اقتراب موعد افتتاح أطول جسر بحري في العالم
منذ ثمانينيات القرن الماضي، شهد الساحل الجنوبي للصين إحراز تقدمٍ كبير في مجال البنية التحتية، وخصوصًا في شبكة المواصلات مما ساعد على النمو الاقتصادي الكبير في تلك المنطقة، وقد تركز ذلك في الجانب الشرقي لمدينة Hongkong، إحدى المدن الرئيسية جنوب الصين؛ غير أن الضفة الغربية لم تشهد كذلك، مما أظهر حاجة إلى النهوض بشبكة المواصلات في الجانب الغربي؛ ولذلك طرحت فكرة بناء جسر يربط بين مدن Hong Kong و Zhuhai و Macao، والمسمى اختصارًا (HZMB).
بدأ العمل في تشييد الجسر عام 2009، واكتملت عمليات البناء أواخرَ عام 2017، ومن المقرر افتتاح الجسر خلال العام الحالي، وقد شكل الجسر تحديًا أمام المهندسين؛ حيث إنه يمتد على مسافة تزيد عن 50 كيلو متر فوق الماء ليكون بذلك أطول جسر بحري في العالم، ويتبعه نفق بطول 6 كيلومترات، وبطوله هذا يكون أطول بعشرين ضعفًا من جسر البوابة الذهبية الشهير في سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة.
يمتد الجسر من جزيرة اصطناعية قرب مطار Hong Kong الدولي غربًا باتجاه جزيرة اصطناعية أخرى مقابلة للساحل الشرقي لمدينة Macao، بعرض ثلاثة وثلاثين مترًا، متضمنًا ثلاثة مسارات في كل اتجاه، وبعرض خمسة عشر متراُ للنفق .
ولتعزيز الجزر الاصطناعية التي تم إنشاؤها فقد تم تدعيمها بمائة وعشرين اسطوانة عملاقة يبلغ قطر كل منها ثلاثة وعشرين متر وارتفاعها خمسة وخمسون مترًا، أي ما يعادل ارتفاع مبنىً مكونٍ من ثمانية عشر طابقًا، ووزنها خمسمائة طن، ما يعادل تقريبًا وزن أكبر طائرة ركاب في العالم وهي إيرباص A380، وقد استُخدم في عمليات البناء أكثر من أربعمائة ألف طن من الحديد، ما يكفي لبناء ستين برجًا كبرج إيفل في باريس، ومن المفترض أن يصمد الجسر تحت تأثير زلزال قوته 8 درجات، وأن يتحمل اصطدام سفينة شحن يبلغ وزنها ثمانمائة ألف طن، وتم تصميم الجسر ليستمر مائة وعشرين عامًا قادمة .
وتجدر الإشارة أن مدينة Hong Kong التي انطلق منها مشروع هذا الجسر تبعد مسافة 18 كيلو متر جنوبًا عن مدينة Shenzhen، تلك المدينة التي أشرنا إليها في مقال سابق وتحدثنا عن تربعها على عرش المدن الأكثر بناءًا لناطحات السحاب حول العالم خلال عامي 2017/2016، مما يجعل تلك المنطقة مركزًا اقتصاديًا هامًا للبلاد، وهي خطوة أخرى ضمن الخطوات المتسارعة التي تخطوها الصين في طريق اكتساح العالم وبناء إمبراطوريتها الجديدة.