قصة البروفيسور محمد يونس الحائز على جائزة نوبل مع بنك غرامين
هو أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة شيتاجونج إحدى الجامعات الكبرى في بنغلاديش، وحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2006. عن فكرة بنكه الاجتماعي للاهتمام بالفقراء
كما انه حاصل على جائزة انديرا غاندي، وجائزة سيدني للسلام، ووسام الحرية الرئاسي، وجائزة الغذاء العالمية .
الدكتور محمد يونس يعد أبرز من قدم نموذجا في التضحية لبلاده، من حيث تأسيسه أهم بنك اجتماعي في العالم، وسنترككم مع قصته مع ملاحظة فقط أنه قام بجعل الفائدة البنكية أقل ما يكون – رغم أن ذلك يعد أيضا صورة من صور الربا – ولكنه في واقع تلك البلاد من أخف الضررين على الفقراء هناك – ولو أنهم جعلوه كما جاء في الشرع – وبنجلاديش دولة إسلامية الأصل – لتضاعف نجاح المشروع كثيرا (بإلغاء نظام الفائدة وجعله بالمضاربة أو المرابحة بالنسبة وليس بقيمة ثابتة) كما في الاقتصاد الإسلامي الذي أثبت نجاحه
وإليكم قصة البروفيسور محمد يونس مع بنك غرامين GRAMEEN :
لقد بدأ منذ سبعينات القرن الماضي يروج لفكرة أن الفقراء من النساء و الشباب وربات المنازل يمكنهم أن يتحولوا إلى رموز ناجحة في دنيا المال و الأعمال إن منحوا سبيلا للحصول على الحد الأدنى من نفقات تأسيس مشاريع متناهية الصغر.
الفكرة جاءته و اختمرت في ذهنه من حكاية امرأة قروية تعمل في صناعة الكراسي المصنوعة من البامبو، كان أن صادفها في الطريق بالقرب من جامعته. و من حديثه معها عرف أنها لكي تشترى المواد الخام اللازمة لصناعة تلك المقاعد تضطر إلى الاقتراض من التجار الذين تبيع عليهم لاحقا منتجاتها. و لأنها تعتمد عليهم في الاقتراض و في تصريف بضائعها، فإنهم يتحكمون في تحديد سعري فوائد القروض و شراء المنتج، و لا يتركون لها سوى هامش من الربح لا يتعدى 2 سنت في اليوم ، و بما لا يتيح أمامها أية فرصة لتطوير عملها و بالتالي تحسين أحوالها المعيشية.
استنتج يونس من قصة تلك المرأة البنغالية، انه لو وجدت جهة بعيدة عن الطمع والاستغلال لتمد هذه السيدة و مثيلاتها بقروض ميسرة ذات فوائد متدنية، لاستطعن التخلص من العبودية ولتمكن من توسعة أعمالهن و التحول تدريجيا إلى مصاف سيدات الأعمال الناجحات. ولكي يثبت صحة فكرته أقرض 27 دولارا من ماله الخاص لعدد من النسوة الفقراء لإعانتهن على بدء أنشطة حرفية صغيرة، و جلس ينتظر النتيجة التي جاءت مشجعة.
و لأن المصارف التقليدية التي طلب دعمها، بخلت عليه وشككت في نجاح مشروعه، فانه لجأ إلى امكاناته الذاتية، فوظف مؤهلاته العلمية و خبرته المهنية في تأسيس بنك سماه “غرامين GRAMEEN” التي تعني القرية بالبنغالية ، و وضع لهذا البنك سياسات ومواصفات خاصة تقوم على إقراض أموال بسيطة دون ضمانات للمواطنين الفقراء، لا سيما أولئك الذين لا يملكون ما يرهنونه من اجل الحصول على القروض.
هذا المصرف استطاع منذ تأسيسه في عام 1976 وحتى الآن أن يقدم 5.7 بليون دولار في صورة قروض صغيرة لنحو 6.6 مليون مواطن بنغالي ثلاثة أرباعهم من النساء و ثلثاهم من الموصوفين بتحت خط الفقر، و صار اليوم يملك نحو 2200 فرعا في أرجاء بنغلاديش.
لكن الأهم من ذلك أن فكرته نسخت في دول كثيرة و بما حرر نحو مئة مليون إنسان من الفقر. أما المشروعات الصغيرة التي مولها البنك فقد شملت إنتاج أشياء متنوعة تراوحت ما بين الفطائر والحلويات و الشموع والمظلات و شباك الصيد و الستائر وأدوات التجميل والأقلام والأثاث والهواتف النقالة أو تأسيس ورش للنجارة و الصباغة والسباكة و النقش وإصلاح السيارات.
وطبقا ليونس فان 98 بالمئة من المقترضين تمكنوا من سداد قروضهم مع فوائدها في فترة قياسية بعدما نجحت مشاريعهم و كونوا فوائض تعينهم على توسعة أعمالهم. في مقابل هذا أشارت الإحصائيات إلى أن المصارف التقليدية الأخرى، و خاصة مصرف بنغلاديش للتنمية الصناعية الحكومي، لم تتمكن إلا من استرداد 10 بالمئة مما منحته من قروض، والذي ذهب معظمه إلى أناس اقل فقرا بضمان مساكنهم.
و يوجد اليوم في المكتبات كتاب يحكي القصة الكاملة لهذا الرجل عنوانه ” كيف منحت ثورة محمد يونس في مجال القروض متناهية الصغر القوة للنساء .. من بنغلاديش إلى شيكاغو.
إعداد وتقديم : Marwa Fawakherji