يتواصل البشر فيما بينهم عن طريق حاسة البصر، ولكن عند بعض الثدييات الأُخرى فإن الأمر مختلفٌ، وعلى سبيل المثال فإن التواصل عند بعض الخفافيش يتم عن طريق حاسة الشم.
في عائلة (Embllonuride) من الخفافيش؛ يستخدم حاسة الشم نوعٌ على الأقل من أصل 51 نوعًا (وربما أكثر) من أجل التزاوج تبعًا للتنوع الجينيّ.
يطلق على عائلة الخفافيش هذه اسم (Sac_winged bats)، وهذا النوع يمتلك في كل جناحٍ غددًا على شكل أكياسٍ، وتكون هذه الأكياس مُعرضةً للهواء الطلق.
تقوم الذكور بتحريك جناحيها في موجةٍ من المغازلة أمام الإناث حتى تتناثر الرائحة التى تخرج من الأكياس المذكورة سابقًا.
(تحاول الذكور باستمرارٍ أن تُعلن عن وجودها من خلال مزج المكونات الكيميائيّة مع الرائحة المعطرة التي في الأكياس، حتى تتأكد من أن الجزيئات قد دخلت إلى أنوف الإناث خلال عملية رفرفة الأجنحة أمامهن).
كتب (Pable Santos) واضع هذه الدراسة من معهد أبحاث الحياة البرية بحديقة الحيوانات في رسالةٍ إلكترونيةٍ قائلاً: <<تستخدم هذه الخفافيش الاتصالات الصوتيّة (التشاركيّة) ولا تستخدم الصدى لتحديد الموقع، وهذا شيءٌ في غاية الأهمية بالنسبة لهذا النوع مثله مثل بقية الطيور والخفافيش>>.
كما أننا وجدنا أن المواد الكيميائية التي تم الكشف عنها بوساطة حاسة الشم مهمةٌ أيضًا -على الأقل- لجذب الإناث وقت التزاوج، وقد نُشرت هذه النتائج في تقريرٍ علميٍّ.
لقد أظهرت نتائج سابقةٌ أن هذه الخفافيش لا تتواصل من خلال المظهر الخارجيّ، أو من خلال رقصات التزاوج، كما يحدث عند الحيوانات الأُخرى فقد ركزّ (Santos) وفريقه على الرائحة، فمنذُ 30 عامًا اُكتشف أن الذكور من نوع (S.bilineata) ينتجون عطرهم الخاص من خلال مزجٍ بين البول واللعاب وإفرازاتٍ من القضيب والتي تُخلط في الأكياس الموجودة بأجنحتها، ولكن السبب لهذا السلوك المعقد لايزال غامضًا!!
لقد لاحظ (Santos) وفريقهُ كيف أن هذه الخفافيش تمضي ساعةً وهيّ تُنظف الأكياس التي في أجنحتها، ثمّ تقوم بتزويدها بالحرارة الجسديّة كي تتخمر المواد.
واكتشف الفريق أيضًا أن كل كائنٍ حيٍّ يبعث رائحةً مكثفةً، وهي عبارةٌ عن تركيبةٍ كيميائيةٍ تُعرف بالخليط الأساسيّ أو نظام الجين( MHC).
إن (MHC) عبارةٌ عن عائلةٍ موجودةٍ في كل الفقاريات والتي تُشكل رموزًا تلغرافيةً، وتلعب هذه الجينات دورًا مهمًا في اختيار الشريك ليس فقط في الخفافيش بل أيضًا في الفئران وربما في الإنسان.
بعد تحليل نحو ألفٍ من جينات الخفافيش قام الباحثون تحديدًا بدراسة جينات (MHC) وكذلك البنية الجُزيئيّة للمستقبلات الجينيّة لثلاث عائلاتٍ من الخفافيش (TAAR,TAAR3,TAAR8) لأن كل هذه المستقبلات يمكن أن تحدُث بشكلٍ مختلفٍ ضمن الفرد، حيثُ تمتلك الإناث من3 إلى 6 مستقبلاتٍ مختلفةٍ في الغشاء المخاطيّ.
إن أعظم تنوعٍ لهذه المستقبلات عند الإناث تتمثل في حاسة الشم في TAAR حيث تمتلك مستقبلاتٍ ذات تنوعٍ رفيعٍ لأنها تمتلك قدرةً أكبر لإيجاد شريكٍ مثاليٍّ ليُكمل الترتيب الجينيّ.
إنّ لهؤلاء الإناث مزايا أكثر من سواهن من الإناث.
<<على الرغم من أنه كان معروفًا أن الخفافيش الذكور يستخدمون المزيج المثير المكون من البول ومكوناتٍ أُخرى لجذب الإناث، فقد دعمت الدراسة فكرة أنه وعند مستوى وراثيٍّ مُحددٍ فإن الإناث إلى حدٍ ما تستطيع قياس نوعيّة الذكر قبل التزاوج>> هذا ما قاله عالم البيولوجيا(Vernal Rodriguez)في جامعة كوستاريكا ،وقال أن ما حققه من معرفةٍ عن هذه الخفافيش لا ينتهي بهذه الدراسة، وأضاف أيضًا: <<إن دراسة مجموعة (MHC) قد أصبحت رائجةً في البحث، وقد تمت دراستها أكثر من غيرها من المجموعات، لأنها تعالج الوظائف الحساسة لبعض الحواس، ولأنها تمثل الاستجابة الفوريّة من الجهاز المناعيّ للفيروس>>. وقال (Rodrigues) في بحثه الدقيق التالي: <<إن تحديد الجزيئات تختلف من ذكرٍ لآخر، الأمر الذي يجعل بعض الذكور لايُقاوَم عند بعض الإناث>>. وأضاف أننا بحاجةٍ لمعرفة من أين تأتي هذه الجزيئات؟ هل تأتي مباشرةً من الذكور ،أم من التخمر البكتيريّ في الحقائب التي في أجنحة الخُفاش؟
بكلماتٍ أُخرى هل رائحة الذكور تكمن في جوهرها أم هي رائحةٌ لنتاجاتٍ فرديةٍ؟
أعتقد أن هذه المسألة مهمةٌ جدًا.
المصدر
https://www.scientificamerican.com/article/bats-use-body-odor-to-sniff-out-the-best-mates/?WT.mc_id=SA_FB_EVO_NEWS