بعد اكتشاف فيروس الكبد نوع باء سنة 1970 , اصبح فحص المتبرعين بالدم للتأكد من خلوهم من فيروس باء الزاميا, وبذلك ظن الاطباء انهم قد قضوا على مشكلة التهاب ا بعد نقل الدم , ولكن بقي حوالي 30% من المرضى الذين ينقل لهم الدم يصابون بالتهاب الكبد الغامض, وافترض الاطباء انه نوع غير مكتشف من الفيروسات , ورغم الجهود المكثفة والتي اشتركت فيها الجامعات العالمية وشركات الادوية الكبرى و الوكالات الحكومية فان السبب بقي غامضا لمدة 19 سنة حيث تم اكتشاف الفيروس نوع سي سنة 1989. بعد ذلك استغرق تطوير فحص للفيروس سنوات طويلة من البحوث المضنية والمكلفة , وفشلت كل الجهود لتطوير لقاح فعال للمرض, وهذا فتح الباب على مصراعية لدجاجلة الطب البديل والاعشاب ليسترزقوا من الام ومعاناة المرضى بدعوى انهم وجدوا العلاج الشافي :
متى تصل العطاش إلى ارتواء … إذا استقت البحار من الركايا؟
ومن يثني الأصاغر عن مراد … وقد جلس الأكابر في الزوايا؟
وإن ترفع الوضعاء يوماً … على الرفعاء من إحدى البلايا
إذا استوت الأسافل والأعالي … فقد طابت منادمة المنايا.
ولو رجعت لبضع سنوات من الان لرأيت نظريات المؤامرة التي الفها هؤلاء الاوباش ووعود الشفاء بهذه الاعشاب او تلك او بخلطة سرية اخترعها هذا العالم النحرير او ذاك , ونصائح ماانزل الله بها من سلطان:
أتانا من الأعراب قوم تفقهوا * * * وليس لهم في الفقه قبل ولا بعد
يقولون هذا عندنا غير جائز * * * ومن أنتم حتى يكون لكم عند.
توج هذا الدجل اللواء عبدالعاطي كفته : وهو عشاب دجال كان يتسول في الفضائيات ثم فجاة اصبح طبيبا و لواءا في الجيش المصري واعلن عن جهاز يكتشف الفيروس ويعالجه في نفس الوقت ويجعله كالكفته يتناوله المريض وتم تقديمه كمنجز وفتح للجيش المصري مع تطبيل واعلام , وجاء معه مجموعة من الاطباء الاختصاص ليشاركوا في حفل التطبيل ويتصدروا المشهد معه:
تصدر للتدريس كل مـهـوس *** جهول تسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثـلـوا *** ببيت قديم شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزالها *** كلاها وحتى سامها كل مفلس.
ليتبين بعدها ان الامر مجرد كذب في كذب, وان اللواء ليس بطبيب وتم تقديم الاطباء الذين طبلوا معه للتحقيق و اعطاءهم عقوبة مخففة هي الايقاف عن العمل لمدة سنة واحدة فقط.
نرجع للمرض الان: الفيروس يتحول الى مرض كامن في خلايا الكبد في اكثر من نصف المصابين حيث يفشل جهاز المناعة في القضاء عليه وهناك يعمل ببطء شديد ليسبب تشمع الكبد بعد عشرين الى ثلاثين سنة في حوالي نصف المرضى , والذي قد يقتل المريض او يتطور الى سرطان الكبد.
طرق العدوى تشمل نقل الدم او منتجاته من المريض المصاب , وكذلك استخدام الادوات الملوثة بالدماء من مريض مصاب مثل المحاقن والادوات الجراحية و ادوات طبيب الاسنان والحجامة و الوشم وموس الحلاق .
كان العلاج سابقا طويلا ومكلفا وذو نتائج متواضعة في نسبة الشفاء , وله اثار جانبية خطيرة ومزعجة, وكما تلاحظ في الخريطة فالدول التي يتغنى معظم شعوبها بنظرية المؤامرة هي اكثر الدول المصابة لأنها تتأمر على نفسها: فالادوات الجراحية لاتعقم بسبب تكاسل الممرضين وسرقتهم للمواد المعقمة , واطباء الاسنان لايشترون اجهزة تعقيم غالية ويعقمون بافران الطبخ العادية , والحلاق يستخدم الموس مرات ومرات, وطوابير الناس على الحجام لاتترك له فرصة ليغسل يديه او ادواته.
المهم أن شركات الادوية الشريرة لم تسمع بما يقوله اصحاب نظرية المؤامرة واستمرت في بحوثها حتى تم اكتشلف علاجات تشفي المريض نهائيا في فترة شهرين الى ثلاث حسب نوع الفيروس و مرحلة المرض واستجابة المريض.