لماذا لا تسطع الشمس أشعة متوازية؟ الجزء الأول
عندما تتكبد الشمسُ السماء (تتوسطها)، نستطيع حينها رؤيتها، أو على وجه الدقة: رؤية أشعتها وهي تنبعث منها منتشرة ومتباعدة، ولكن ماذا لو كانت الشمس تسطع بأشعة متوازية؟
تعد أشعة الشمس المشرقة أحد المشاهد الطبيعية التي تترك أثرًا لا يمكن محوه من ذاكرتنا ولا من عقولنا، إذ تبرز هذه الأشعة نافذة من خلال السحاب أو مخترقة أشجار الغابات، فتكاد هذه الأشعة تبدو غير متوازية، وتظهر وكأنها تأتي متقاربة من نقطة بعيدة نظرًا لتباعدها بعضها عن بعض عند اقترابها من سطح الأرض، لكن الشمس بعيدة جدًّا عنا، فهي تبعد نحو 93 مليون ميل (150 مليون كيلومتر)! ما يوجب أن تبدو أشعتها متوازية تمامًا، ما يجعلنا نتساءل؛ ما الذي يجعلها تبدو كذلك؟
إن الضوء الذي يدخل أعيننا، في أي وقت في اليوم، هو ضوء مجمع من الضوء المباشر القادم من الشمس ذاتها، ومن ضوء غير مباشر متناثر من جميع الاتجاهات، إذ يظهر ضوء الشمس القادم مباشرة من الشمس واضحًا وجليًّا عندما نقوم بعملية مزج بين الظلال وأشعة الشمس كما في الصورة 1.
(الصورة 1)
إن أشعة الشمس -على عكس ما نظن- لا تبدو دائمًا مرئية، فإذا فكرنا بيوم مشمس نموذجي لا يوجد فيه أي عائق أمام أشعة الشمس، فإن السماء ستبدو مضاءة بالكامل، وستضرب أشعة الشمس الأرض كما لو كانت أشعتها متوازية تمامًا.
إن الشمس كبيرة وبعيدة جدًّا مقارنة بقطر الأرض؛ يبلغ عرض الشمس 1,390,473 كم، بينما تبعد عنا زهاء 150 مليون كم، تستطيع أن ترى من الأرض جميع الأشعة القادمة من الشمس بزاوية قدرها نصف درجة قادمةً من الموضع نفسه في الفضاء.
الصورة 2 ))
إذا كانت الأرض مسطحة تمامًا فإن أشعة الشمس ستلقي بظلال متطابقة في ظهيرة الانقلاب الشمسي (الصورة العلوية من صورة 2) بغض النظر عن مكان وجودك، ولكن إذا كان سطح الأرض منحنيًا (الصورة السفلية من صورة 2) فإنه سينتج عن ذلك ظلال مختلفة باختلاف مكانك على سطح الأرض، وبقياس الاختلافات في زاوية الظل بين نقطتين على سطح الأرض فإنه من الممكن قياس حجم الأرض، كما تستلزم حقيقة أن الشمس كبيرة وبعيدة أن تكون أشعتها متوازية بعضها مع بعض ولو لم تظهر بصريًّا.
…لازال المقال لم ينته لذلك فتابع معنا تتمته في المنشور القادم بحول الله وقوته…