مقاومة عملية تصحيح الحمض النوويّ للقضاء على السرطان، طريقةٌ جديدةٌ للتغلّب على المقاومة الكيميائيّة.
في عام 2012 كان هناك ما يقارب 8.2 مليون حالة وفاةٍ تتعلق بمرض السرطان في جميع أنحاء العالم. العلاج الكيميائيّ يُعتبر أكثر أنواع العلاج انتشارًا، ولكنه لا يُمثّل عصا سحريةً لمقاومة السرطان، وذلك يعود إلى ما يُعرف بالمقاومة الكيميائيّة، فَهْمُ هذه العمليّة قد يُساعد الكيميائيين على تطوير أدويةٍ جديدةٍ لمعالجة المشكلة.
لفهم ما المقاومة الكيميائية، علينا أولاً أن نتعرّف على الخليّة السرطانيّة.
الخلايا في جسدك تنقسم بشكلٍ مستمرٍّ، وفي كل مرّةٍ تنقسم فيها يتم فكّ الحمض النووي الخاص بك حتي يتم نسخه، عملية النسخ هذه ليست مثاليةً، في بعض الأحيان قد تحدث بعض الأخطاء، ولكن لحسن الحظ خلايا الجسم لديها من الأدوات والعمليات ما يلزم لتصحيح مثل هذه الأخطاء في عمليةٍ تُعرَف بالمراجعة الخلوية.
وعلى الرّغم من ذلك، إلا أن عملية التصحيح هذه يمكن أن تَغفلَ عن بعض الأخطاء، ومع مرور الزمن تتراكم هذه الأخطاء مكوّنةً أوراماً حميدةً،
ولكن في الخلايا السرطانيّة، تكون لديها القدرة على السيطرة علي عملية الانقسام، لتنقسم دون أي رقابةٍ على الخلايا الجديدة، وفي نهاية المطاف ينتج عن ذلك تشكّل نموٍّ غير طبيعيٍّ من الخلايا، والذي يُعرَف بالأورام.
هذه الأورام تُسبب العديد من المشاكل للجسم.
وفي محاولةٍ لاستعادة السيطرة على الخلايا السرطانيّة، يمكن استخدام علاجاتٍ مختلفةٍ، فالعلاج الإشعاعيّ يستخدم حزمًا عالية الطاقة لاستهداف الحمض النووي للخلايا السرطانية، في حين أن العلاج الكيميائيّ ينطوي على أدويةٍ مضادّةٍ للسرطان، وواحدٌ من الأدوية المعروفة المضادة للسرطان يُسمى سيسبلاتين، الذي يعمل عن طريق تشكيل جسرٍ بين فروع الحمض النووي في الخلايا السرطانيّة، ومنعها من فكها وتكرارها.
وهذا يجعل الخلية السرطانية غير قادرةٍ على صنع نُسَخٍ من نفسها، مما يؤدي إلى تباطؤ أو حتى توقف نمو الورم.
ولكن يوجد مشكلةٌ، وهي أن عمليات إصلاح الحمض النووي والمصححات الخلوية التي يمكنها تصحيح الأخطاء بعد نسخ الحمض النووي، يُمكنها أيضًا إزالة الحواجز التي وضعتها الأدوية الكيميائية داخل الأحماض النووية للخلايا السرطانيّة، وهكذا تستفيد الخلايا السرطانية من هذه العمليات للتغلب على الأدوية الكيميائية، حيث تُسخّر العمليات الطبيعية داخل الخلايا لاستعادة سيطرتها مرةً أُخرى!
وهو ما يؤدي إلى الاحتياج إلى جرعاتٍ عاليةٍ على نحوٍ متزايدٍ من عقاقير العلاج الكيميائي لتدمير السرطان، وأحيانًا حتى هذه الجرعات لا تكفي.
ولكن لحسن الحظ فإن اعتماد الخلايا السرطانية على هذه الميكانيكية من الممكن أن ينقلب ضدّها، حيث إن هذا يُعرّفنا سلوك الخلية بوضوحٍ، واعتمادها بشكلٍ أساسيّ على ميكانيكيّةٍ معينةٍ مما يفتح المجال أمام الكيميائيين لمحاولة إيجاد أدويةٍ لمنع هذه الميكانيكية داخل الخلايا السرطانية.
أحد هذه الأدوية olaparib أولاباريب، الذي يمنع بروتين إصلاح الحمض النووي المُسمى Poly (ADP-ribose) polymerase من إتمام عملية الإصلاح في الأحماض النووية، وهذا يعني أن هناك فرصةً للمحافظة على الجسور التي أنشأها العلاج الكيميائيّ في الحمض النووي للخلايا السرطانية.
يعمل العلماء الآن على أدويةٍ جديدةٍ يمكنها أن تمنع المزيد من عمليات إصلاح الحمض النووي على أمل أن تستخدم هذه الأدوية لعلاج المقاومة الكيميائية في مجموعةٍ واسعةٍ من السرطانات، مما يزيد من فرص بقاء المريض على قيد الحياة.
#كيمياء
#الباحثون_المسلمون
———————
المراجع:
https://www.nature.com/nrc/journal/v16/n1/full/nrc.2015.4.html
https://www.nature.com/nrc/journal/v7/n8/full/nrc2167.html
https://www.nature.com/scitable/topicpage/dna-damage-repair-mechanisms-for-maintaining-dna-344
https://www.cancer.org/treatment/treatments-and-side-effects/treatment-types/chemotherapy/how-chemotherapy-drugs-work.html