منكوشات تطورية :صدمة وجود مقاومة البكتريا والحشرات للمضادات والمبيدات قبل أن يستخدمها البشر !! تكيف لا تطور …
واحد من السيناريوهات الشهيرة عند التطوريين هو : أن البكتريا (وبعد ظهور المضادات الحيوية) قامت باستبقاء (الطفرات) التي تحميها من هذه المضادات الحيوية – وهذا يعد دليلا على التطور يجمع ما بين الطفرات والانتخاب الطبيعي معا … جميل جدا ….. ولكن :
ماذا لو كانت تلك التكيفات (ولن نقول الطفرات) هي موجود أصلا في البكتريا وقبل اكتشاف أو استخدام المضادات الحيوية ؟!!!
تذكر لنا مجلة Medical Tribune العلمية الشهيرة وبكل وضوح في عدد 29 ديسمبر 1988 الكلام الصادم التالي :
” في عام 1845، . . . بعثة القطب الشمالي ماتوا في الجليد الشديد وتجمدوا تماما إلى أن تم العثور على جثثهم في عام 1986. وكان الحفظ لأجسادهم كاملا لدرجة بقاء ست سلالات من بكتيريا القرن التاسع عشر نائمة في محتويات أمعاء البحارة تم تنشيطها من جديد !! وعند اختبارها : وجدوا أن هذه البكتيريا تمتلك المقاومة للعديد من المضادات الحيوية الحديثة اليوم : بما في ذلك البنسلين ” !!
In 1845, . . . Arctic expedition were buried in the permafrost and remained deeply frozen until their bodies were exhumed in 1986. Preservation was so complete that six strains of nineteenth-century bacteria found dormant in the contents of the sailors’ intestines were able to be revived! When tested, these bacteria were found to possess resistance to several modern-day antibiotics, including penicillin
المصدر :
Medical Tribune, December 29, 1988, pp. 1, 23
===============
الغريب أنه بعد العدد السابق بعشر سنوات تقريبا : تكرر نفس الحقائق الصادمة المجلة العلمية الأمريكية الشهيرة Scientific American) في عدد مارس 1998 فتقول – رغم أنها من المروجين للتطور – :
” كثير من البكتيريا كانت لديها معلومات وراثية للمقاومة قبل استخدام المضادات الحيوية التجارية.. ولا يعرف العلماء تحديدا لماذا تطورت هذه الجينات وتم الحفاظ عليها وإبقاؤها ” !!
Many bacteria possessed resistance genes even before commercial antibiotics came into use. Scientists do not know exactly why these genes evolved and were maintained
المصدر :
Stuart B. Levy, “The Challange of Antibiotic Resistance”, Scientific American, March 1998, p. 35
===============
الجديد هنا : أن الأمر لا يقتصر على البكتيريا فقط !! بل تم العثور في الحشرات نفسها على تعديلات جينية (تكيف) يحميها من المبيدات الحشرية قبل استخدام البشر لها كذلك !!
يقول عالِم الأحياء (التطوري) فرانسيسكو أيالا :
” التنوعات الوراثية المطلوبة لاكتساب المناعة ضد أكثر أنواع المبيدات الحشرية، كانت موجودة لدى كل حشرة تعرضت للمركّبات الكيميائية التي صنعها الإنسان ضد الحشرات ” !!
… the genetic variants required for resistance to the most diverse kinds of pesticides were apparently present in every one of the populations exposed to these man-made compounds.
المصدر :
Francisco J. Ayala, “The Mechanisms of Evolution”, Scientific American, Vol 239, September 1978, p. 64
=================
إذن – والخلاصة – وكتشبيه بسيط :
الإنسان مثلا يمتلك جينات وراثية – ويمتلك ما يمكن تسميته (فوق الجينات الوراثية) أو طبقة أخرى تتحكم في تفعيل أو تثبيط صفات ووظائف الجسد حسب الحاجة .. فمثلا أنت لا تعرق بشدة في الشتاء – ولكنك تعرق بشدة في الصيف (هذا تكيف قائم على تنشيط أو تثبيط وظيفة التعرق في الجسد) – وبالعكس : أنت تتبول أكثر في الشتاء عن الصيف .. وهكذا
هذا عن الصفات الظاهرة والمعروفة ولكن : ماذا عن الصفات غير المعروفة بعد ؟ (تذكروا أن الحمض الوراثي لا زال معقدا جدا والعلماء يحاولون فهمه إلى الآن رغم فك شيفرته بالكامل) ولنضرب مثالا آخر :
مجموعة البشر تحيا طوال أجيالها على الأرض عند مستوى ارتفاع مماثل لمستوى سطح البحر – ثم قامت مجموعة منهم بالانتقال إلى أعالي الجبال الشاهقة للعيش هناك لأي سبب من الأسباب – هنا سيعانون قليلا في البداية : ثم بعد فترة سيجدون أن أجسامهم بدأت (تتكيف) مع الوضع الجديد !!
إن ما حصل هنا ويمكن تسميته بالتكيف وظهور صفات وقدرات كانت مخزنة ولكن لم يأت وقت استخدامها بعد : يستغل التطوريون مثله في البكتريا أو الحشرات أو غيرهم ليوحون للناس بأنه (تطور) !!
في حين أنه (تكيف) ولم يأت الكائن الحي بأي زيادة (جديدة) أو (إضافة) لحمضه النووي لم تكن موجودة من قبل !!
بل مجرد تغيير التعبير عن بعض الجينات : تفعيلها أو تثبيطها – وكما رأينا في المنشور السابق عن تجربة لينسكي مع البكتريا –
أحد متابعي الصفحة – الأستاذ Malek Azzi- ذكر مثالا جميلا جدا درسه في (الثانوية) عن تكيف البكتريا وهو :
تجربة عن ظهور البروتينات في البكتريا – حيث تم إحضار بكتيريا شاهدة (أي سليمة للقياس عليها) وأخرى طافرة (أي تم تعريضها للأشعة فوق البنفسجية للعبث في حمضها النووي) ووضع كل منهما في أنبوب به جلوكوز ولكتوز
والبكتريا تستعمل الجلوكوز من أجل التكاثر – ولذلك توقفت عن التكاثر عند نفاذ الجلوكوز من أنبوبة الاختبار – ولكن وبعد فترة قصيرة : لوحظ عودة البكتيريا السليمة للتكاثر من جديد : بينما فشلت البكتيريا الطافرة – والسبب :
أن البكتيريا السليمة قامت بتركيب إنزيم اللاكتاز الذي يقوم بتحويل اللكتوز إلى جلوكوز وجلاكتوز . فاستنتج العلماء من هنا أن تنشيط الجينات لهذه الوظيفة البديلة وبالتالي تركيب هذا البروتين : يكون حسب حاجة الخلية البكتيرية !! حيث أدى نفاذ الجلوكوز ووجود اللكتوز إلى تحفيز تركيب إنزيم اللاكتز الذي تمتلكه أصلا البكتريا ولكنه لم يكن ناشطا لوجود الجلوكوز بالفعل في أول الأمر – وهي الحالة العادية –
نرجو أن يكون اتضحت هذه الحقائق الهامة جدا – ونلقاكم على خير