وفيها جميع المشاركين معروفون وموثوق بهم، ولا يستطيع أي شخص إتمام المعاملات وإضافتها للكتل إلا العدد المحدد سلفًا والمصرح لهم بذلك، أي إنها شبكة مركزية، والعُقد المصدق عليها بواسطة سلاسل الكتل -والتي اختبرتها سابقًا سلطة مركزية للسلسلة- هي التي يمكن أن تصدق على الصفقات وإتمامها، ويمتاز هذا النوع من سلاسل الكتل بالتيسير وبساطة عملية التحقق، والسرعة وتجنب أي هجوم على بيانات الكتل.
- الدمج بين سلسلة الكتل العامة وسلسلة الكتل الخاصة: يوفر هذا النوع من سلاسل الكتل حلولًا تكنولوجية لتحقيق المصادقة على تعاملات المستخدمين، فهي تختلف عن سلاسل الكتل الخاصة كونها تدار بواسطة مجموعة من المصدَّقين المصرح لهم بذلك، ما يجعلها تجمع بين مزايا نوعي سلاسل الكتل، أي إنها توفر الخصوصية والرقابة وانخفاض التكاليف والسرعة والسهولة.
• التحديات التي تواجه تطبيق تكنولوجيا سلاسل الكتل:
قد تكون أبرز هذه التحديات مشكلة السيطرة أو الهجوم، مشكلة سرقة الهوية، الأنشطة غير القانونية -وخاصة في ظل توافر كلٍّ من اللامركزية والخصوصية وعدم الكشف عن هوية المشاركين- اختراق النظام الإلكتروني، عدم الفهم الكامل لتكنولوجيا سلاسل الكتل، التكاليف المرتفعة للاندماج والتنفيذ… وغيرها.