#سلسلة_صلاح_الدين 3 :
ما هي أقوال علماء الإسلام في الفاطمييين (العبيديين) ؟
ماذا فعلوا في مصر وماذا كانت سيرتهم فيها قبل صلاح الدين ؟
اقرأوا معنا تفاصيل لا يعلمها أكثرنا اليوم للأسف …
قبل البدء .. هذا الموضوع إكمال لموضوع الأمس
حيث تحدثنا بوجه الإجمال عن الفاطميين وكونهم فرقة (باطنية) من فرق (الإسماعيليين) وأن الفاطميين في الحقيقة لا ينتسبون لا إلى فاطمة رضي الله عنها ولا إلى العلوية ولا آل البيت، ولذلك يسميهم المؤرخون بـ (العبيديين) نسبة إلى (عبيد الله المهدي) الذي نسب نفسه إلى آل البيت، أحد أشهر مَن ابتدع جماعتهم على أنها (خلافة جديدة) في المغرب شمال أفريقيا ومنها زحف إلى مصر
وإليكم بعض أقوال علماء الإسلام في تلك الدولة الخبيثة وجرائمها في تحريف الدين وقتل العلماء الذين فضحوا عدم نسبتهم إلى بيت النبي للناس ورفضوا سب أكابر الصحابة على المنابر كما كانوا يأمرونهم وإلا القتل ..!!
1-
يقول الإمام السيوطي في أول كتابه (تاريخ الخلفاء صـ 4) :
” ولم أورد أحدا من الخلفاء العبيديين؛ لأن خلافتهم غير صحيحة ”
وذكر جملة من الأشياء التي تخرج بهم عن الدين، وذكر أن جدهم مجوسي، وإنما سماهم بالفاطميين جهلة العوام. ثم قال أخيرا :
” ومثل هؤلاء لا تنعقد لهم بيعة ولا تصح لهم إمامة ”
2-
ويقول أيضا في (تاريخ الخلفاء 1/ 526) :
” ومن جملة ذلك ابتداء الدولة العبيدية، وناهيك بهم إفسادا وكفرا وقتلا للعلماء والصلحاء ”
3-
ويقول الإمام الذهبي في (العبر في خبر من غبر 2/ 199) :
” المهدي عبيد الله والد الخلفاء الباطنية العبيدية الفاطمية افترى أنه من ولد جعفر الصادق ”
4-
ويقول العلامة ابن خلكان في (وفيات الأعيان 3/ 118) :
” والجمهور على عدم صحة نسبهم، وأنهم كذبة أدعياء لا حظ لهم في النسبة المحمدية أصلا ”
5-
وعن جد عبيد الله (واسمه القداح) ينقل الإمام الذهبي في كتابه (تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام 23/24) قول القاضي أبي يكر الباقلاني فيه :
” وكان باطنيا خبيثا حريصا على إزالة ملة الإسلام، أعدم العلماء والفقهاء ليتمكن من إغواء الخلق، وجاء أولاده على أسلوبه أباحوا الخمور والفروج وأفسدوا عقائد خلق ”
6-
ويكشف باطنيتهم الإمام الشاطبي المالكي في (الاعتصام 2/ 44) قائلا :
” العبيدية الذين ملكوا مصر وإفريقية زعمت أن الأحكام الشرعية إنما هي خاصة بالعوام، وأما الخواص منهم فقد ترقوا عن تلك المرتبة، فالنساء بإطلاق حلال لهم، كما أن جميع ما في الكون من رطب ويابس حلال لهم أيضا، مستدلين على ذلك بخرافات عجائز لا يرضاها ذو عقل ”
7-
وعندما يذكر العلماء والمؤرخون المسلمون في المجمل احداث سنة اثنتين وأربعمائة مثل الإمام ابن كثير في (البداية والنهاية) يقولون :
” أنه في ربيع الآخر من عام 402هـ كتب جماعة من العلماء والقضاة والأشراف والعدول والصالحين المُحدِّثين وشهدوا جميعا ….. إلى قولهم : وأن هذا الحاكم بمصر هو وسلفه كفار فساق فجار ملحدون زنادقة معطلون للإسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية والوثنية معتقدون، قد عطلوا الحدود وأباحوا الفروج وأحلوا الخمر وسفكوا الدماء وسبوا الأنبياء ولعنوا السلف وادعوا الربوبية ”
ويعلق على ذلك ابن كثير في (البداية والنهاية 11/ 346) :
” وقد كتب خطه في المحضر خلق كثير ”
—————————–
ولكي نعرف لماذا وصفهم العلماء بذلك فعلينا أن نستعرض بعض جوانب حياتهم وخاصة في مصر (حيث عانوا من ثورات كثيرة في المغرب وخاصة أتباع المذهب المالكي رحمهم الله)
8-
