منذُ قرونٍ، كانَ الإنسانُ ينظرُ للسّماء ويتساءلُ: كيفَ وصلَ الكونُ إلى ما هو عليه الآنَ ؟
كانَ هذا السؤالُ موضوعاً خصباً للفلسفةِ والدّينِ والعلومِ, فبعضُ الأشخاصِ حاولَ كشفَ أسرارِ الكونِ، وكانَ أشهرُهم العلماءُ: البرتْ اينشتاين، إسحاقُ نيوتن، وستيفن هوْ كينغ، الذي قدْ فرضَ فرضيةً هي الأكثرُ قبولاً وشهرةً في موضوعِ تفسيرِ إلى ما آلَ إليه الكونُ الآنَ: فرضيةُ الانفجارِ الكبيرِ.
إنَّه ليساءُ فهمُها بشكلٍ كبيرٍ؛ على الرّغمِ من أنَّها الأكثرُ شهرةً؛ لأنَّ الناسَ تُفسرُها على أنَّها أساسُ الكونِ. وهذا التفسيرُ ليسَ صحيحاً البتّةَ.
فالانفجارُ الكبيرُ ما هي إلاَّ محاولةٌ لشرحِ : كيفَ أنَّ هذا الكونَ بدأَ من حالةٍ صغيرةٍ وكثيفةٍ جداً إلى ما آلَ اليهِ الآنَ. ولا تحاولُ تفسيرَ: كيفَ خُلقَ الكونُ، أو ما الذي جاءَ قبلَ الانفجارِ الكبيرِ، أو حتى ما الذي يقعُ خارجَ الكونِ.
مفهومٌ خاطئٌ آخرُ لها هو: « إنَّ فرضيةَ الانفجارِ الكبيرِ بدأتْ بانفجارٍ». فالناسُ ربَّما تعتقدُ ذلك؛ لأنَّ اسمَها «الانفجارُ الكبيرُ». لكنَّها: تصفُ التَّوسعَ الكبيرَ للكونِ؛ حيثُ إنَّ سرعةَ هذا التوسعِ تفوقُ سرعةَ الضّوءِ. بدأ من الحالةِ الصغيرةِ والكثيفةِ جداً الزمنُ الأولىُّ للتّوسعِ لمَّا كانتْ جميعُ القوى المُكوِنةِ للكونِ مُتوحدِةً. قوانينُ العلمِ الحاليّةِ لا تستطيعُ تفسيرَ اللحظةِ الابتدائيّة للتّوسعِ. إذنْ :ما هو الانفجارُ الكبيرُ؟.
تصفُ الفرضيةُ تطورَ الكونِ معَ مرورِ الوقتِ إلى ما أصبحَ عليه الآنَ. فرضيةٌ تحوي الكثيرَ من التنبؤاتِ التي قد تمَّ إثباتُها بالمراقبةِ والرّصدِ؛ مما يجعلُها الأكثرَ قبولاً وانتشارًا.
اليومَ. ونحنُ ننظرُ إلى السماء ليلاً ونرى المجراتِ منفصلةً عن بعضِها البعضَ ومتباعدةً باستمرارٍ؛ فهذا يدلُ على أنَّ هناكَ مساحاتٌ شاسعةٌ في الفضاءِ خاليةٌ؛ ففي اللَّحظةِ الأولى من التّوسعِ كانَ كلٌ من الطّاقةِ والمادةِ والمكانِ محصوراً في نقطةٍ مغلقةٍ؛ حيثُ الكثافةُ لانهائيةٌ والحرارةُ عاليةٌ جداً، وكان هناك الكثير من الطاقة. ونتيجة للتّوسع الكبيرِ للكون ؛بدأتْ تنخفضُ حرارتُهُ ويصبحُ أقلَّ كثافةً كلما ازداد توسعاً.
في بضعِ ثوانيَ فقط تشكلَ الكونُ من التَّفردِ إلى امتددٍ للفضاءِ، ثمَّ بدأتِ القوى الأربعةُ الأساسيّةُ بالتَّشكُلِ.
كانت فرضيةُ الانفجارِ الكبيرِ نتيجةً لعِلْمينِ مُختلفيْنِ في دراسةِ الكونِ : علمِ الفلكِ الذي يهتمُ بملاحظة النّجومِ والأجرامِ السّماويةِ وعلمِ الكونيّاتِ الذي يدرسُ الخصائصَ الفيزيائيّةِ للكونِ.
.