كنا رأينا معاً في المنشور رقم 86- فيلما ألمانيا وثائقيا أكثر من رائع وهو : علوم الإسلام الدفينة – شاهد واستمتع بحضارتك التي يشوهونها لك: هنا
ورأينا معا كيف تم الاستحواذ على كتب ومخطوطات علماء المسلمين وإخفائها في أوروبا لتسطع بعد ذلك شمس الحضارة هناك بقرون على يد مشاهير العلوم آنذاك مثل فيبوناتشي ودافنشي وكوبرنيكوس وجاليليو ونيوتن وبيكون !! وفي مقابل ذلك نقلوا لنا – باعترافهم في الفيلم الوثائقي – أسوأ ما عندهم – يعني من فساد الأخلاق وامتصاص للثروات والاحتلال المدمر للحضارة –
لن نطيل عليكم – ولكننا في هذا المنشور والمنشور القادم بإذن الله تعالى سنرى معا : هل لنيوتن الفضل بالفعل في أول وصف علمي دقيق للجاذبية الأرضية بل ولقوانين الحركة كما سنرى فيما بعد ؟
لعل أشهر حادثة تم إلصاقها بعقولنا في الصغر وإلى اليوم هي سقوط التفاحة على نيوتن وتفكيره في الجاذبية الأرضية بصورة علمية صحيحة بدلا من أرسطو الذي تحدث عنها ولكن بأخطاء مثل قوله أن الأجسام الثقيلة تسقط أسرع من الخفيفة
يذكر تلك القصة ويليام ستوكلي في كتابه (حياة السير إسحاق نيوتن محادثة مع نيوتن في كنسينغتون في لندن في 15 أبريل 1726) فيقول :
” …… ذهبنا إلى الحديقة لنشرب الشاي تحت ظلال بعض أشجار التفاح أنا وهو فقط. وفي ضمن الحوار، أخبرني أنه في حالة كهذه أتته فكرة مفهوم الجاذبية. قائلاً “لماذا تسقط التفاحة دائمًا عموديًا على الأرض؟” ثم قال لنفسه: “لماذا لا تسقط جانبًا أو تصعد لأعلى؟ لا بد أنها تتجه إلى مركز الأرض، إذا بالتأكيد أن الأرض جذبتها. بالتالي لا بد من وجود قوى جاذبة في المسألة. ومجموع القوى الجاذبة في مسألة الأرض يجب أن تكون في اتجاه مركز الأرض، وليس في أي جانب. بالتالي تسقط التفاحة عموديًا، أو نحو المركز. وإذا كانت الأشياء يجذب بعضها بعضًا؛.. يجب أن يتناسب ذلك مع حجمها. فتكون التفاح تجذب الأرض، كما تجذب الأرض التفاحة ”
والآن – نيوتن عاش في (1052 – ت1139هـ) (1642-ت1727م)
وقارنوه بالعلماء المسلمين الآتي أسمائهم وتواريخهم :
واسمه (الحسن بن أحمد بن يعقوب) قال في كتابه (الجوهرتين العتيقتين المائعتين من الصفراء والبيضاء) في سياق حديثه عن الأرض ككرة (وهذا سبق آخر) وما يرتبط بها من مياه وهواء:
“فمَن كان تحتها (أي تحت الأرض من الجهة الأخرى ككرة) فهو في الثابت في قامته كمن فوقها، ومسقطه وقدمه إلى سطحها الأسفل كمسقطه إلى سطحها الأعلى، وكثبات قدمه عليه، فهي بمنزلة حجر المغناطيس الذي تجذب قواه الحديد إلى كل جانب..”
وقد تحدث عن التسارع (أو العجلة) في سقوط الأجسام نحو الأرض واحتوى كتابه (ميزان الحكمة) ما يدل على معرفته بالعلاقة الصحيحة بين السرعة التي يسقط بها الجسم نحو سطح الأرض والبعد الذي يقطعه والزمن الذي يستغرقه، وهي العلاقة التي تنص عليها المعادلات الرياضية المنسوبة لجاليليو في القرن السابع عشر الميلادي – ومن أقواله :
” إن ذلك ناتج عن قوة تجذب هذه الأجسام باتجاه مركز الأرض ”
يؤكد ما سبق إليه الهمداني من أن الأرض تجذب ما فوقها نحو مركزها حيث جاء في كتابه (القانون المسعودي) أن الأثقال إلى أسفل.
