علميًا: هل ذكاؤك موروث من أبيك وأمك؟
سؤال يختلف فيه البعض، ويستعمله كثيرون، إما لتبرير غباء الطفل، وإما لتبرير ظلمه. لكن ما الحقيقة؟
نختلف جميعًا في امتلاكنا للون العينين، وشكل الوجه والأنف، والطول، وباقي الصفات الجسدية. وتعود هذه الاختلافات لاختلاف آبائنا وأمهاتنا، والمورّثات التي ورثناها عنهم.
ويختلف البشر أيضًا في معدَّلات الذَّكاء، فهل للأمر علاقة بالوراثة والمورِّثات؟
تابع معنا المقال التالي لتعرف.
أولًا: يجب معرفة ما الذَّكاء؟ وهل يقتصر على حل مسالة رياضية في وقت قياسي؟
يُشكِّل الذَّكاء تحدّيًا في دراسته، لا سيما أنَّ له عدة تعاريف ومقاييس.
يتعدى تعريف الذكاء لأكثر من الاقتصار على التفوق الدراسي، ويمكنك القول بأنَّ أغلب التعاريف تدور حول قابلية التعلّم من التجارِب، والتكيف مع تغيُّر البيئات.
وتتضمن عناصر الذكاء: القدرة على الإدراك، والتخطيط، وحل المشكلات، والتفكير التجريدي، وفهم الأفكار المعقدة. ولن نخوض فيها كثيرًا، تكفيك الجملة السابقة.
تعتمد دراسات عديدة على مقياس الذكاء المسمى (حاصل الذكاء) أو اختصارًا (IQ).
ثانيًا: ما مصادر ذكائنا؟
1- البيئة:
للعوامل البيئية (الوسط المحيط، التغذية، التعليم) دور كبير مؤثر في الذكاء. فاحرص عليها.
خاصة في المنزل: فللأبوين الأثر الأكبر في تنمية ذكاء الأبناء، وقد أوضحت دراسة في جامعة واشنطن سنة 2012 أنَّ امتلاك الطفل لأم مُحِبة وحريصة يرفع من مستوى الذكاء لدى الطفل.
وقد لُوحظ أنَّ الأطفال الَّذين حظوا برعاية أمهاتهم وحنانهن منذ الطفولة الباكرة كانوا يملكون عند سن 13 حُصينًا أكبر من أولئك الذين كبروا بعيدًا عن أمهاتهم بنسبة 10%. والحُصين هو منطقة من الدماغ مسؤولة عن التعلُّم والذاكرة.
2- الجينات:
أفضل طريقة لدراسة مدى تأثير الجينات هي دراسة التي تقام على التوائم طبعًا
-اقتُرِحت دراسة قام بها مشروع حفظ التوائم الغربي لـ 148 توأمًا أحادي الزيجوت/الأمشاج: أي من بيضة ملقحة واحدة، و135 توأمًا ثنائي الزيجوت/الأمشاج: أي من بيضتين ملقحتين، ولنفس الجنس، من الصف الأول حتى السادس، لمعرفة تأثُّر قدرات الأشخاص باختلاف الجينات والبيئة. وتوضح النماذج المختلفة كيف تقيس قدرات معينة الذكاء العام.
-قام الباحثون بعدة دراسات للكشف عن الجينات المسؤولة عن الذكاء، وركزت العديد من هذه الدراسات على التشابه والاختلافات في حاصل الذكاء (IQ) ضمن العائلات، وخاصة لدى الأطفال المتبنَّين والتوائم.
وقد اقترحت الدراسات أن للعامل الجيني نحو 50% من الاختلافات في الذكاء بين الأفراد، وتقترح دراسات أخرى أن الذكاء قابل للتوريث بين 40-80%.
(لا يوجد أرقام قاطعة، نظرًا للصعوبات في تحديد التعاريف والمقاييس، وتجريد العوامل البيئة عن الجينية).
ثالثًا: ما الجينات المسؤولة عن الذكاء؟
(يمتلك الانسان 22 شفعًا من الصبغيات الجسدية، وشفعًا من الصبغيات الجنسية:
الذكر (XY23)، والأنثى (XX23). أي: للذكر إكس واحدة، وللأنثى اثنتان.
أما عن تحديد جينات الذكاء فهنالك تخبط في ذلك، ولننقل لكم الصورة:
-تحدثت كثير من الدراسات عن كون جينات الذكاء محمولة على الصبغي (X)، وبذلك يرث الذكر (XY) الذكاء عن أمه، بينما ترث الأنثى (XX) الذكاء عن أمها وأبيها، وتكون بذلك الأم أكثر مساهمة في تنمية الذكاء لدى الأطفال من الأب.
-يوجد مجموعة من الجينات تُعرَف باسم (الجينات المُكَيَّفة)، يُعتقَد بأنها تعمل فقط في حال وُرِثت من الأم، وفي بعض الأحيان في حال وُرِثت من الأب. يُعتَقد بانتماء جينات الذكاء إلى الجينات المكيَّفة الموروثة من الأم.
-قام العلماء بعمل دراسات، مستخدمين فئرانًا معدلة وراثيًا، ووجدوا أن الفئران المعدلة بجرعة زائدة من جينات الأم نمت برؤوس أكبر وأجسام أصغر، بينما نمت الفئران المعدلة بجرعة إضافية من جينات الأب بأجسام أكبر ورؤوس أصغر.
-فيما اقترحت دراسات أخرى بأنه ما من جينات محددة مسؤولة عن اختلافات الذكاء بين البشر، أي إن الجينات المسؤولة عن هذا الأمر كثيرة العدد، وكل منها مسؤول عن جزء صغير من ذكاء الإنسان.
ولا يزال هذا الرأي هو الأكثر إقناعًا حتى الآن، إذ لم تُعرَف طبيعة جينات الذكاء الموروثة. وتؤثّر جينات الاختلافات الفردية غالبًا في القدرات عامة.
وكما هو الحال في عديد من الطباع البشرية، الذكاء نتيجة لكلٍ من العوامل الجينية والبيئية معًا.
https://www.medicaldaily.com/genes-vs-environment-what-influences-your-intelligence-most-400640
https://ghr.nlm.nih.gov/primer/traits/intelligence
https://www.nature.com/articles/5201588