في البداية نقول : معلوم مدى الصعوبة في مجال إيجاد (أعضاء بشرية) لتكفي وتغطي حالات (زرع الأعضاء) – مثل زرع الكبد والقلب والبنكرياس إلخ
ومن هنا : كان توجه فريق علمي بأبحاث متخصصة لمحاولة اختبار إمكانية زرع أعضاء بشرية (كاملة) في جسد حيوانات ثديية تكون قريبة في الحجم من الإنسان (يعني ليست كفئران التجارب أو الأرانب مثلا) وذلك لتتناسب الأعضاء فيها مع حجم أعضاء الإنسان – وأن تكون كذلك من الحيوانات السهلة الحصول عليها (ليس مثل القردة والشيمبانزي مثلا) – ومن هنا كان اختيار الخنزير
ولكن الطريق لا زال طويلا جدا للحصول على أعضاء بشرية كاملة في جسد حيوان أو خنزير – إذن : ما الذي تم بالضبط في الأيام الماضية وانتشرت أخباره في العديد من الوكالات العالمية والأجنبية والعربية – سواء بعناوين محايدة أو عناوين مبالغ فيها ومضللة لغرض الشو الإعلامي وكسب أكبر عدد من القراءات والزيارات للمواقع ؟
لقد كان الأمر صعبا من عدة نواحي – من أهمها ضبط التوقيت الذي سيتم فيه إدخال خلايا جذعية بشرية في جنين لخنزير – وفي مثل هذه التجارب دوما ستسمعون عن الخلايا الجذعية وذلك لأنها الخلايا التي لم تتخصص بعد في جسم الإنسان (يعني هذه الخلايا هي التي ستصير فيما بعد كبدا أو قلبا أو رئة أو كلية أو بنكرياس إلخ)
ووجه الصعوبة في التوقيت هنا يتمثل في فترة حمل الخنزير والتي تقارب 112 يوما (يعني أقل من 4 أشهر بقليل) – في حين أن فترة الحمل في البشر قرابة 9 أشهر – فالتوقيت هنا مهم جدا لإدخال هذه الخلايا الجذعية البشرية في جنين الخنزير في فترة محددة جدا من نموه وانقسامه – الأمر يشبه كما قال القائمين على التجربة بسيارة ستنتقل من طريق بطيء إلى الطريق السريع فجأة – فيجب ضبط التوقيت
إذن : ما الإنجاز الذي تم ؟ وإلى أين انتهى ؟
الجواب :تم إدخال الخلايا بالفعل إلى جنين الخنزير الذي تم تركه لينمو إلى مدة 28 يوما ثم تم إنهاء التجربة قبل ان يصل إلى مرحلة الولادة – والنسبة التي صارت هجينة بخلايا الإنسان هي نسبة ضئيلة جدا تبلغ 0.0001%
وبسبب القيود التي تفرضها معظم الحكومات رسميا على مثل هذه التجارب الخاصة بعمليات التهجين بين البشر والحيوانات والمخاوف المتوقعة أو المحتملة فيها : فإن مثل هذه التجارب تتجه إلى التمويل (الخاص) وليس (الحكومي) – وهو ما قد يعد خبرا جيدا من جهة – ولكنه قد يحتمل مخاطر عديدة من جهة أخرى تبعا لمتطلبات السوق والغرض الربحي الذي قد يطغى على الجانب الأخلاقي أو الإنساني
وأما ما يخطط الباحثون للوصول إليه (وهم فريق من إسبانيا وأمريكا واليابان) فيتمحور حول إمكانية تثبيط نمو خلايا أعضاء جنين الخنزير أثناء نموها : ليكون النامي في هذه الحالة هو خلايا أعضاء البشر فقط (بالخلايا الجذعية) – وهو ما يبدو طريقا طويلا جدا لا زال في بداية تجاربه بعد ولم يتم الكشف عن نتائجه : هل بالفعل ستكون بالصورة المرجوة أم هناك صعوبات في الطريق ؟
جدير بالذكر ان مثل هذه التجارب (أي زرع الخلايا الجذعية من كائن إلى جنين كائن آخر) لها اكثر من 10 سنوات – وكانت تتم على الفئران وغيرها
1-
وصف (هجين) المستخدم هنا يتحدث على مستوى الخلايا وليس (التزاوج) بين البشر والخنزير – فقد فشلت كل محاولات (التزاوج) بين البشر وأقرب الحيوانات إليه كما يزعم التطوريون وهو الشيمبانزي – وكلما ابتعد الكائنان أو الجنسان يكون التزاوج فاشلا أو المولود ميتا أو مشوها
2-
التجربة التي تم الإعلان عن نجاحها لا يعلم أحد ماذا ينتظرها بعد من (نتائج) وخصوصا عند ترك الجنين لينمو حتى الولادة وما بعدها – إذ معلوم أن العبث في الخلايا يضر بتوازنها الطبيعي ومهمات ضبط الانقسام والمهام مما ينتج عنه غالبا أمراض أو سرطان !! لذلك فالقول بنجاح الفكرة عموما بما تحمله من آمال او أحلام هو قول بعيد جدا عن الواقع العملي
3-
نمو عضو بشري في حيوان (خنزير أو غيره) لا يعرف أحد على وجه الدقة أيضا ما يمكن أن ينتقل لهذا العضو البشري من أمراض أو عيوب – وهذا قيد الدراسة
رابط مقال مجلة سيل (الخلية) التفصيلي :
Interspecies Chimerism with Mammalian Pluripotent Stem Cells