لماذا يحصل موظفو حكومات البلدان النامية على أجور ورواتب منخفضة؟
لا يمكن ان ننكر ان هناك الكثير من الأمراض الإدارية في الأجهزة الحكومية، منها تدني إنتاجية الموظف الحكومي، واستهتاره، وبطء سير ما يوكل إليه من مهام إدارية، وكذلك (الرشوة) التي بدأت تتفشى في المرافق الخدمية الحكومية بشكل خطير، ولن تنفع معها أساليب الرقابة والردع والعقاب المتبعة حالياً إذا لم يتم أخذ موضوع تدني رواتب موظفي الدولة في الحسبان، على اعتبار أنها من أهم (مُحفِّزات) وجود هذه الأمراض، وبالتالي لا يمكن مُحاصرتها عملياً ما لم تحل هذه المعضلة بأية طريقة، بحيث يكون دخل الموظف يكفيه عن تلمس زيادة دخله بالطرق الملتوية وغير النظامية، وبالتالي يشكل عرض أسباب هذه الظاهرة المزمنة (تدني الرواتب) نقطة البداية ونذكر منها:
1-ضعف المركز المالي للبلد بشكل عام.
2-انخفاض مستوى الإيرادات الحكومية بسبب انتشار التهرب الضريبي ( دفع الزكاة ) وغيره من مظاهر سلبية.
3-قيام هذه البلدان باستخدام سياسات الدعم التي تشكل عبئاً كبيراً على موازناتها.
4-أزمات التضخم التي تمر بها هذه البلاد والتي تؤدي إلى انخفاضات متكررة في مستوى دخل الموظفين.
5-ضعف إنتاجية موظفي الحكومات وبالتالي عدم تشكل الوفر الذي يسمح بزيادة مستوى الدخل.
6-انتشار الفساد الإداري في بعض الدول إن لم يكن كلها والذي يعتبره البعض تعويضاً عن تدني الدخل ويؤدي إلى تقاعس أصحاب القرار عن زيادة الدخل.
7-شدة الطلب على الوظائف الحكومية والتي ككل السلع ستستغل الشدة وتعرض أجوراً متدنية، والتي تقبل بها شريحة كبيرة من المجتمع.
8-الميزات التي تقدمها الوظائف الحكومية من تأمين صحي وتقاعد وسلطة وتأثير، مما يجعل الحكومة تدفع أجوراً متدنية لاعتقادها بأن لهذه المميزات ثمن معنوي مهم.
إن زيادة رواتب موظفي الدولة قد تنعكس على معدلات التضخم فتؤججها ارتفاعاً كما يؤكّد الاقتصاديون، غير أن ترك رواتب الدولة في هذه المستويات المتدنية سيجعل (ثقافة الرشوة) تتجذّر في مجتمعاتنا، ليصبح تكلفتها على الاقتصاد والعدالة الاجتماعية والأخلاق أكثر من أثر تفاقم معدلات التضخم في النتيجة.