فيقول مثلا الإمام ابن كثير في (البداية والنهاية 15 /365) :
” المعز الفاطمي
باني القاهرة المعزية، معد بن إسماعيل بن سعيد بن عبيد الله أبو تميم المُدعي أنه فاطمي، صاحب الديار المصرية، وهو أول مَن ملكها من الفاطميين، وكان ملكهم ببلاد إفريقية وما والاها من بلاد المغرب، فلما كان في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، بعث بين يديه جوهرا القائد، فأخذ له البلاد المصرية من كافور الإخشيدي بعد حروب تقدم ذكرها، واستقرت يد جوهر القائد عليها، فبنى بها القاهرة المعزية، ونزل الملك المكان المسمى بالقصرين، ثم أقيمت الخطبة للمعز في سنة ثنتين وستين وثلاثمائة، وقدم المعز كما ذكرنا في جحافل عظيمة، ومعه الأمراء من المغاربة والأكابر والقواد، وحين نزل الإسكندر ية تلقاه وجوه الناس إليها، فخطبهم بها خطبة بليغة افتخر فيها بنسبه وملكه، وادعى أنه يعدل وينصف المظلوم من ظالمه، وأن الله قد رحم الأمة بهم، واستنقذهم من أيدي الظلمة إلى عدلهم وإنصافهم، وهو مع ذلك يدعي ظاهر الرفض ويبطن الكفر المحض، وكذلك أهل طاعته ومن نصره ووالاه، واتبعه في مذهبه، قبحهم الله وإياه.
وقد أحضر إلى بين يديه الزاهد العابد التقي أبو بكر النابلسي فأوقف بين يديه، فقال له المعز: بلغني أنك قلت: لو أن معي عشرة أسهم لرميت الروم بسهم، ورميت المعزيين بتسعة، فقال: ما قلت هذا، فظن أنه قد رجع، وقال: كيف قلت ؟ قال: قلت: ينبغي أن يرميكم بتسعة، ثم يرميكم بالعاشر، قال: ولم ؟ قال: لأنكم غيرتم دين الأمة، وقتلتم الصالحين، وادعيتم نور الإلهية، فأمر بإشهاره في أول يوم، ثم ضرب بالسياط في اليوم الثاني ضربا شديدا مبرحا، ثم أمر بسلخه في اليوم الثالث، فجيء بيهودي فجعل يسلخه، وهو يقرأ القرآن، قال اليهودي: فأخذتني رقة عليه، فلما بلغت تلقاء قلبه طعنته بالسكين، فمات رحمه الله تعالى، فقيل له: الشهيد، وإليه ينسب بنو الشهيد من أهل نابلس إلى اليوم ”
9-
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى 35/ 151) بعد أن ذكر جملة من خيانات العبيديين والفرق الباطنية الأخرى للإسلام ووقوفهم مع الصليبيين والتتار وغيرهم :
” فهؤلاء المحادون لله ورسوله كثروا حينئذ بالسواحل وغيرها فاستولى النصارى على الساحل، ثم بسببهم استولوا على القدس الشريف وغيره، فإن أحوالهم كانت من أعظم الأسباب في ذلك، ثم لما أقام الله ملوك المسلمين المجاهدين في سبيل الله تعالى كنور الدين وصلاح الدين وأتباعهما وفتحوا السواحل من النصارى وممَن كان بها منهم، وفتحوا أيضا أرض مصر، فإنهم كانوا مستولين عليها نحو مائتي سنة، وأتفقوا هم والنصارى، فجاهدهم المسلمون حتى فتحوا البلاد، ومن ذلك التاريخ انتشرت دعوة الإسلام بالديار المصرية والشامية ”
فالعبيديون جاءوا إلى مصر وهي سنية تعظم الصحابة والرسول والأنبياء وعلى توحيد الله كما فتحها الصحابة وعمرو بن العاص رضي الله عنه، ولما ذهب إليهم جوهر الصقلي أولا قبل نزول العبيديين فيها وعدهم أنه سيبقيهم على سنيتهم، لكن ما إن تمكنوا من البلاد في مصر حتى أعملوا فيها الفساد جيلا من بعد جيل وطيلة حكامهم المتعاقبين على مدى قرابة 200 عام تقريبا قبل أن يطهر صلاح الدين مصر منهم، فإنه علم بحسه الديني والعسكري أنه لا قومة للإسلام ولا استرجاع لبلاد المسلمين من الصليبيين ولا القدس : إلا من بعد أن يتخلص من شرورهم وما احدثوه من بدع وفتن وفساد في الدين والعباد والبلاد
فإن الفطن العاقل ينظف الإناء أولا من الفاسد الذي فيه قبل أن يملاؤه بالنافع !! وهو ما يسميه العلماء بـ :
التخلية .. قبل التحلية !!