وقد نجح في تصحيح الخطأ الجسيم الذي وقع فيه أرسطو عندما قال بسقوط الأجسام الثقيلة أسرع من الأجسام الخفيفة، بل وسبق جاليليو في إثبات أن سرعة الجسم الساقط سقوطًا حرًا تحت تأثير الجاذبية الأرضية لا تتوقف إطلاقًا على كتلته، وذلك عندما تخلو الحركة من أي معوقات خارجية، وقد عبر عن هذه الحقيقة العلمية الهامة في كتابه (المعتبر في الحكمة) فقال:
“… وأيضًا لو تحركت الأجسام في الخلاء لتساوت حركة الثقيل والخفيف والكبير والصغير والمخروط والمتحرك على رأسه الحاد والمخروط المتحرك على قاعدته الواسعة، في السرعة والبطء؛ لأنها إنما تختلف في الملاء بهذه الأشياء بسهولة خرقها لما تخرقه من المقاوم المخروق كالماء والهواء وغيرهما..”.
بل وقد أضاف البغدادي حقائق جديدة أخرى عن ظاهرة الجاذبية من خلال دراسته لحركة المقذوفات، وذلك من حيث إن حركتها إلى أعلى عند القذف تعاكس فعل الجاذبية الأرضية، أو أن القوة التي قذف بها الجسم إلى أعلى تعمل في تضاد مع قوة الجاذبية الأرضية، فيقول:
“… فكذلك الحجر المقذوف فيه ميل مقاوم للميل القاذف؛ إلا أنه مقهور بقوة القاذف؛ ولأن القوة القاسرة عرضية فيه، فهي تضعف لمقاومة هذه القوة والميل الطبيعي ولمقاومة المخروق.. فيكون الميل القاسر في أوله على غاية القهر للميل الطبيعي، ولا يزال يضعف ويبطئ الحركة ضعفًا بعد ضعف وبطئًا بعد بطء حتى يعجز عن مقاومة الميل الطبيعي، فيغلب الميل الطبيعي فيحرك إلى جهته”.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن البغدادي لا يستخدم مفهوم ” الميل” كقوة خفية أو “وحشية” طبيعية في اتجاه الحنين إلى حضن الأم: كوكب الأرض، مثلما قال أرسطو، ولكنه عنى به القوة المادية التي تتحكم علميًا في حرمة المقذوف صعودًا ضد الجاذبية وهبوطًا في اتجاهها، والسؤال الذي طرحه البغدادي فيما يتعلق بهذه القضية العلمية هو:
هل يتوقف الحجر المقذوف عند أعلى نقطة يصل إليها حين يبدأ في الارتداد إلى سطح الأرض؟ ويجيب هو نفسه بالنص الواضح الصريح:
“من توهم أن بين حركة الحجر علوا المستكرهة بالتحليق وبين انحطاطه وقفة فقد أخطأ، وإنما تضعف القوة المستكرهة له وتقوى قوى ثقله، فتصغر الحركة، وتخفي حركته على الطرف، فيتوهم أنه ساكن”.
حيث كما رأينا في المنشور السابق كيف تحدث علماء الإسلام عن الجاذبية الأرضية بكل دقة قبل نيوتن بستة قرون على الأقل
فسنرى الآن أيضا كيف سبق علماء الإسلام للمرة الثانية العالم نيوتن الذي عاش في (1052 – ت1139هـ) (1642-ت1727م) في وصف قوانين الحركة الثلاثة الشهيرة أصل أغلب الماكينات اليوم من السيارات إلى الصواريخ والتي ذكرها في كتابه (الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية) ثم تم نسبتها إليه حصريا (للأسف) وفي محو تام لفضال الحضارة الإسلامية التي تغذى عليها أكابر علماء أوروبا وكما بيناه سابقا !!
وظل ذلك الوضع إلى أن تصدى للبحث في تاريخنا العظيم وكتبنا ومخطوطاتنا التي في أرقى جامعات العالم وأوروبا : جماعة من علماء الطبيعة المسلمين المعاصرين وفي مقدمتهم الدكتور مصطفى نظيف أستاذ الفيزياء، والدكتور جلال شوقي أستاذ الهندسة الميكانيكية، والدكتور على عبد الله الدفاع أستاذ الرياضيات.. فاكتشفوا أن الفضل الحقيقي في اكتشاف هذه القوانين إنما يرجع إلى علماء المسلمين !! وأنه ما كان دور نيوتن وفضله فيها إلا تجميع مادة هذه القوانين وصياغتها في قالب رياضي !! لن نطيل عليكم ونترككم مع المفاجآت – والشكر موصول لموقع (قصة الإسلام) الرائع على الإنترنت : هنا
” إن الجسم يبقى في حالة سكون أو في حالة منتظمة في خط مستقيم ما لم تُجبره قوى خارجية على تغيير هذه الحالة ”
والآن إلى المفاجأة …..
