سن الإياس 2!
(ماذا بعد؟)
تحدثنا في المقال الأول عن مفهوم سن الإياس وربما صححنا بعض المفاهيم الخاطئة، وأسندنا بعضها الآخر إلى العلم. وهدف هذه السلسلة تعريف النساء بهذه المرحلة، لئلا يواجهن شيئًا غريبًا عليهن، ويكن مطمئنات لما يحصل لهن من تغيرات مختلفة حينها.
وكما وصفنا سابقًا فإن سن الإياس هو بوابة إلى مرحلة جديدة في حياة المرأة بما فيها من إيجابيات وتحديات، فبعد انقطاع الطمث بشكل كامل وتوقف أعراض تلك المرحلة (تحدثنا عنها في المقال السابق) تبدأ مرحلة الاستقرار الذهني والثبات الاجتماعي، وكثيرًا ما يبدأن عندها النساء بتوجيه ما مررن به من خبرات وتجارب حياتية ومعرفية باتجاه ما ينفعهن وما ينفع المجتمع وهذا في حال كن استعددن لأن يكن فاعلات من المراحل السابقة.
وككل المراحل الجديدة في حياتنا فإن هذه المرحلة تعد تحديًا للنساء، فعلى المرأة الآن أن تصبح أكثر اهتمامًا بغذائها، وعليها كذلك زيادة زياراتها للطبيب، وتجنب بعض العادات الحياتية التي ربما كانت روتينية فيما قبل.
أما طبيًا فقد ارتبطت مرحلة سن الإياس وما بعدها بارتفاع نسب الإصابة بأمراض معينة والتي يمكن تفاديها (بأمر الله) في حال زادت المرأة من وعيها وحرصها واهتمامها تجاه هذه الأمراض، ونذكر من أهمها ما يلي:ـ
▪سن الإياس وهشاشة العظام:
على الرغم من أن هشاشة العظام هي من أكثر المضاعفات حدوثًا في هذه المرحلة العمرية إلا إنِّها نادرًا ما تؤخذ على محمل الجد من قبل النساء. ففي الوقت الذي تعاني فيه النساء اللاتي تجاوزن عمر الستين من كثرة تعرضهن للكسور العظمية تثبت الدراسات أن مَنْ تلقت علاجًا هرمونيًا منهن كانت الأقل تعرضًا لهذه الكسور وخاصةً في منطقة الحوض.
تشير كذلك بعض المراجع إلى أن قوة العظام التركيبية قد تتراجع بسرعة كبيرة جدًا في مرحلة سن الإياس وقد يصل هذا التراجع إلى ما نسبته 20% مما كانت عليه قبل سن الإياس.
لا تقلقن؛ هنالك أدوية مخصصة لهذا الغرض. راجعن الطبيبة!
تشير أيضًا بعض الدراسات إلى أن العِرق له ارتباط بنسبة ارتفاع خطر الاصابة بهشاشة العظام حيث تُعد النسوة من ذوات البشرة البيضاء أكثر عرضة من الآسيويات وذوات البشرة السمراء.
▪سن الإياس وأمراض القلب والجهاز الدوري الدموي:
إنّ أمراض الشريان التاجي تُعد من أشهر أسباب الوفاة في العالم على حد سواء عند الجنسين. إلا أن النساء اللاتي لم ينقطع عندهن الطمث بعد، هن أقل عرضة للإصابة بهذه الأمراض من الرجال حيث إن العمر الافتراضي الذي قد تصاب عنده المرأة (التي لم ينقطع طمثها بعد) يتأخر عن الرجال بقرابة عشر سنوات وهذا من فضل الله عليهن.
إلا أن خطورة الإصابة بهذه الأمراض ترتفع كثيرًا بعد انقطاع الطمث.
تشير كذلك بعض الدراسات إلى أن النساء اللاتي بدأن بتناول العلاج الهرموني في فترة ما قبل انقطاع الطمث ربما استفدن منه للوقاية من أمراض الشرايين أما أولئك اللاتي بدأن به بعد فترة من انقطاع الطمث (حوالي 9 سنوات) ربما كن أقل استفادة وربما يرجع ذلك إلى أن الشرايين بدأت بالتضرر بالفعل.
– الأمر بسيط: يجب فقط متابعة الأمر بالفحص الدوري.
▪سن الإياس وسرطان الثدي:
المُلاحظ هو أنه كلما تأخر انقطاع الطمث إلى عمر متأخر زادت خطورة الإصابة بسرطان الثدي.
▪سن الإياس والاكتئاب:
الكثير من النساء اللاتي اختبرن مرحلة سن الإياس أخبرن عن تعرضهن لتغيرات مزاجية أو اكتئاب أثناء هذه الفترة.
حيث يعد الاكتئاب في هذه الفترة الحياتية عند النساء أمرًا شائعًا، وفي هذا الصدد نشرت مجلة Menopause الأمريكية بحثًا ذكرت فيه بعض الحقائق عن الاكتئاب الذي تمر به النساء في مرحلة سن الإياس. لكن:
تُظهر الدراسة كذلك أن للعوامل الاجتماعية والديموغرافية أثرًا واضحًا على ظهور حالات الاكتئاب وتطورها في هذه المرحلة، فالنساء الأصغر سنًا والأقل دخلًا وأولئك اللاتي لم يحصلن على دعمٍ أسريٍّ واجتماعيٍّ كافٍ هن أكثر عرضة للاكتئاب.
إلا أنكِ أختنا الكريمة بتوكلك على الله وأخذك بالأسباب ومساندة من حولك من زوجٍ وأولاد، والتفكُّر بنعم الله، تعبرين ذلك الأمر بإذن الله بسهولة ويُسر! وإن زاد الأمر عن حده (ولا يحدث عادةً) يمكن مراجعة طبيبة نفسية، إلا أن الأمر ليس بهذه الخطورة التي قد يتصورها البعض.
حديثنا عن سن الإياس لم ينته بعد، ففي المقال التالي سنتحدث عن وسائل علاجية يقترحها الطب، وسبل وقائية ينصح بها المجتمع الطبي.. فانتظرونا!