في تمام الساعة السادسة بتوقيت جرينتش البارحة قامت صفحة والتي بات يعرف اسمها بـ “أنا أدلس العلم”
لكثرة الكذب والتدليس على متابعيهم في العلم، قامت بما أحببنا أن نسميه بـ “العرس الإنساني” لرفعها قيم الإنسانية لتثير متابعيها، لكن بالكذب عليهم مرة أخرى، وكأنها تنظر إليهم كنعاج بلا عقول، وكان هذا العرس موجهًا تجاه هيئة علماء المسلمين الإندونيسية بسبب تحريمها – حسب ما قالوا – للقاح الحصبة والحصبة الألمانية MR بسبب احتوائه على مشتقات الخنزير.
والآن.. ما صحة ما نقلته هذه الصفحة ساقطة المصداقية وما هي تفاصيله إن صح؟؟
أولًا: الجزء الذي نقلته هذه الصفحة من الخبر صحيح ولكنها اقتصته اقتصاصًا قلب معناه رأسًا على عقب، حيث أن ما نقلته لا يمثل الخبر الفعلي أبدًا.
إضافة لهذا فإن موقع الساينس أليرت الذي نقلت منه هذه الصفحة قام بليّ بعض الكلمات واللعب على أوتارها ولكنه لم يكن ببجاحة الصفحة في التحريف.
لكن نحن الباحثون المسلمون نعود للمصدر الأصلي للأخبار دائمًا، فنحن باحثون، ولسنا أطفالًا هواة. فما هي حقيقة الفتوى وتفاصيلها؟
1_بعد أن عدنا لموقع دار الإفتاء الإندونيسية وترجمنا فتواهم، كان ملخص خبرهم وفتواهم هو الآتي:
عنوان الخبر: لقاح الحصبة والحصبة الألمانية مباح عند الضرورة(تخيل أنَّ هذا هو العنوان )
ملخص الفتوى:
* استخدام الخنازير ومشتقاتها محرم.
*استخدام لقاح الحصبة والحصبة الألمانية MR محرم لأنه يحتوي على مشتقات خنزير (وهذا هو الحكم الشرعي الأساسي).
*استخدام لقاح الحصبة والحصبة الألمانية حاليًا مباح للأسباب التالية:
– وجود الحاجة الماسة للقاح.
– لا يوجد بديل خالٍ من مشتقات الخنزير.
– معلومات من خبراء ومختصين موثوقين عن مخاطر ترك اللقاح وعدم توفر بديل خالٍ من مشتقات الخنزير.
فعندما كان الضرر جاءت الفتوى بالإباحة وهذا دليل على مرونة الإسلام وصلاحه وإصلاحه لكل زمان ومكان.”
2_ بعد أن عدنا لرابط الساينس أليرت الذي وضعته هذه الصفحة الصفراء وبعد 5 أسطر فقط من العنوان، ذكر موقع الساينس أليرت المقطع الآتي:
In spite of exceptions permitting the use of the vaccine in the absence of suitable alternatives, millions of Indonesians have followed the spirit of the ruling, causing immunisation rates to plummet.
وترجمته: “وعلى الرغم من الاستثناء الذي سمح باستخدام اللقاح بسبب عدم توفر البديل المناسب، ملايين الإندونيسيين تبعوا الحكم الأصلي ولم يأخذوا بالرخصة مما أدى لنقصان معدلات التطعيم”
وهنا نسأل: هل تؤاخذ الهيئة باقتصاص الناس لفتواها وأخذهم لنصف الفتوى وترك الباقي بعد أن أدت واجبها أمام الله بأن بينت الموضوع بالتفصيل وأجادت فيه؟
ولكن ما عسانا نقول، صفحة صفراء وجدت متابعين يصفقون لكل شيء فاستغلوه أبشع الاستغلال.
———————–
ثانيًا: وإليكم مفاجأة أخرى: هل علماء المسلمين هم فقط من ذكروا موضوع اللقاحات ليقام هذا العرس الإنساني الكاذب؟
وما الفرق بين المسلمين وغيرهم في موضوع اللقاحات؟
كلام علماء المسلمين في موضوع اللقاحات كان موضوعًا دينيًا عقديًا بحتًا حول استخدام مواد غير مباحة في اللقاح وانتهى الإفتاء بالإباحة والتشديد على أهمية اللقاح بعد أن استشار العلماء الشرعيون الأطباء والمختصين (وهذا عكس ما قيل في العرس المزعوم من أنهم تكلموا من عقولهم وهم لا يفقهون شيئًا فيما قالوا).
بينما الحرب على اللقاحات في الحقيقة منتشرة في الغرب وكان أحد نتائجها تفشٍ للحصبة نشرنا عنه خبرًا قبل أيام معدودة، وذلك لم ينبع إلا من اعتقادات جاهلة نابعة من هوس المؤامرة وتدخل من لا يفقه بما لا يجيد، حتى تأتي امرأة اختصاصها خارج الطب تمامًا لتتكلم في اللقاحات وتحاربها وتنقد أقوال الأطباء، ولا ننسى أصلًا أن حرب اللقاحات استوردت لبلداننا العربية بعد أن انتشرت في الغرب.
وتجدون في التعليقات بعض الروابط عن اللقاحات والغرب.
———————–
ثالثًا: الختام
هذه ليست المرة الأولى التي تستغبي فيها تلك الصفحة متابعيها وتكذب عليهم، كأنها تراهم نعاجًا بلا عقول، والحمد لله بعد كل تدليس يفطن بعض المتابعين لما تزدريهم به تلك الصفحة وتستخف عقولهم فيخرجون منها ويعرضون عنها كرامةً وحفاظًا على عقولهم من دخول الكذب عليه ورؤية الواقع بصورة كاذبة رسمها كذاب. وللأسف لا يدرك البعض ما تستخفه من عقولهم (لذا نطلب من متابعينا مشاركة هذا المنشور ليصلهم ). وهنالك نسبة قليلة حتى بعد أن ترى أن تلك الصفحة كذبت عليهم مرارًا وتكرارًا لأغراض شخصية يبقون متابعين لها، فهؤلاء سيرون العالم من خلال رسوم تلك الصفحة المخالفة للواقع!
فمن ناحية دينية على المتابع عدم الإعجاب بتلك الصفحة وأمثالها لما تدلسه على الدين وتكذب لتزدريه (فهو يساهم بنشر هذا التدليس والطعن بإعجابه بالصفحة، وإن لم يُعجب بالمنشور نفسه).
ومن ناحية إنسانية فلا نعلم كيف يقبلون أن ينظر لهم كخراف، يُكذب عليهم ويُستخف بعقولهم المرة تلو الأخرى (وواضح أنه كذب عمد!)، فيتحولون لاحقًا لأشخاص لا يعلمون الواقع، فإن تحدثوا يراهم السامع يكذبون، في حين أنهم يظنون أن ما يقولونه هو الحقيقة.
يقولون أنا أصدق العلم، لكن يدلسونه دائمًا! وكأنهم أعداء للعلم!
يتحدثون عن الإنسانية، وهم يزدرون المتدينين، والذين هم جلُّ أهل الأرض! ويضحكون على متابعيهم من غير المتدينين!
وبالنسبة لمن هرع يسألنا عن الأمر بعد أن نشرته تلك الصفحة فنقول قوله تعالى: {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}} [الحجرات: 6] ولا تستمع للكذابين.
فيا سبحان الله. واهب العقول. وإليه ترجعون.