كان هناك قرية فيها رجل كثير العبادة لله – وفي أحد الأيام أصاب القرية سيل كبير أطاح بكل شيء لهشاشة مبانيها وبيوتها – فصار الناس يصعدون فوق الأشجار أو أسطح البيوت وهي تتهدم أو يجرفها الماء من تحتهم ومستواه يعلو ويعلو مع الوقت – وهنا رفع الرجل كثير العبادة يديه إلى الله داعيا : يا رب انقذني من هذا الموقف العصيب.
بعد قليل مر به مجموعة من الشباب وقد صنعوا من بقايا ألواح بيتهم ما يشبه القارب الخشبي، ودعوه ليركب معهم رغم تخبطهم في المياه يمنة ويسرة. فاعتذر الرجل وهو ينتظر فرجا قريب أكثر امانا من ذلك واستمر في دعائه. فمر به رجل وامرأته وهما يتمسكان بإطار الجرار الضخم الطافي فوق الماء، إذ رغم التفافه بهم وسط الماء إلا أنهما دعياه ليتمسك معهم فاعتذر وهو يؤمل نجاة أكبر من ذلك.
واستمر في دعائه وهو يرقب الماء الذي يعلو ويعلو حتى يكاد يصل إلى صدره وهو يتصور في نفسه أن نجاة الله تأتيه ولو في آخر رمق وفي هذه المحنة مر به ناس من جيرانه يعرفهم وهم يتمسكون بأريكة كبيرة من الخشب فدعوه ليتمسك بها معهم، فاعتذر وهو يرى تخبطهم بها يمنة ويسرة بفعل السيل. واستمر في دعائه يرجو وسيلة نجاة أئمن وأكثر اطمئنانا وراحة …. حتى مات ..!!
إن العبادة والإلتزام بدون علم بالدين والأخذ بأسباب الله تعالى في تسيير الأمور : قد يوديان بالمؤمن إلى الهلاك أو زعزعة إيمانه مع تقلبات الحياة !!
يقول أحدهم دعوت الله فلم يستجب :
وهو الذي ضيع كل الفرص التي أرسلها الله إليه !!
وهو الذي تقاعس عن العمل ينتظر معجزة تريحه من عناء البذل !!
الرجل دعا الله فيسر له مجموعة الشباب فلم يكترث !! ودعا الله فأرسل له رجل وزوجته فلم يهتم !! ودعا الله فأرسل له ناساً من جيرانه فلم يتحرك !!
وللأسف : ما يقال عن الفرد الواحد : يقال أيضا عن المجتمع .. ويقال كذلك عن الأمة ..!!
” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ”
الرعد 11 – وصدق الله العظيم …