شخصية الاسبوع: تاريخ لُغة المكفوفين -لغة برايل
لَوحة برايل مِن الأدوات التّقليدية المُستخدمة لِلكتابة بِطَرِيقةِ برايل وهِي عِبارة عَن إطارٍ مَعدني أو بلاستيكي يُثَبَّت على الورَقة الخاصّة بِكتابة برايل، واللَّوحة مُكوّنة مِن جُزئين، جزءٌ خَلْفِي ويَشتمل على مَجموعة مِن خلايا برايل وجزءٌ أمامِي يوجَد عليه عددٌ مِن المُستطيلات العَمُودية المفتوحة.
————————–
زين الدين الآمدي :
– اسمه :
هو علي بن أحمد بن يوسف بن الخضر أبو الحسن الآمدي المُهندِس والفَقيه واللُّغَوي
عاش في أواخر القرن 12 ميلادي وأوائل القرن 13 ميلادي.
– مولده :
وُلِد زين الدين الآمدي في بغداد، عاش ونَشأ فيها ولَم يغادِرها إذ أنّه أصيب بِفقدان البَصر وهُو صغير، ومَع ذلك فَقَدْ دَرَس على أيدي شيوخ اللُّغة في بغداد وكذلك دَرَس بعض الحيل الميكانيكية.
– مَكانته وعِلمُه:
كان مِن أكابرِ الحنابلة فقهًا وصلاحًا وصِدقًا ومَهابة، كان آيةً في الفراسةِ وحِدّةِ الذِّهن وصِدقِ الرُّؤيا، عارِفًا بِلُغاتٍ شَتّى مِنها الفارسية والتُّركية والمَغُولية والرُّومية، بالإضافةِ إلى لُغَتِهِ العَربيّة التي بها تَثقف وكَتَبَ وألَّفَ وبِها كان يُؤدِّي أعماله.
– صِفاته :
كان شيخًا مَلِيحًا، مهيبًا صالِحًا، ثِقةً صَدوقًا، كبيرَ القَدر والسِّن، وكان لا يفارِق الأشغال والاشتِغال (أي التّدريس والدّرس) أبدًا، وعِنده تودد عظيم سائر أموره وحركاته، وكَانَ لِلناس والحُكّام والرُّؤساء علَيهِ إقبالٌ كبيرٌ لِما لَه مِن خَيرٍ وفَضلٍ ووَرَعٍ ودِينٍ ونَزاهةٍ ومُروءةٍ وحِلْمٍ…
– حياته :
كان الآمدي عالِمًا مِن عُلَماءِ المَدرَسة المستنصرية، مُصابًا بالعَمَى مُنذ نعومةِ أظافِره، لَم يقِف الأمْر به حدّ الاشتغال بالدّرس والتّدريس فقد اتخذ أيضًا مِن بيع الكتُب مِهنة يكسب بها قُوت يومِه، وكَسَب بذلك احترام الخاصّة والعامّة، فقد وَضَع نُصْب عينيه وبإباءٍ شديد ألا يَلجأ إلى الحُكّام أو الرؤساء فسعى لرِزقِ عياله سعيًا حثيثًا وابتعد عَن مَواطن الزلفى ومواقع الذِّلة والهَوان، وكان تاجِرًا في الكُتُب ولا يَنخدع بأسعارها.
