طُفيلي قد يأخذ قضمة سطحية من الوجه!
حبة حلب وطفيلي الـ Leishmania
وجهٌ لمريض يُخيل إليك للوهلة الأولى أنه مُتآكل، ويدان ممتلئتان بالأحافير!
يُقال لك أنه مُصاب بالليشمانيا، الحمى السوداء، داء كالازار، حبة حلب؛ تعدَّدت الأسماء والمرض واحد، فما هي الليشمانيا؟
الليشمانيا أو داء الليشمانيات (leishmaniasis) هو مرض يُسبِّبه طفيلي الليشمانيا الذي ينتقل عبر لدغة أنثى ذبابة الرمل مُسببًا تقرُّحات جلدية عميقة قد تُشفى ذاتيًا مع الوقت، وقد تتطوَّر لمرضٍ جهازي خطير ومشوِّه.
تُفضِّل ذبابة الرمل العيش في المناخات الحارة والمعتدلة؛ لذلك فإنَّ هذا الطفيلي غالبًا ما ينتشر في المناطق الاستوائية والمعتدلة كجنوب إفريفيا والهند وأفغانستان وحوض البحر المتوسط والبرازيل.
لكن هل يُسبِّب مشكلة جلدية فقط؟! وكيف #يظهر المرض؟
ينقسم داء الليشمانيات إلى ثلاثة أنواع حسب درجة عمق المرض:
1- الليشمانيا الجلدية وهي الأكثر شيوعًا
3- الليشمانيا الداخلية أو الحَشوية، وتُسمَّى في الهند بالحمى السوداء وهو النوع الأكثر شراسة.
– تظهر الليشمانيا الجلدية على شكل تقرُّحات موضعية عميقة على الجلد المكشوف (كالرِّجل واليد والرقبة والوجه) دون وجودِ ألمٍ أو حكَّة في موضع التقرُّحات، والتي قد تجعلك تَرى المُصاب وكأنه قد تعرَّض لهجومٍ من وحش على وجهه أو يديه! هذه التقرحات يُمكن أنْ تلتئم تلقائيًا دون تدخُّل دوائي خلال 2-10 أشهر.
– أمَّا بالنسبة لليشمانيا المخاطية فإنَّ الأضرار تصل إلى أنسجةِ الأنف والبلعوم، بالإضافة إلى التهاباتٍ تشمل اللثة والأغشية المخاطية البصرية والتناسلية في الحالات الشديدة؛ وهي حالةٌ نادرة لكنها تحتاج إلى تدخُّلٍ علاجي سريع.
– في حالة الليشمانيا الداخلية أو الحَشوية فإنَّ المرض يُصبح خطيرًا وينتشر في أجهزة الجسم مُسببًا تضخُّمًا في الكبد والطحال، واعتلالًا غديًّا، وآلامًا في المفاصل والعضلات، بالإضافة إلى الحمى المستمرة وفقدان الوزن. إنَّ 95% من حالات الليشمانيا الحَشوية تنتهي بالوفاة إذا تُرِكت دون علاج! [1].
في إحصائيات قامت بها منظمة الصحة العالمية لعام 2017، رُصِدت أعلى حالات الإصابة بالليشمانيا الجلدية -تُقدَّر بالآلاف- في أفغانستان والبرازيل، بينما كانت أعلى حالات الإصابة بالليشمانيا الحَشوية في الهند والبرازيل وجنوب السودان[2].
قد يكون المُصاب حاملًا لهذا الطفيلي لكن بصورته النائمة فلا تظهر على المريض أية أعراض، ثم خلال سنوات يستيقظ هذا الوحش النائم -الذي لا يُرى بالعين المُجرَّدة- حينما تتوفَّر عوامل خطورةٍ أخرى لدى المريض مثل ضعف المناعة، سوء التغذية، والانتقال للعيش في المناطق المُكتظَّة بالسكان والتي تقل فيها مستويات الرعاية الصحية والبيئية [3].
نظرًا لأن الأعراض قد تكون مُشابِهة لأعراضِ أمراضٍ جلديةِ أخرى، يُجرَى تشخيص داء الليشمانيات ابتداءً من مدى انتشار ذبابة الرمل في المنطقة التي يعيش فيها المريض، ثم البحث عن الطفيلي في الأنسجة المُصابة باستخدام الفحص النسيجي المجهري لعينةٍ منها [4].
كما يُقال، الوقايةُ خيرٌ من قنطارِ علاج! فإنَّ التدابير الأولية لعلاج داء الليشمانيات هو بالوقاية من الإصابة به؛ وذلك عن طريق تجنب الذهاب إلى المناطق الموبوءة أو التي تنتشر فيها ذبابة الرمل، وتقليل أعداد الذباب الرملي الناقِل للمرض باستخدام المبيدات الحشرية [5].
بالنسبة للعلاج بالأدوية ففي حالة الليشمانيا الجلدية فإن التقرَّحات تُشفى تلقائيًا دون الحاجة للتدخُّل الدوائي، تاركةً ندوبًا سطحية في مكان الإصابة.
كما يُمكن علاج داء الليشمانيات عن طريق الحقن داخل التقرُّحات أو في الوريد بمضادٍ طفيلي يُسمَّى (الأنتيمون خماسي التكافؤ) (pentavalent antimonial) أو مضاداتٍ طفيلية أخرى كالـ (أمفوتيرسين والباروموميسين ومركبات الأزول).
ويَعتمد اختيار العلاج المناسب من بين العلاجات المُقترَحة على درجة عُمق الليشمانيا وصِحَّة الجهاز المناعي للمريض والفصيلة التي يَنتمي إليها الطفيلي الليشماني والتي تختلف حسب البلاد التي يتواجد فيها [6][7].
أحدُ العلاجات البديلة أيضًا هي الكي بالتبريد عن طريق استخدام النيتروجين السائل؛ وهي طريقةٌ علاجية تُستخدَم في التقرُّحات البسيطة من الليشمانيا الجلدية.
ولا تزال الأبحاث مستمرة من أجلِ الحدِّ من انتشار الطفيلي وتطوير لقاحات أكثر فعاليَّة لعلاج مثل هذه الأمراض الطفيلية [8].