وقد ذكر الله تعالى الكفر بالطاغوت أولا قبل ملء القلب بالإيمان بالله :
” فمَن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ” البقرة 256
10-
ولعل الكثيرون لا يعرفون أن الحاكم بأمر الله مثلا يعد من أكثر حكام العالم جنونا واختلالا عبر التاريخ، ومن ذلك ما يحكيه الإمام ابن كثير مطولا في (البداية والنهاية) في الجزء 12 عند حديثه عن سنة 411 وفيها اختفى الحاكم بن المعز الفاطمي (الراجح أنه قتلته أخته بالتعاون مع أحد الأمراء لأنه كان دائما يصفها بالفاحشة وتم دفنه خلسة في المقطم !!)
فيقول ابن كثير :
” ثم دخلت سنة إحدى عشرة وأربعمائة
فيها: عدم الحاكم بمصر، وذلك أنه لما كان ليلة الثلاثاء لليلتين بقيتا من شوال فقد الحاكم بن المعز الفاطمي صاحب مصر، فاستبشر المؤمنون والمسلمون بذلك، وذلك لأنه كان جبارا عنيدا، وشيطانا مريدا.
ولنذكر شيئا من صفاته القبيحة، وسيرته الملعونة، أخزاه الله :
كان كثير التلون في أفعاله وأحكامه وأقواله، جائرا، وقد كان يروم أن يدّعي الألوهية كما ادّعاها فرعون، فكان قد أمر الرعية إذا ذكر الخطيب على المنبر اسمه أن يقوم الناس على أقدامهم صفوفا، إعظاما لذكره واحتراما لاسمه، فعل ذلك في سائر ممالكه حتى في الحرمين الشريفين، وكان قد أمر أهل مصر على الخصوص إذا قاموا عند ذكره خروا سجدا له، حتى إنه ليسجد بسجودهم من في الأسواق من الرعاع وغيرهم، ممن كان لا يصلي الجمعة، وكانوا يتركون السجود لله في يوم الجمعة وغيره ويسجدون للحاكم، وأمر في وقت لأهل الكتابين بالدخول في دين الإسلام كرها، ثم أذن لهم في العود إلى دينهم، وخرب كنائسهم ثم عمرها، وخرب القمامة ثم أعادها، وابتنى المدارس.
وجعل فيها الفقهاء والمشايخ، ثم قتلهم وأخربها، وألزم الناس بغلق الأسواق نهارا، وفتحها ليلا، فامتثلوا ذلك دهرا طويلا.
حتى اجتاز مرة برجل يعمل النجارة في أثناء النهار، فوقف عليه فقال: ألم أنهكم؟
فقال: يا سيدي لما كان الناس يتعيشون بالنهار كانوا يسهرون بالليل، ولما كانوا يتعيشون بالليل سهروا بالنهار فهذا من جملة السهر، فتبسم وتركه.
وأعاد الناس إلى أمرهم الأول، وكل هذا تغيير للرسوم، واختبار لطاعة العامة له، ليرقى في ذلك إلى ما هو أشر وأعظم منه.
وقد كان يعمل الحسبة بنفسه فكان يدور بنفسه في الأسواق على حمار له – وكان لا يركب إلا حمارا – فمن وجده قد غش في معيشة أمر عبد ا أسود معه يقال له: مسعود، أن يفعل به الفاحشة العظمى، وهذا أمر منكر ملعون، لم يسبق إليه، وكان قد منع النساء من الخروج من منازلهن، وقطع شجر الأعناب حتى لا يتخذ الناس منها خمرا، ومنعهم من طبخ الملوخية، وأشياء من الرعونات التي من أحسنها منع النساء من الخروج، وكراهة الخمر.
وكانت العامة تبغضه كثيرا، ويكتبون له الأوراق بالشتيمة البالغة له ولأسلافه، في صورة قصص، فإذا قرأها ازداد غيظا وحنقا عليهم، حتى إن أهل مصر عملوا صورة امرأة من ورق بخفيها وإزارها، وفي يدها قصة من الشتم واللعن والمخالفة شيء كثير، فلما رآها ظنها امرأة، فذهب من ناحيتها وأخذ القصة من يدها فقرأها فرأى ما فيها، فأغضبه ذلك جدا، فأمر بقتل المرأة.
