سلسلة #فيزياء_الجسيمات (7)
دالتون أبو النظرية الذرية الحديثة
————————————————
أولا : حتى تترابط أفكارنا فهذا ملخص الست حلقات السابقة :
1- كانت بدايتنا حيث افترض ديموقريطس أن كل الذرات متماثلة وصلبة وغير قابلة للانضغاط ، إلى جانب أنها غير قابلة للإنقسام ، وأن الذرات تتحرك بأعداد لا حصر لها في فضاء فارغ ، وأن الاختلاف في الشكل والحجم الذرى يحدد الخصائص المختلفة لكل مادة .
2- وتوصلنا إلى فكرة جاليليو جليلي (1564-1642 م) أن ذرات المواد المختلفة لها أوزان وأشكال مختلفة ، و ظلت هذه النظرية اليونانية على حالها وأنها العلم الصحيح ،رغم أنها لم تقم على التجريب أو الملاحظة أو الاختبار .
3- ثم انتهى بنا الحديث عن الحضارة الإسلامية وكيف انتقل العلماء المسلمين بالعلم الطبيعي من التنظير إلى التجريب والملاحظة والقياس والذي على أساسه كانت النهضة العلمية بحق .
بناء على هذه النقلة التجريبية و باستخدام علم الكيمياء الذي وضع المسلمون لبناته الأولى وأنشأوه من العدم تقريبا ، طور روبرت بويل الآلية المستخدمة في التحليل الكيميائي ووصف العنصر بأنه مادة يمكن التعرف عليها بالتجربة العلمية ، دون تقسيمه إلى مادة أبسط منه ، وبهذا يُعدُّ بويل هو من ربط مبدأ العنصر والذرة بطريقة مناسبة .
كما أثبت بنيامين فرانكلين (1706-1790 م) وجود الكهربية الموجبة والسالبة وقام باثبات أن البرق ما هو إلا تراكم هذه الشحنات الكهربية في السحب ، كما استنتج أن الكهرباء هي مائع رقيق يمكن أن يوجد بزيادة أو نقصان داخل المادة .
فيما بعد تمكن لافوازييه (1743-1794 م) من إثبات أن الهواء يتكون من الأكسجين والنيتروجين ، وأن النار ليست عنصرا من العناصر ، معتمدا بذلك على الأفكار التي اقترحها بويل . كما أثبت أيضا أن أي شكل من أشكال المادة له كتلة ثابتة ، وهو مبدأ مفيد للغاية حيث ساعد في الأبحاث التي أجريت على المادة التي تبعته .
في عام 1789 قام العالم هنري كافيندش بإثبات أن الماء يتكون من الأكسجين والهيدروجين ، وشجع هذا الأمر العلماء على البحث عن عناصر جديدة ، وتم اكتشاف العديد منها خلال العقود التالية .
قام جوزيف براوست (1754-1826 م) بتحليل عدد من المركبات وأثبت أن العناصر تتحد بنسب محددة لتكوين المركبات .
في عام 1803 م قدم العالم الانجليزي جون دالتون نموذجه الذري والذي اعتبر بعده أبو النظرية الذرية الحديثة ، حيث افترض أن :
1. المواد تتكون من العديد من الجسيمات غير قابلة للتجزئة (ذرات) ذات حجم صغير جداً.
2. ذرات نفس العنصر متشابهة في الخواص ( الشكل ، الحجم ، الكتلة )، وتختلف تماماً عن ذرات العناصر الأخرى.
3. الذرة مصمتة متناهية الصغر، وغير قابلة للتجزئة
4. يمكن لذرات العناصر المختلفة أن تتحد مع بعضها بنسب عددية بسيطة مكونة المواد.
5. الاتحاد الكيميائي عبارة عن تغيير في توزيع الذرات.
بهذه الافتراضات الخمس أسس دالتون نظريته عن الذرة وقد أثبتت نظرية دالتون نجاحها من خلال تفسيرها لبعض الحقائق القائمة في ذلك الزمان كما أنها استطاعت أيضا التنبؤ ببعض القوانين الغير مكتشفة :
تفسر هذه النظرية (قانون النسب الثابتة) : افترض دالتون ان مادة ما تتكون من عنصرين A و B. وان أي جزيئي من هذه المادة يتكون من ذرة واحدة من A وذرة واحدة من B يعرف الجزيء بأنه مجموعة ذرات مترابطة مع بعضها بقوة تسمح لها بالتصرف أو اعادة التنظيم كجسيم واحد. افترض أيضا ان كتلة الذرة A تكون ضعف كتلة الذرة B وبالتالى فان الذرة A تساهم بضعف الكتلة التي تساهم بها الذرة B في تكوين جزيء واحد من هذه المادة الأمر الذي يعني ان نسبة كتلة الذرة Aالى الذرة B هي 2/1.
وأسس دالتون بهذا فكرة الوزن الذري للعناصر ، وجاء بعده أفوجادرو ففرق بين الذرات والجزيئات وقام بتصحيح الأوزان الذرية التي اقترحها دالتون ، وقدم مبدأه الذي ساهم في تطور النظرية الذرية الحديثة ، وينص هذا المبدأ على أن “الحجم الثابت من أي غازعند درجة حرارة وضغط معينين يحوي دائما عددا ثابتا من الجزيئات ” ، كما تنبأت نظرية دالتون أيضا بقانون النسب المتضاعفة –المتعددة- : “عندما تتحدد ذرة ما مع أخرى وتشكل أكثر من مركب فإن نسبة الأوزان لتلك الذرة التي تتحد مع واحد جرام من الذرة الأخرى يجب أن يكون نسبة بسيطة “.
لكن هل حقا الذرة مصمتة كما اقترح دالتون ؟ وهل هي أصغر جزء يمكن أن نصل إليه ؟
دعونا نتعرف على هذا سويا في الحلقة القادمة فتابعونا …