هو القدرة على الحفاظ على الأنسجة في درجة حرارة النّيتروجين السّائل لفتراتٍ طويلةٍ من الزّمن، وإعادتها دون ضررٍ، وهو شيءٌ لطالما حَلُمَ العلماء بتحقيقه مع عيّناتٍ كبيرةٍ من الأنسجة والأعضاء لعقودٍ من الزّمن.
ليس فقط في تطبيقات إطالة العُمُر التّي قرأنا عنها في روايات الخيال العلميّ، بل وبواقعيّةٍ أكبر، لأنّ التّكنولوجيا قد تسمح للمستشفيات بتخزين الأعضاء تخزينًا آمنًا لفتراتٍ طويلةٍ من الزّمن.
ففي الوقت الحاليّ، يموت 22 شخصًا في الولايات المتّحدة وسطيًّا كلّ يومٍ أثناء انتظارهم زرع الأعضاء.
واحدٌ من أكبر التّحدّيات -ليس العوز في الأعضاء المتوفرة للزراعة- وإنّما عدم قدرة الأعضاء على المكوث في الجّليد أكثر من بضع ساعاتٍ دون أن تتعرّض للتّلف.
وهذا يعني أنّه حتّى لو كان هنالك ما يكفي من الأعضاء المُتبرَّع بها، تبقى مشكلةٌ لوجستيّةٌ كبيرةٌ العثورَ على مُتلقٍّ مُطابقٍ، والحصول على الأعضاء لهم بالسّرعة المطلوبة.
قد يكون الحلّ الأفضل هو الحفظ بالتّبريد – إبقاء النسيج محفوظًا في درجة حرارةٍ مابين (-٨٠ و -١٩٠) درجةٍ مئويٍّة (-١١٢ و -٣١٠ درجة فهرنهايت ). <<لو أنّ فقط نصف هذه الأعضاء التّي يُتخلَّص منها زُرعت للمرضى المحتاجين لها، حينها يُقَدَّر إخماد قوائم الانتظار تلك لهذه الأعضاء خلال سنتين إلى ثلاث سنواتٍ>>.
هذا ما قاله الباحثون، بقيادة (أ.جون بيشوف) من جامعة مينيسوتا الامريكية.
لكن عند إذابة الجليد تتأذى هذه الأعضاء فلا يمكن استخدامها.
فما الحل؟!
قام باحثون بتطوير تقنيّةٍ تسمح لهم بإذابة الجليد بسرعةٍ عن عيّناتٍ بشريةٍ وعيّناتٍ من الخنزير محفوظةٍ بالتّجميد دون إحداث ضررٍ بالأنسجة، وهو تطوّرٌ قد يُساعد في التّخلص من قوائم الانتظار لزرع الأعضاء.
بدلًا من استخدام النّقل الحراريّ (نقل الحرارة بالماء أو الهواء على سبيل المثال)، استخدم الفريق جسيمات النّانو لتسخين الأنسجة في معدلٍ مُوحِّد (دفعةٌ واحدةٌ)، وبالتالي لن تتشكل البلّورات الجليديّة، وبهذا لن تتضرّر الأنسجة.
للقيام بذلك، قام الباحثون بخلط جزيئات أوكسيد تيتانيوم الحديد المغلّفة بالسّيليكا في محلولٍ، ووُلِّدت حرارةٌ موحِّدةٌ عن طريق تطبيق حقلٍ مغناطيسيٍّ خارجيٍّ.
وبعد ذلك قاموا بتسخين عدة عيّناتٍ من الأنسجة البشريّة وأنسجة الخنزير تتراوح ما بين 1 إلى 50 مل، وذلك باستخدام التّسخين البطيء التّقليديّ، أو باستخدام تقنية النانو الجديدة.
لم يَظهر أيّ ضررٍ على النّسيج المُسخَّن بجسيمات النّانو في كل محاولات التسخين، على عكس العيّنات الأخرى، وبعد الذوبان من الممكن إزالة جسيمات النّانو بنجاحٍ عن العيّنة.
اختبر الفريق أيضًا نظام التّسخين في 80 مل -هذه المرة بدون نسيجٍ- وبدا أنّه حقّق نفس معدّل التّسخين تمامًا كما في العيّنات الأصغر حجمًا، ممّا يُشير إلى أنّ هذه التقنيّة قابلةٌ للتّطوير.
يعترف الفريق أنّ الأنسجة الأكبر -وحتّى الأعضاء كاملةً- سوف تحتاج إلى حقن جسيمات النّانو فيها، بدلًا من إحاطتها بها لتحقيق نفس الحرارة الموحِّدة، ولكن هذا شيءٌ يودّون تجريبه لاحقًا.
من المهم ملاحظة أنّ الفريق لم يُظهر نجاح تقنيّته على الأعضاء، والّتي تتكون من ترتيباتٍ معقّدةٍ من أنواعٍ متعددةٍ من النُسج.
إنه لأمرٌ يتطلّب الكثير من التّحسين والتَّعديل، لذلك نحن على بُعد مسافٍة طويلةٍ عن القدرة على إعادة الأعضاء من بعد حفظها بالتّجميد، ولكنها المرّة الأولى الّتي نرى فيها مثل هذه الأحجام الكبيرة من النّسيج أُُذيب جليدها بنجاحٍ، وهذا مثيرٌ جدًّا!.