يمكـن للنّحل أن يتكيّف في ظروفٍ غريبة!
النّحل رائع حقًّا، ونحن لا نعزو ذلك لدوره الحيـويّ و الفعّـال في النظـام البيئيّ فحسب، ولكن لدرجة ذكائه العالية أيضًا، وقد تجـلّى ذلك بشـكل كبيـر في قدرته على تعـلّم أسـاسيـات لعـبة #كرة_القدم.
ففي إحدى الدراسات الحديثة، والتـي نُشـرت في مجلّة العلوم يوم الثلاثاء، أوضح الباحثـون بجامعـة الملكـة مـاري بلـندن، أنّ #النّحـل قد استطاع تعـلّم مهـمّات غيـر عـادية بالمـرّة: مثـل تحريـك الكرات إلى منـاطق محدّدة بسهـولة وسـرعة، خصوصًا إذا تمّ تعليـمه كيفيـّة القيـام بذلك (عـن طريق نحـلة صنـاعية أخـرى -غير حقيقيّة- أو عـن طريق نحلة أخـرى تمّ تدريبهـا على تنفيذ ذلك).
و قد قـام العلمـاء في تلك #التجربة بإجراء اختبار لقياس ذكـاء النّحل الطنّان عـن طريق تعليمه كيـفية لعـب الكرة (بنموذج بدائي للعبـة كرة القدم) بحيث تقوم إحدى النحلات بدفع كرة صغيـرة إلى منطقة الهدف التي تتوسط الشـكل الدائري، و من ثمّ تحصـل على جـائزتها الخـاصة والتي هي عبـارة عـن ماء مُحلّـىً بالسّكـر. والمثير للإعجاب أنّ النّحل تعلّـم ذلك بسهـولة.
و قد أقيـم هذا البحـث بنـاءً على تجـارب سـابقة تمّت بنفس المعـمل، والتي تدرّب فيـها نحـل العسـل على القيـام بسحـب خيـطٍ ما بقـوة كـي يحصـل على جائزته الخـاصة. و مع ذلك فإنّ تلك العـملية ليست بالغريبة، حيـث يضطرّ النحـل للقيام بنفس الشيء في البرية للحصـول على الغذاء. أمّا تدريب النحـل من أجل دفع و تحـريك الكرات فهذا أمر غير عـاديّ.
وقد كان #الكاتب ” كلاينت بيري” قد عقّب على هذا الموضوع قـائلًا:
“إنّ هذا، وبكل تأكيد، بعيد كلّ البعـد عـن أيّ فِعـل آخـر قد يُضطر النحـل لعـمله، حيـث لا يوجد أيّ حافز في الطبيعة (الأزهـار) ليتعلّم النّحل أو يكون مستعدًّا لتحريك الكرات أو أيّ شـيء آخـر”.
تقـول “مارجريت كوفيلون” -المهـتمّة بالبحث في شئون النّحـل-:
“إنّ الحشـرات دائمًـا ما تفاجئنا بمـدى ذكائهـا. أمّا هذه التجربة فهي بلا شكّ فصل رائع في تلك القصة.” كمـا أضافت أيضًا: “بالنسبـة لي فإنّ البعـد الاجتماعي لتلك التجربة هـو أنّ النّحل يمكـن أن يتعـلّم تلك المهـام غيـر الطبيعية بشـكل أفضـل عـندما تُشـرح له. وهذا يُعَدّ أكثـر تشـويقًـا من كونـه تعـلّم تلك المهـام غيـر الطبيعية بنفسـه. و بهذه التجـربة، كان النّحل قد تعلّـم تحريـك الكرات بشكل أسـرع عـندما شـاهد نموذجًـا بلاستيكيـا لنحـلة أخـرى (أو نحلة أخرى تمّ تدريبها من قبل) يقـوم بتحريك الكرة”.
إنّ التعـلم #الاجتماعي يبيّن كيف يمكـن أن تنتقـل المعـرفة بشـكل أسـرع من نحلـة ما إلى أخـرى، وإن تضمّنت تلك المعرفة أسـاليب أو مهـارات جديدة .
وهذا لا يعني أنّ النّحل لا يتمتع بذكـاء فطريّ، فقد كان هـناك عدد لا بأس به من النّحـل المميّز الذي علِم المطلوب منـه منذ اللحظة الأولى عـند القيـام بالتجربة. ( نتـوقع أنّ الفوز سيكون من نصيب هذا النّحل المميّز في منـافسـات الكرات التي سُتـقام).
واستطاع بعض النّحل إثبـات ذكائه أيضًا حين قام بتطوير الأسـاليب التي تدرّب عليـها؛ فعند الوقوع في الاختيار بين أكثر من كرة، لا تقوم النّحلة بالانجذاب إلى الكرة البعيدة التي تدرّبت عليها، بل تجازف وتختار #الكرة الأقرب لها وإن كانت مختلفة اللون!
ويقـول بيري: “وهذا أيضًـا يُزيـل الشـكّ و يدفع الظنون عـن فكـرة كون العقـول الصغيرة ليسـت بالضرورة بسيطة، ولكـن يمكنها أيضًا القيام بحـلّ المهامّ المعقدة”.
وعلى الرّغـم من كون مخّ النحل لا يستطيع تلقّي نفس الكميّة من الأوامر التي يتلقّاها المخ البشـري (فهـناك مليـون من الخلايا في مخّ النحلة مقـارنة بمائة مليـار عند الإنسان)، إلا أنّ النّحل ما زال قادرًا على حلّ المشـكلات بسـرعة حتـى وإن كان في #ظروف غيـر مألوفة بالنسبة له.
و في تعليـقٍ لـ كوفلين، قـالت: ” أعتقد أنّ كلّ من يعـمل بهذا المجال لن يكـون مندهشًـا بمدى ذكاء النّحل، فهذا هـو السّبب الذي يجعلنا نقع في غـرامه من الوهلة الأولى، إذ أنّنا على دراية بأنّه ذكيّ، ولكنّ تجربة كهذه تبيّن مدى مرونة هذا الذّكاء”.