– اختراعه مِن أجل القراءة بِدِقّه :
كان يَضع ورَقةً بعد فَتلها حرفًا أو أكثَر مِن حُروف الهِجاء بعدد ثَمَنِ الكتاب بِحِساب الجُمَل ثُم يُلصِقها على طرَفِ جِلد الكِتاب ويَجعل فَوقها ورقةً يُثبِّتُها بمادّةٍ لاصِقة، فإذا أراد معرفة ثمنِ الكِتاب لمس الحُروف الوَرقية بِيَده، تِلك الطّريقة التي استخدمها زين الدين الآمدي لِكَي يُسهِّل على نفسه مَعرِفة أثمان الكُتُبِ تُوضِّح انشغاله كعالِمِ لُغَةٍ ومُهندِسٍ بِفِكرة القراءة لِلعميان فكان الآمدي كما ذكَرَت كُتُبُ تاريخِ العُلومِ هو المبتكرَ الأوَّل لِلحروف النّافرة أو البارِزة التي يَقرأ بها العميان وهِي المعروفة الآن بِطريقة برايل في الكتابة، وكان ذلك قَبْل اختراعِ المُهندِسِ الفرنسِي برايل لها بِنحو 600 عام، إذ أنَّ طَريقة برايل في الكتابة اختُرعت عام 1850م. ولَعلّ السّبيل الذي تَوصّل إليه الآمدي لاكتشاف طريقتِه تِلك في فترةٍ سبقت برايل بِقُرون يَجعلُنا في دهشةٍ مِن أمرِه.
كان ذلك نِتاج تِجارته وهُو الضّرير الذي يَبيع الكُتُب، فكيف لَه أن يَقُوم بذلك الأمر وهُو تجارة تَحتاج مِن صاحبها أن يَكُون مُبْصِرًا، فكان الآمدي يصنع حروفًا بارزة ليتعرف بها على ثمنِ كُلّ كتابٍ يعرضه لِلبيع في مَكتبته دون أيّ ظُلم يَرتكبه في حقّ نَفْسه أو حقّ المُشتري، فجعل كُلّما اشترى كتابًا بِثمَنٍ مَعلومٍ أخَذ قِطعة مِن الوَرق الخفيف وقَام بِفَتْلها بطريقة رقيقة ثُم يصنع مِنها حرفًا أو أكثر مِن حُروف الهجاء ليُحدِّد سِعر الكتاب بحسابِ الجُمَل التي تُشكّلها الحُروف ثُم يقوم بِلَصقها على طرفِ جِلدِ الكِتاب مِن الدّاخل ثُم يُلصق فوقه ورقةً رقيقة لتظل ثابتة، فإذا ساوَرَه الشّك في تحديد أو معرفة ثَمَنِ كتابٍ ما أو اختلط علَيهِ الأمْرُ لَمَس بِطرف أصابعه المَوضع الذي عَلَّمه فيعرف على الفور الثمن المُحدد.
ومِن طريفِ ما يدُلّ على فراسة الرجل ـ كما وصفه مُعاصروه ـ مِن حِدّة في الذّكاء وَرهافة في الحِسّ أنّه أثناء تِجارته في الكتب كان إذا طَلب أي مشترٍ كتابًا قام الرّجل على الفَور بإحضاره له مِن خِزانة كُتُبه وأخرجه مِنها دُون عناءٍ كأنّمَا وضَعه لِتَوِّه، حتّى ولَو كان الكِتاب مؤلّفًا مِن عِدّة مُجلّدات وطُلب مِنه مُجلّد بِعينه. ومِن حِدّة ذكائه أنّه إذا مَسَّ كتابًا حَدّد عددَ كُرّاساتِهِ (ملازمه) فإذا مَرّ بِيده على صفحةٍ مِنه عرف عدد سُطورها ونَوع القلَم الذي كُتبت به ومَدى غلظة الحُروف أو نُعومتها وحَدّد كذلك لَون الحِبر الذي استخدم في الكتابة هل باللّون الأحمر أو الأسود، كذلك يُحدّد نوع الخَطّ وما إذا كان لكاتبٍ واحِدٍ أو أكثر مهما تعدّدت خُطوط الكِتابة.
– مؤلّفاتُه :
ولِلآمدي تصانيف كثيرة في اللُّغة والفِقه منها:
-جواهر التبصير في علم التعبير في تفسير الأحلام .
ـ منتهى السول في علم الأصول في أصول الفقه .
وله تعليقات كثيرة في الفقه والحديث والمذاهب.
المصدر :