للإستماع للمقالة صوتيا :
كيف يمكن لبيض الدجاج المخصب أن يتمكن من مقاومة الكسر الخارجي في نفس الوقت الذي يكون فيه ضعيفًا بما يكفي ليُكْسَر من الداخل أثناء تفقيس الأفراخ؟ يعود كل ذلك إلى البنية النانوية لِقشْرة البيض وفقًا لدراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة مِكْ غيل (McGill) في كندا.
يمكن اعتبار قِشْرة البيْضة عبارة عن غرفة وقائية للنمو الجنيني متمعدنة حيوياً (biomineralized) (التمعدن الحيوي هو عملية تنتج فيها الكائنات الحية المعادن)، إذ تحتوي على جميع العناصر الغذائية اللازمة لنمو الفرخ الصغير. تمتاز هذه القشرة بأنها ليست قوية إلى درجة كبيرة وليست ضعيفة أيضًا بل يمكن القول أنَّها مناسبة تمامًا للفرخ (أي معتدلة القوة)، فهي مقاومة للكسر إلى أن يحين موعد تفقيس الأفراخ.
لكن ما الذي يعطي قشور البيْض هذه الخصائص الفريدة؟
تتكون القِشْرة من كلٍّ من المواد العضوية، والمواد غير العضوية؛ مما يجعلها غنيةً بالمحتوى الكالسيومي المعدني وكميات كبيرة من البروتينات، وقد وجدت ديمترا اثَنَسيادو (Dimitra Athanasiadou) (المؤلف الأول في الدراسة) أن العامل الذي يحدد قوّة القشرة هو وجود بنية نانوية معدنية مرتبطة مع بروتين أوستيوبونتين (osteopontin)، وهو بروتين قشرة البيض الموجود أيضًا في المواد الحيوية المُرَكَّبة، مثل: العظام.
وبناءً على ذلك تكون قِشْرة البيْضة صلبةً بدرجة معقولة في فترة وضع البيضة، وأثناء فترة الحضانة؛ لحماية الفرخ من التعرض لكسرٍ في القِشْرة، وكلما كبر الفرخ في داخل البيْضة؛ كُلَّما احتاج للكالسيوم في تكوين عظامه، حيث يذوب الجزء الداخلي من القشرة؛ لتزويد الفرخ بالأيونات المعدنية (أثناء دورة الحضانة)، وفي نفس الوقت تضعف القشرة الخارجية وتصبح واهيةً بما يكفي؛ لِتُكسر من الداخل أثناء التفقيس.
وقد وجد فريق البروفيسور مارك ماكّي (Marc McKee) -باستخدام مجهر الطاقة الذرية وطرائق التصوير الإلكتروني والتصوير بأشعة أكس (X-ray)- أنَّ هذه العلاقة (ثنائية الوظيفة) للقشرة أصبحت ممكنة بفضل التغيرات الدقيقة في البنية النانوية للقشرة والتي تحدث أثناء فترة حضانة البيْض.
وفي تجارب موازية، تمكن الباحثون من إعادة إنتاج بنية نانوية مشابهة لما اكتشفوه في القشرة من خلال إضافة بروتين أوستيوبونتين إلى البلورات المعدنية المُنَمَّاة في المختبر. ويعتقد البروفيسور ماكّي أن فهم دور البروتينات في إحداث التَكَلّس -الذي يضفي على قشرة البيض خاصية الصلابة والقوّة خلال التمعدن الحيوي- بشكل جيد قد ينتج عنه تطبيقات مهمة في مجال سلامة الأغذية.