تُشير دراسة حديثة إلى أنه حين يتعلق الأمر بالرياضة، فإن التمرين لا يقُودُكَ بالضرورة إلى الإتقان. ففي الواقع، التمرين -بالنسبة لنا نحن العاديين الذين يطمحون أن يصبحوا رياضيين- لا يُمَثِّلُ إلا 18% من قدراتنا، الرقم الذي ينخفض إلى 1% فقط في حالة النخبة من الرياضيين.
تشير النتائج إلى تواجد عوامل أخرى تعمل إلى غالباً داخل عقول كِبَار الرياضيين وأجسامهم، مثل الوراثة، والشخصية والذكاء، أشياءٌ لا يَسَعُك بالتمرين وحدَهُ تغييرها، مهما حاوَلت. بعبارةٍ أخرى، قد ترغب في النظر فيما تقضي ساعاتك ال 10000 الثمينة في فِعلِه.
(خرافة ال10000 ساعة : تبيّن انّ قضاء الفرد 10000 ساعة في التمرين على اي مهارة كفيلٌ باتقانها!…و سننشر لاحقاً -ان شاء الله – تفاصيل ظهورها).
استهدفت هذه الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين من الولايات المتحدة ونيوزيلاندا، معرفة مقدار التمرين الذي أثَّر فعلياً على آداء الرياضيين، وذلك من خلال دراسة 52 مجموعة بيانات، تشمل ما مجموعه 2765 مُشارِك يمارسون مجموعة متنوعة من الألعاب الرياضية بمستويات مهارة مختلفة.
حين انتهى الفريق من معالجة البيانات، وجدوا أنه رغم أن التمرين حيوي لتنمية المهارات سريعاً، إلا أن أهميته لا تكاد تبلغ تلك التي نمنحها إياه، خاصة حين تكون قد فهمت الأساسيات بالفعل.
صَرَّح الباحِث المسؤول بروك ماكنمارا من جامعة كيس وسترن ريسرف في الولايات المتحدة لطلال الخطيب من وكالة أنباء ديسكفري قائلاً: ’’رغم أن المِرَان ضروري لصفوة الرياضيين لبلوغ مستوى عالٍ من المنافسة، إلا أنه يتوقف بعد نقطة معينة عن التمييز بين الناجح و بَالِغ القمة‘‘.
بل يبدو أن براعة الرياضيين تنبثق من نواحٍ أخرى، مثل العوامل الوراثية التي تحدد كتلة العضلات، والعوامل النفسية كالثقة والرُّهَاب، والعوامل العقلية وقدرة الذاكرة.
يقول الباحثون أن هذه العوامل تكون مسؤولة عن نسبة كبيرة (82%) من مدى جودة آداء الرياضيين خلال المباراة، ويُعَوِّض المِرَان ببساطة النسبة المتبقية (18%).
بمجرد أن يبلغ المرء مركز النُّخبَة، لا يكون التمرين مسؤولاً سوى عن 1% من إجمالي الآداء الرياضي، ومع ذلك يُدرِك الفريق أن فهم تحليل الأمر بالكامل فهماً تاماً سيستغرق وقتاً طويلاً.
صرَّحَ ماكنمرا اليوم لجايمس ماكنتوش من أنباء الطب قائلاً: ’’حين ننظر إلى العوامل المتعددة، فلا أظن أننا سنتمكن حتى من التنبؤ –بنسبة يقين 100%- بأداء شخص ليس في الرياضة فحسب، بل في أي نشاط‘‘، ’’لكن بوسعنا أن نُبلِيَ أفضل مما نفعل حالياً‘‘.
ليست هذه المرة الأولى التي يتناول فيها الباحثون مفهوم ’’المِران-لو التمرين- طريقك إلى الإتقان‘‘، ففي عام 2015، وجد فريق دولي من علماء النفس أن التمرين المدروس لا يُمَثِّل سوى نحو ثُّلُث الفَرق في مستوى المهارة.
ذكرت فيونا ماكدونالد في تقريرها لنا ما يلي:
’’وصل الباحثون إلى هذا الاستنتاج بعد تحليل البيانات التي جمعتها ست دراسات سابقة لمباريات الشطرنج (مجموع 1082 شخصاً) وثمان دراسات للموسيقيين (628 شخصاً)، والبحث عن أي علاقة مشتركة بين التمرين والنجاح. وما وجدوه –حسناً- كان أنه لا يوجد علاقة، وكما وجدوا اختلافاً كبيراً في مدى حجم الدور الذي يبدو أن التمرين قد لعبه في النجاح.‘‘
تَضرِبُ كل هذه النتائج بالمفهوم الشائع الذي مفاده أن إتقانك لمهارة ما يستغرق 10000 ساعة من المران عرض الحائط، وهو رقم أشَاعَهُ مالكوم جلادويل عام 2008 في كتابه بعنوان استثنائيون ’’Outliers‘‘.
رغم أنه من المؤكد أنه يلزمنا المزيد من البحث حتى نَعِيَ تماماً ما الذي يحدد حقاً مستوى مهارتنا في نواحٍ معينة من الحياة، إلا أنه أصبح أمناً أن نقول أن التمرين له قيمته، لكنه لا يسير بنا إلا لمسافة محدودة.
نُشِرَت النتائج التي عثر عليها هذا الفريق في مجلة العلوم النفسية ’’ Psychological Science‘
.