” إنك لتعلم أن الجسم إذا خُلِّي وطباعه، ولم يَعْرِضْ له من خارجٍ تأثيرٌ غريبٌ، لم يكن له بُدٌّ من موضع معين وشكل معين، فإن في طباعه مبدأ استيجاب ذلك، وليست المعاوقة للجسم بما هو جسم، بل بمعنى فيه يطلب البقاء على حاله “.
والواضح لنا من النص السابق أن تعبير ابن سينا للقانون الأول للحركة أكثر دقة من تعبير إسحاق نيوتن الذي جاء بعده بأكثر من ستة قرون !! حيث يؤكد فيه على أن الجسم يبقى في حالة سكون أو حركة منتظمة في خط مستقيم ما لم تجبره قوى خارجية على تغيير هذه الحال؛ بما يعني أن ابن سينا هو أول من اكتشف هذا القانون !!
وهذا القانون يربط بين مجموع القوى المؤثرة على الجسم وعلى زيادة سرعته، وهو ما يعرف بالعجلة، وتكون العجلة متناسبة مع حجم القوة وفي نفس اتجاهها، ويعتبر ثابت هذا التناسب بمثابة كتلة الجسم (ك).
قوانين الجاذبية الأرضية اكتشاف المسلمين وقد جاء ذلك في قالب نيوتن الرياضي حيث قال: “إن القوة اللازمة للحركة تتناسب تناسبًا طرديًّا مع كلٍّ من كتلة الجسم وتسارعه، وبالتالي فإنها تُقاس كحاصل ضرب الكتلة × التسارع، بحيث يكون التسارع في نفس اتجاه القوة وعلى خط ميلها”.
المفاجأة ………..
يقول في كتابه (المعتبر في الحكمة) :
“وكل حركة ففي زمان لا محالة، فالقوة الأشدّ تُحرِّك أسرع وفي زمن أقصر.. فكلما اشتدت القوة ازدادت السرعة فقصر الزمان، فإذا لم تتناه الشدة لم تتناه السرعة، وفي ذلك تصير الحركة في غير زمان أشد؛ لأن سلب الزمان في السرعة نهاية ما للشدة”.
وفي الفصل الرابع عشر الموسوم (الخلاء) قال بلفظه: “تزداد السرعة عند اشتداد القوة, فكلما زادت قوة الدفع زادت سرعة الجسم المتحرك وقصر الزمن لقطع المسافة المحددة”.
وهو بالضبط ما نسقه نيوتن في قالبه الرياضي، وأسماه القانون الثاني للحركة!!
وهو يعني أنه إذا تفاعل جسيمان، فإن القوة التي يؤثر بها الجسيم الأول في الجسيم الثاني “تسمى قوة الفعل” تساوى بالقيمة المطلقة، وتعاكس بالاتجاه القوة التي يؤثر بها الجسيم الثاني في الأول “تسمى قوة رد الفعل”.
وقد صاغ نيوتن ذلك القانون في قالبه الرياضي فقال: “لكل فعل رد فعل، مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه”.
المفاجأة ……….
يقول في كتابه (المعتبر في الحكمة) :
” إن الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر، وليس إذا غلب أحدهما فَجَذَبَهَا نحوه يكون قد خلت من قوة جذب الآخر، بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب”.
حيث أقر نفس المعنى وذلك في كتابه (المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات) حيث يقول: ” الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط، لا شك أن كل واحد منهما فعل فيها فعلاً معوَّقًا بفعل الآخر”.
حيث كان له نصيب من ذلك أيضًا حيث قال في كتابه (المناظر) : ” المتحرك إذا لقي في حركته مانعًا يمانعه، وكانت القوة المحركة له باقية فيه عند لقائه الممانع، فإنه يرجع من حيث كان في الجهة التي منها تحرك، وتكون قوة حركته في الرجوع بحسب قوة الحركة التي كان تحرك بها الأول، وبحسب قوة الممانعة “.
ولا ريب بعد في أن ما أورده علماء المسلمين في هذه النصوص هو أصل القانون الثالث للحركة، والذي صاغه نيوتن بطريقته بعد أن استولى على مادته!!