فلما تحققها من ورق ازداد غيظا إلى غيظه، ثم لما وصل إلى القاهرة أمر السودان أن يذهبوا إلى مصر فيحرقوها وينهبوا ما فيها من الأموال والمتاع والحريم، فذهبوا فامتثلوا ما أمرهم به، فقاتلهم أهل مصر قتالا شديدا، ثلاثة أيام، والنار تعمل في الدور والحريم.
وهو في كل يوم قبحه الله، يخرج فيقف من بعيد وينظر ويبكي ويقول: من أمر هؤلاء العبيد بهذا؟
ثم اجتمع الناس في الجوامع ورفعوا المصاحف وصاروا إلى الله عز وجل، واستغاثوا به، فرق لهم الترك والمشارقة وانحازوا إليهم، وقاتلوا معهم عن حريمهم ودورهم، وتفاقم الحال جدا، ثم ركب الحاكم لعنه الله ففصل بين الفريقين، وكف العبيد عنهم، وكان يظهر التنصل مما فعله العبيد وأنهم ارتكبوا ذلك من غير علمه وإذنه، وكان ينفذ إليهم السلاح ويحثهم على ذلك في الباطن، وما انجلى الأمر حتى احترق من مصر نحو ثلثها، ونهب قريب من نصفها، وسبيت نساء وبنات كثيرة وفعل معهن الفواحش والمنكرات، حتى أن منهن من قتلت نفسها خوفا من العار والفضيحة، واشترى الرجال منهم من سبي لهم من النساء والحريم.
قال ابن الجوزي: ثم ازداد ظلم الحاكم حتى عنّ له أن يدّعي الربوبية، فصار قوم من الجهال إذا رأوه يقولون: يا واحد يا أحد يا محي يا مميت، قبحهم الله جميعا ”
—————————–
وحتى نفهم ما فعله صلاح الدين الأيوبي رحمه الله في موضوعنا القادم بإذن الله، يجب أن نعرف أولا كيف جرت أحكام العبيديين في مصر لترسيخ الأباطيل ونشرها وتعليمها فيها، ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي دون تطويل :
1-
لا شك أن (تخريب الأفكار) هو أكثر أمنية لأي حاكم مستبد، وهذا ما فعله الحكام العبيديون ببناء الأزهر أولا (حيث كان منارة للتشيع والرفض أول نشاته – والرفض أي رفض الصحابة)
2-
استغلال المساجد الكبيرة في ذلك الغرض أيضا في خطبها ودروسها وعلى منابرها مثل مسجد عمرو بن العاص رضي الله عنه
3-
إنشاء (دار الحكمة) وجعلها في صورة جامعة لنشر مذهب الإسماعيلية والرفض، وملؤوها بالكتب التي تطعن في الإسلام وترسخ للتاريخ المزور للأسف
4-
إنشاء مكتبات مثل (مكتبة القصر) والتي حوت من كتبهم قرابة مائتي ألف
5-
إخراج مَن كان في مصر سنة 411هـ من الفقهاء المالكية على الخصوص لمعرفتهم بجهادهم ضدهم من بلاد المغرب، وتم تشديد الأمر على الناس أن يحفظوا الكتب الإسماعيلية مثل (دعائم الإسلام) و(مختصر الوزير) ووضعوا الجوائز المالية لمَن يحفظها، وكذلك كان عمل القضاء في مصر بمقتضى هذه التوجهات
6-
بث ونشر ما يهدم العلم الإسلامي الصحيح والفقهي القويم، من نبذ حجية الإجماع والقياس، وكذلك الزعم بأن للقرآن ظاهر وهو ما يقهمه عامة الناس : وباطن وهو المقصور فهمه على آل البيت من نسل فاطمة وعلي رضي الله عنهما فقط !! وهكذا صنعوا لأنفسهم حجة تبرير لمخالفتهم صريح الدين في مسائل كثيرة بدعوى أنهم أهل (الباطن)
7-
الإسراف والبذخ في المباني والعمارة، وإلهاء عامة الناس بكثرة الاحتفالات والمناسبات الدينية التي ابتدعوها ولم تكن في الإسلام، حيث أرادوا من جهة إشغال الناس، ومن جهة أخرى إظهار حبهم للدين بهذه البدع، وذلك بدءا من الاحتفال بالمولد النبوي وانتهاء بالمواسم الشهيرة إلى اليوم في رجب وشعبان وغيرها مما بينهما
هذا ملخص ما فعلوه في مصر في فترات حكمهم
#الباحثون_المسلمون